الجيش السوري على أبواب الحدود الأردنية… وواشنطن تواجه الخيارات الصعبة مع موسكو بري يغازل عون… وحكومة «مكهربة»… وغد بعبدا حوار «ممغنط»… وبعد غد «السيد» يرسم التوازنات

كتب المحرّر السياسي

بينما سجلت الصحف الروسية إشارات التمايز الأوروبي عن السياسات الأميركية في الشرق الأوسط، بعدما صارت هذه السياسات على صلة عضوية بالعلاقات بكلّ من روسيا وإيران، وحسابات الطاقة وموارد النفط والغاز والنظرة المتباينة النابعة من مصالح مختلفة بين الطرفين الأوروبي والأميركي، إضافة لارتباط السياسات الشرق أوسطية للطرفين بفوارق تعاملهما مع الإرهاب كخطر حقيقي يدق باب أوروبا بعدما صار خبزها اليومي، ومع قضية النازحين خصوصاً من سورية والعراق والتأثير الاقتصادي والديمغرافي والأمني لكثافة أعداد النازحين في أوروبا بينما تتعامل واشنطن مع ملفي الإرهاب والنازحين كمجالات للاستثمار في تبرير الوجود العسكري، وبيع السلاح، وإدامة الفوضى وإدارتها. وتسجل الصحف الروسية توقعاتها لتقارب أوروبي روسي إيراني تركي لبلورة قوة دفع لمسارات جديدة في الشرق الأوسط، تنطلق من تعامل مشترك مع ملفي الحلّ السياسي في سورية ومساعي التسوية القطرية الخليجية، وتضع التعاون الفرنسي الروسي كمقدّمة لهذا التحوّل، خصوصاً بعد إفشال الحلقة الأهمّ التي رسمتها واشنطن والرياض لإسقاط قطر، وجاء الكلام الإماراتي عن طلاق يمتدّ لسنوات إقراراً بهذا الفشل، فيما وجّهت قطر اتهاماً ثنائياً للسعودية والإمارات بالوقوف وراء قرصنة وكالتها الإخبارية التي اتخذ ما نشر فيها عن لسان أميرها ذريعة لإشعال فتيل الأزمة التي انتهت بقطع العلاقات والحصار. وقد كان لافتاً أن تحفل الصحف البريطانية بالتحليلات التي تقول إنّ زمن التوترات والأزمات ينتقل من المشرق العربي إلى الخليج.

وكان الأهمّ ما نشرته صحيفة «الفايننشال تايمز» بعنوان «الأزمة القطرية ستكون لها تداعيات عالمية». وقال كاتب المقال إنه على مدى السنوات الست الماضية كان هناك عالمان عربيان، الأول عبارة عن عالم مليء بالعنف والتراجيديا، والثاني عالم من البهرجة والعولمة، مشيراً إلى أنّ الدول التي تنتمي إلى المجموعة الأولى هي: سورية والعراق ومصر، أما العالم العربي الثاني فيتمثل في قطر وأبو ظبي ودبي التي ازدهرت فيها السياحة، وأضحت مقصداً للسياحة والترفيه والمال. وأشار المقال إلى أنّ «ازدهار الاقتصاد في هذه الدول الخليجية لم يتأثر بموجة العنف التي اجتاحت باقي الدول العربية، مضيفاً أنهم استفادوا بطريقة غير مباشرة أيضاً حيث أصبحوا ملاذات آمنة في المنطقة»، وأردف أنّ «الجدار الذي يفصل بين هذين العالمين بدأ بالتصدّع، فالسعودية والبحرين والإمارات فرضت حصاراً على قطر بحجة أنّ الأخيرة تدعم الحركات الجهادية في المنطقة لا سيما في سورية وليبيا، لذا فإنّ وهم إبقاء الدول الخليجية بعيداً عن الصراعات التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط، ذهبت أدراج الرياح».

وختم بالقول إنّ «الأزمة القطرية تؤكد أنّ الأيام التي كان يعتقد فيها بأنّ مآسي الشرق الأوسط قد تبقى بعيدة نسبياً عن دول الخليج ولّت إلى غير رجعة».

في سورية سجل الجيش السوري تقدّماً نوعياً نحو خط الحدود مع الأردن، وحقق نقلة نوعية في معارك درعا، بما يجعل مساعي التفاوض نحو التسويات فيها أسرع وأنشط، وتتحدث المصادر المتابعة للتفاوض مع وجهاء درعا وبعض الجماعات المسلحة أنّ الأيام المقبلة ستحمل أنباء ومفاجآت، بينما حقق الجيش تقدّماً في كلّ من ريف الرقة الجنوبي والريف الشرقي الجنوبي لدمشق، وفي حي جوبر الدمشقي وصولاً لمنطقة عين ترما في ريف دمشق، مقترباً من معركة حسم دوما التي دخل الجيش نطاقها الإداري ويواصل التقدّم.

التصعيد الذي افتتحته واشنطن بإسقاط الطائرة السورية المقاتلة فوق الرقة تبعه إسقاط طائرة مسيّرة فوق جنوب سورية، ما دفع موسكو لرفع وتيرة موقفها برفض الدعوة الأميركية للعودة إلى تفاهم منع التصادم الجوي، واضطرار واشنطن للإعلان عن تعديل حركة طيرانها في سورية لتفادي المرور في مناطق العمليات الروسية والوقوع في مرمى صواريخها، بعد إعلان موسكو عن نيتها التعامل مع الطائرات الأميركية كأهداف معادية، ويبدو الكلام الأميركي عن الرغبة بتفادي الصدام والعودة لإجراءات التنسيق صعب التحقق بعدما اشترطت موسكو أن تكون الاتفاقات ثلاثية من الآن وصاعداً، روسي أميركي سوري، وهو ما سعت واشنطن طيلة سنوات لتفاديه.

لبنانياً، تنعقد اليوم الحكومة وقد أتمّت مهمتها في صياغة قانون جديد للانتخاب أبصر النور وشكّل تعهدها الرئيسي في بيانها الوزاري، لتنصرف نحو جدول أعمال مكهرب بملف الكهرباء وسط التجاذبات المحيطة بملفات تلزيم بواخر مستأجرة لتوليد الكهرباء، يرجّح تحويلها ضمن تسوية حكومية لإدارة المناقصات العامة بعد الجدل الذي أثار شبهات فساد حولها، بينما تتجه الأنظار نحو بعبدا التي تستضيف حوار رؤساء الأحزاب، في ظلّ كلام نوعي لرئيس مجلس النواب نبيه بري عن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تخطى الكيمياء والانسجام للحديث عن تطابق، ويراهن رئيس الجمهورية على نقل الودّ المغناطيسي بينه وبين رئيس المجلس ورئيس الحكومة إلى العلاقات بين المشاركين، حيث ستحضر بعض مناقشات قانون الانتخاب وتداعياته ومن ضمنها مصير البطاقة الممغنطة، ليكون موعد إطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يوم الجمعة مناسبة لرسم التوازنات الجديدة إقليمياً ولبنانياً، بعد تطورات الوضع في سورية واتجاهاتها، وإنجاز قانون الانتخابات وزوال المخاطر التي خيّمت على لبنان قبل التوصل إلى التسوية وإبصارها النور.

بري: ما يجمعني بعون أكثر من انسجام

ظللت الأجواء التوافقية على المستوى الرئاسي المشهد السياسي الداخلي بعد جولات ساخنة من المشاورات والمناقشات بشأن قانون الانتخاب الذي أعقب إنجازه دعوة رئيس الجمهورية رؤساء الأحزاب الى لقاء في بعبدا الخميس المقبل للتداول في الملفات الاقتصادية والمعيشية والقضايا الوطنية، ثم توقيع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مرسوم فتح العقد الاستثنائي للمجلس النيابي وعلى رأس جدول أعماله الموازنة وسلسلة الرتب والرواتب.

وفي حين يحضر اللقاء الى جانب رئيس الجمهورية رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري ورؤساء الأحزاب، باستثناء الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي سيمثّله رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد ورئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط ويمثله الوزير مروان حمادة.

ويُطلّ السيد نصرالله الجمعة المقبل في يوم القدس على التطوّرات الإقليمية والمحلية.

وقد برزت أمس، المواقف الإيجابية والانفتاحية التي أطلقها رئيس المجلس النيابي نبيه بري تجاه بعبدا، مؤكداً أن «ما بيني وبين الرئيس عون هو اتفاق وتطابق وأكثر من انسجام. وطالما نحن متمسّكون بالتوافق فلا خوف على لبنان».

كلام الرئيس بري جاء خلال استقباله مجلس نقابة الصحافة برئاسة النقيب عوني الكعكي، وسُئل بري عن علاقته برئيس الجمهورية وانعدام وجود كيمياء بينهما، فقال: «لا توجد كذبة شائعة تعادل هذه الكذبة، فما بيني وبين فخامة الرئيس هو اتفاق وتطابق وأكثر من انسجام».

وتطرّق إلى ملفات الساعة وفي مقدّمها قانون الانتخاب فوصفه بـ «قانون لبناني وتسوية لبنانية توافقية كاملة»، مشيراً الى أن كل فريق سيخسر مقاعد لكن الوطن هو الرابح الأول. هذا القانون نصر حقيقي للبنانيين جميعاً ولتوافقهم، وقد أعطى جرعة تفاؤل وخلق جواً من الاطمئنان. وإذ شدّد على أهمية ووجوب اعتماد البطاقة الانتخابية الممغنطة أو الإلكترونية، مشيراً إلى أننا كنا أول من بادر الى هذا الطرح الذي لقي إجماعاً فورياً من كل الأطراف، قال رداً على سؤال عن إشارة البعض الى الحاجة لتعديل نقاط في القانون الجديد «إذا كان المقصود تعديلات تمسّ جوهر الاتفاق وتمّ رفضها في المناقشات، فهذا لن يمشي». وعزا غياب الزيارة التقليدية الأسبوعية لرئيس الجمهورية إلى «ظروفه الأمنية».

وقالت مصادر قريبة من بعبدا لـ«البناء» إن «كلام بري يتّسم بالإيجابية والرئيس عون متعاون ويتخذ خطوطاً إيجابية لإطلاق قطار الإنماء ومعالجة الأزمات الحياتية ووضع الخطط الإنمائية. وبالتالي رئيس الجمهورية يعوّل على اجتماع بعبدا، وقد أعطى تعليماته وتوجيهاته للمؤسسات كافة لوضع تصورات وخطط على المستويات الاقتصادية والمالية والإنمائية كافة على أن تناقش في مجلس الوزراء وتتحوّل قرارات ومراسيم». وأوضحت المصادر أن «جدول أعمال الجلسة يتضمّن ثلاثة ملفات: تأكيد تحييد لبنان عن الصراع الإقليمي والأحداث في المنطقة والتوازن والحيادية في السياسة الخارجية، دعم السياسة الإنمائية على المستويات كافة، إصلاحات سياسية ودستورية في اتفاق الطائف».

وقالت أوساط نيابية لـ«البناء» إن «قانون الانتخاب هو العقدة التي جمدت المباشرة في طرح الملفات الحياتية والاقتصادية والأزمات التي نعاني منها على بساط البحث، وكما أثر على علاقة الرئاستين الأولى والثانية، لكن بعد التفاهم السياسي على قانون جديد فتحت مرحلة جديدة ولا بد من المعالجة ورئيس الجمهورية فتح مدة العقد الاستثنائي للمجلس لهذه الغاية، ما يؤشر إلى مناخ إيجابي سيسود البلاد حتى موعد الانتخابات النيابية»، ورجّحت الأوساط أن يدعو الرئيس بري إلى جلسة تشريعية الأسبوع المقبل. ولفتت الى أن «الموازنة وسلسلة الرتب والرواتب ستكونان محور النقاش ضمن ورشة عمل نيابية شاملة»، وأوضحت أن «اجتماع لجنة المال والموازنة اليوم سيكون تمهيداً لإقرار مشروع الموازنة الذي أحيل من الحكومة إلى المجلس، وبالتالي سيبتّ المجلس أيضاً بسلسلة الرتب والرواتب».

ونوّهت كتلة المستقبل النيابية بعد اجتماعها في بيت الوسط بفتح الدورة الاستثنائية للمجلس للنظر في ما يستدعي إقراره من قضايا بدءاً من إقرار الموازنة العامة لعام 2017 بعد استنكاف عن إقرار الموازنات العامة لفترة طالت 12 سنة. وفي أهمية التركيز على القضايا التي تهمّ المواطنين.

مجلس الوزراء

وفي سياق ذلك، وفي ظل المناخات التوافقية السائدة، يعقد مجلس الوزراء جلسة عادية في بعبدا، وعلى جدول أعمالها بنود عدة أبرزها خطة الكهرباء التي قدّمها وزير الطاقة سيزار أبي خليل والتي لازالت محطّ خلاف بين مكوّنات الحكومة. وإذ أشارت مصادر «القوات اللبنانية»، إلى أن «موقفنا لم ولن يتبدّل من خطة الكهرباء»، علمت «البناء» من مصادر مطلعة أن «الخلاف على ملف الكهرباء بين وزراء القوات والتيار انتهى بعد موافقة أبي خليل على إحالة الخطة الكهربائية الى دائرة المناقصات لدراستها ولإزالة الشك عن الوزارة بعد الاتهامات بالفساد والصفقات التي طالت الوزارة».

وتوقّعت مصادر وزارية لـ»البناء» أن تأخذ دائرة المناقصات وقتاً طويلاً في دراسة الخطة ومطابقتها مع المعايير الفنية والأكلاف المالية، واستبعدت أن «تنتهي من دراساتها وإبداء رأيها حولها خلال فصل الصيف».

وعن البدائل في ظل أزمة الكهرباء التي يعاني منها المواطن ومع حلول موسم السياحة، أوضحت المصادر أن «لبنان يستجرّ الكهرباء من سورية بحدود 200 ميغاواط بـ 17 سانت وسيتم شراء 100 ميغاواط إضافية بينما ينتج معمل الذوق 200 ميغاواط، وبالتالي سيتمّ تحسين ساعات التغذية ساعتين».

وأشار الوزير أبي خليل بعد اجتماع تكتل «التغيير والإصلاح» برئاسة الوزير جبران باسيل في الرابية، إلى أن «موضوع الكهرباء الحيوي سيكون غداً على طاولة مجلس الوزراء، ونحن ملتزمون بكل ما تكلفنا به الحكومة، ونعمل على تأمين الكهرباء للبنانيين بأقل كلفة على الدولة وعلى المواطن، لأن المعادلة واضحة، فكلما استطعنا تأمين الكهرباء وفّرنا على المواطن. والصراع اليوم يدور بين مَن يريد تأمين الكهرباء، وبين مَن يريد منعنا من تأمينها. ولذلك، وضعنا كل ما وصلنا اليه على طاولة المجلس، بما في ذلك الإجراءات التي اتخذها مجلس الوزراء في عام 2010 والخطة الإنقاذية التي وضعها في 28 آذار عام 2017، وسنضع المجلس في المراحل التي وصلنا إليها والخطوات المناسبة للمرحلة المقبلة».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى