الحافظ لـ«البناء»: إنشاء «بنك التنمية» ركيزة أي عملة جديدة أو سلّة عملات

أدونيس كيروز

اختتمت القمّة السادسة لدول البريكس أمس أعمالها بعدما عُقدت على مدى يومين في البرازيل في حضور قادة دول المجموعة وهي: البرازيل، وروسيا، والصين، والهند، وجنوب أفريقيا، والتي تضمّ أكثر من 40 في المئة من سكّان العالم، و20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

ووقّع زعماء الدول الخمس الأعضاء في مجموعة البريكس للاقتصادات الناشئة على اتفاق، لإنشاء مصرف جديد للتنمية وصندوق لاحتياطيات الطوارئ، بغية الحدّ من هيمنة البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي، إذ إنّها تعتبر نفسها غير ممثلة في المؤسّستين في الشكل الكافي.

وأعلنت رئيسة البرازيل ديلما روسيف عن الاتفاق أثناء القمة، أنّ «بنك التنمية الجديد» سيتّخذ من مدينة شنغهاي الصينية مقراً له، وستكون الهند أول رئيس له، وسيساعد في احتواء آثار خفض الولايات المتحدة لبرنامج الحفز الاقتصادي».

وسيكون رأسمال مصرف التنمية 50 مليار دولار ليصل في ما بعد إلى مئة مليار، أمّا صندوق الاحتياط فسيوفر 100 مليار دولار، تقدّم 41 ملياراً منها الصين، وكلّ من روسيا والبرازيل والهند 18 ملياراً بينما تقدّم جنوب أفريقيا 5 مليارات.

وفي حديث لـ«البناء» وتعليقاً على أعمال القمة، أشار الخبير في الاقتصاد الدولي الأمين العام للمنتدى القومي العربي زياد الحافظ إلى أنّ «إنشاء المصرف هو ركيزة أي عملة جديدة أو سلّة عملات في المستقبل»، لافتاً إلى أنّ «هناك حاجة كبيرة إلى إنشاء عملة جديدة، وذلك لكسر الأحادية الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، بالتالي فإنّ أي عملة لن تكون خاضعة لمزاجيّة معيّنة كما هو الحال اليوم مع السياسة الأميركية».

وعن الحجم الحالي لمبلغ الاحتياط في «بنك التنمية الجديد»، أشار إلى أنّ «مبلغ الـ100 مليار دولار صغير لكنّه كافٍ، مضيفاً إنّ «حجم المبادلات التي ستعتمد على أي عملة جديدة أو سلّة عملات هو الذي يحدّد الحجم في ما بعد».

كما لفت الحافظ إلى أنّ «دول البريكس دول واعدة وتستطيع منافسة الغرب وبعد عشر سنوات، ستعتمد هذه الكتلة الاقتصادية والجغرافية على نفسها أكثر»، مشيراً إلى أنّ «أي تحدٍّ أمام هذه الدول خلال عملها قابل للحلّ أو المعالجة، وباستطاعة قادة البريكس أن يتجاوزوها». ورأى أنّ هذه الدول «تدرس جدّياً توزيع المهمات من دون أن يفرض أحد قراره على الآخر، وعلى رغم ظهور بعض التناقضات، إلا أنّ الجدّية موجودة لإيجاد الحلول والمضي قدماً. مثلاً وبعكس التوقّعات الأميركيّة، شارك رئيس الوزراء الهندي الجديد نارندرا مودي في القمّة، بل دافع عنها وذلك لأنّ المصلحة الاستراتيجية للهند فوق الاعتبارات الظرفية»، مضيفاً: «إنّ الخطاب العدواني الأميركي تجاه الصين سيسهّل ويسرّع من وصول دول البريكس إلى نتائج ملموسة»، كما أشار إلى أنّ «توزيع المهمات هو التحدّي الأكبر، إلا أنّ الجدّية عند هذه الدول وقادتها ستزيل العقبات».

وفي ما يتعلّق بحجم «البريكس» وتأثيرها، لفت الحافظ إلى أنّ هذه الدول تشكل تعاوناً اقتصادياً جديداً في العالم، وكتلة اقتصادية توازي أو تَحُدّ من الهيمنة الغربية وخصوصاً الأميركية، وقد تجرّ معها دولاً إضافية كدول أوراسيا بالإضافة إلى إيران»، التي وبحسب الحافظ «ستكون الدولة السادسة في «البريكس» بعد معالجة الملفّ النووي، إذ إنّ حجم إيران هو بمثابة دولة عظمى في المنطقة، أهمّ من نيجيريا وتركيا وهي توازي البرزيل».

وعن الدول التي ستستفيد من أموال المصرف الجديد في مجال التنمية، قال الحافظ: «إنّ دول المجموعة هي التي ستستفيد من هذه الأموال في الوقت الحاضر، لكنّ كل دولة من دول البريكس ستدعم دولة في جوارها. وعلى سبيل المثال لا الحصر، تقوم جنوب أفريقيا بمؤازرة زيمبابوي، كما سيكون للقارّة الأفريقيّة قطبان في المستقبل، الأوّل في الشمال وهو مصر، والثاني في الجنوب وهو جنوب أفريقيا».

وتطرق إلى «بناء خطّ الغاز الذي تحضّر له الصين من شنغهاي إلى البحر الأبيض المتوسّط»، موضحاً أنّ كلفته هي تقارب «تريليار دولار أميركي وهذا أكبر من العقد الأخير الذي وقّع بين روسيا والصين».

وأشار الحافظ إلى أنّ هناك «تركيزاً على جعل الاقتصاد الآسيوي بديلاً للاقتصاد الغربي، لافتاً إلى أنّ «الطبقة الوسطى في الهند والصين ستصبح بعد عشر سنوات الأكبر في العالم، فالسوق الاستهلاكية في حاجة إلى طبقة وسطى وبالتالي فإنّ الصين لن تكون في حاجة إلى التصدير إلى الولايات المتّحدة، ولا لسندات الخزينة التي تحملها اليوم والتي ما زالت في حاجة إليها من أجل تمويل صادراتها إلى أميركا».

وعن أهميّة الاتفاقات التي تقوم بها روسيا عبر الاتحاد الاقتصادي الأوروبي- الآسيوي مع الدول المجاورة لها، لفت إلى أنّ الغاية من الأزمة في أوكرانيا المرتبطة بهذه الحركة الاقتصادية، هي قطع العلاقة بين روسيا وأوروبا عامّةً وألمانيا تحديداً، إذ إنّ روسيا في حاجة إلى التكنولوجيا الألمانية من أجل تطوير وتنمية صناعاتها التحويليّة، إذ لا يكفي تصدير السلاح والغاز، بل يجب دعم الصناعة التي من شأنها أن تنتج البضائع التحويليّة». وأضاف: «إنّ تثبيت أوراسيا يهمّش الواقع الأميركي فقد أصبحت هذه الدول سوقاً واحدة، ناهيك عن البنى التحتية الاقتصادية في آسيا وموقعها كسوق للشركات الألمانية والأوروبية». وتابع: «هناك مشاريع مهمّة في منطقة آسيا سيكون لها تأثير كبير في منطفتنا أيضاً، ليكون هذا الازدهار الاقتصادي في آسيا لا مثيل له في تاريخ البشرية، مقابل تراجع في أوروبا وأميركا إذا لم تلتحقا بهذا الاقتصاد».

وأشار الحافظ إلى أنّ «الصين لن تستطيع، وحدها، أن تواجه التحريض الأميركي ضدّها في جنوب شرق آسيا، وبناءً عليه قامت بتوثيق علاقتها بروسيا ممّا ولّد نتائج اقتصادية وسياسية إيجابية، وإذا تكرّست، ستسطيع الصين جذب دول مثل كوريا الجنوبية، وإندونيسيا، وماليزيا، ونقلها من فلك الولايات المتّحدة إلى فلكها».

كما أشار إلى أنّ «دول البريكس تقوم اليوم بتحضير عدّة العمل عبر إقامة المؤسسات التي من شأنها أن تساهم في تحقيق الأهداف النقدية والاقتصادية الكبيرة»، مضيفاً: «من بين دول أميركا اللاتينية، ستكون فنزويلا أوّل المنضمّين إلى المجموعة، وأنّ مجموعة البريكس ليست ظاهرة ظرفيّة، بل ستتكرّس وتنمو».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى