«حكايا حبّ»… شعر موزون يتوشّح بالعاطفة

محمد خالد الخضر

«حكايا حبّ»، مجموعة قصائد للشاعر جمال فارس زهر الدين، تضمّنت عدداً من المعاني الإنسانية والاجتماعية والعاطفية والفلسفية، بأسلوب موزون التزم الموسيقى في كافة قصائده، واختلف المستوى، فبعضها تميّز بدلالاته، وبعضها الآخر تراجع قليلاً، إلا أن العاطفة غلبت على السواد الأعظم من قصائد المجموعة.

في قصيدته «أغنية الشجرة»، أنسن الشاعر الشجرة، ودفعها إلى الكلام الذي يعبّر عن عواطف إنسانية نبيلة، وعن مناقب تمنّى الشاعر أن يتحلى بها البشر. معتبراً أن الصفات الحسنة هي التي تنتشر حبّاً في المجتمع، بعدما استخدم الشجرة دلالةً للوصول إلى معناه، حتى يبتعد عن المباشرة كقول:

الحبّ في جذري وفي أغصاني

ظمآن يسألني عن الظمآن

كم أشرب الأنوار أنسج خضرتي

منها أنا أحبّ بلا شطآن

ويعتبر الشاعر أنّ الإنسان الوفيّ يبقى محافظاً على محبّة الآخرين وعلى الودّ والوفاء لهم، حتى لو غلب عليه الألم والقهر والظلم، لأنه لا يمكن أن يحمل حقداً أو ضغينة. فكانت قصيدة «آلام وآمال» ذات انسياب رقيق وشفّاف، انسجمت فيها الموسيقى والرويّ والألفاظ، ما جعلها رابطاً بين الأصالة والمعاصَرة، كقوله: عجباً لجفن العاشق السهران

يبكي ومن يهواه في الأجفان

أدمنت دمعي يا حبيب فخمرتي

دمعي وما أحلاه من إدمان

وتتجلّى النزعة الصوفية في قصيدة «الحلاج شهيد العشق»، ليعبّر الشاعر عن رؤاه الإنسانية والكونية، وليعطي العشق معنى إنسانياً متألقاً بين المعاني، بعدما عوّض عن العاطفة الشعرية بالفكرة التي تكوّنت في النصّ الشعري، ودارت حولها تحوّلات القصيدة كقوله:

عشق سقا الشعر من طوفان نيراني

فثار من كلّ حرفٍ ألف بركان

يا فارس العشق يا حلاج لو شربوا

ممّا شربت لباحوا بوح نشوان

وفي قصيدة «فناء الذات»، تبدو المعاني والدلالات بشكل واضح في إعطاء الإنسان صفة واحدة قبل الموت وبعده. فعلى الإنسان ألّا يخاف منه لأنه مصيره المحتوم الذي يجب أن يضعه أمام واقعه الحقيقي. إذ ظهر النزوع الفلسفيّ جليّاً في مكوّنات بالقصيدة:

فوق التراب مشوا لكنهم مثل من

تحت التراب فلا تأبه لأموات

أين الأولى شربوا قبل الكروم ومن

كأس تفيض عليهم بالمسرّات

كما أظهر الشاعر مناقب كبير شعراء الفلاسفة أبي العلاء المعرّي، وأوضح كيف عوّض بالشعر والفلسفة عن النساء والأولاد وملذّات الحياة. كما عرّج على موقف أبي العلاء من صالح ابن مرداس الذي جاء على رأس جيش ليغزو المعرّة، فأقنعه بأبيات شعر. إلّا أنّ القصيدة لم تتمكّن من المحافظة على مستواها الفنّي، فكانت خاتمتها أضعف من مقدّمتها. فقال في قصيدة «وردة إلى أبي العلاء المعرّي»:

يا شاعراً عاش للأقدار منفردا

رأى بها الزوجة والأهلين والولد

فجاءه النحل من أقصى البلاد غدت

دار الحبيس بمن رام الشذى بلدا

بأحرف ردّ عن أهليه قال لهم

نجّ المعرّة ربّ فاشكروا الأحد

وتغنّى الشاعر بمحافظته السويداء التي رأى فيها الكرم والحبّ والجمال والطبيعة الخلابة، إذ سلّط الضوء على كثير من بهائها وجمالها، فقال في قصيدة «يا سويداء»:

يا سويداء أنت أمّ السخاء

أطعمي الأرض من كروم السماء

ضمّد القلب بالجمال يسهم

من جمال العيون كان شفائي

كم بقلبي سكبت قلبك شعراً

يتغنّى بشمسك الخضراء

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى