مصدر دبلوماسي: إسقاط الطائرة «الإسرائيلية» تمّ بمباركة روسية

روزانا رمّال

اعلنت الولايات المتحدة الأميركية عن استراتيجيتها الجديدة بالاشتراك بين وزارة الدفاع البنتاغون ووزارة الخارجية، فكان أن أعلن استراتيجية دفاعية واضحة بإعلان واضح وصريح نشر على أساسه الوثيقة الخاصة باستراتيجية الدفاع، لأول مرة منذ عام 2014 بأقل تقدير حسب التقارير الأميركية. وبناء على هذه الوثيقة حدّدت، أولويات وزارة الدفاع «البنتاغون» التي يتوقع أن تنعكس على طلبات الإنفاق الدفاعي المستقبلية. وأصدرت الوزارة نسخة غير سرية من الوثيقة مؤلفة من 11 صفحة فيها تفاصيل هذا التطور الاستراتيجي أو المنهجي الأميركي وتعد الوثيقة التي سميت «استراتيجية الدفاع الوطنية» أحدث إشارة على إصرار إدارة الرئيس دونالد ترامب المتزايد على مواجهة التحديات التي تمثّلها كل من روسيا والصين على الرغم من دعوات ترامب لتحسين العلاقات مع موسكو وبكين.. الوثيقة تقول: «تتّضح بصورة متزايدة رغبة الصين وروسيا في تشكيل عالم يتّسق مع نموذجهما السلطوي… اكتساب سلطة تتيح لهما نقض قرارات الدول الاقتصادية والدبلوماسية والأمنية»..

تلمح الوثيقة بطريقة أو بأخرى الى تراجع التفوق الأميركي في العالم والى رغبة باقتسام ما سُمّي مسؤولية الحفاظ على الأمن في العالم بعد أن بدت روسيا أكثر جرأة في استخدام القوة.

الكلام الواضح أميركياً يدخل حسابات جديدة بعد أن تم إسقاط طائرة «اف 16» الأميركية الصنع عبر الدفاعات الجوية السورية في الوقت الذي أعلنت فيه واشنطن نيتها البقاء في المنطقة، بعد ان كانت قد اعلنت عن استراتيجية انسحاب من العراق وأفغانستان على جدول اعمال الرئيس السابق باراك أوباما. وبهذا الاطار يصبح الوجود الأميركي في سورية مدعاة تساؤل بعد كل هذه التحولات وبعد انكشاف السلاح الأميركي الذي أتى لحماية «إسرائيل»، وإذ به ينكسر بإسقاط الطائرة المقاتلة بشكل مفاجئ، وبدون أن تتوقع واشنطن تصعيداً بهذا الشكل. هذا مع الاخذ بعين الاعتبار «المباركة» الروسية لإطلاق الصاروخ من الدفاعات السورية كحليف أساسي وبقرار سوري «بحت»، حسب مصدر دبلوماسي رفيع لـ «البناء». ويتابع المصدر «بالنسبة للوجود الأميركي في سورية أو المنطقة، هناك اعتقاد أن واشنطن ستتراجع عن هذا القرار. فالأمور لم تعُد كما كانت وبعد التقدم الذي أحرزه النظام السوري الى جانب حلفائه صار من الصعب التمسك بقرارات من هذا النوع قبل انكشاف واقع الميدان وكل ما يدور في الشمال السوري اليوم بدعم أميركي وتنفيذ تركي ليس سوى محاولة للمزيد من الاستنزاف العسكري وتحقيق أكبر قدر من الإرباك في صفوف حلفاء روسيا».

الأسئلة حول الوجود الأميركي في المنطقة، خصوصاً وضع استراتجيات المواجهة المبنية على القوة بوجه روسيا بعد أن ساد اعتقاد أن الأميركيين سيفرغون المنطقة الى روسيا ويتجهون نحو آسيا وأفريقيا تضع التطور الجديد في لبنان على المحك بدوره. فالوفود الأميركية المتوجهة الى لبنان من بينهم وزير الخارجية ريكس تيلرسون وقبله مساعده دايفيد ساترفيلد الذي حضر للزيارة كلها تأتي من اجل استطلاع إمكانية حماية الحصة «الإسرائيلية» أولاً وإبعاد الشركات الروسية عما يعرف بعمليات التلزيم والتنقيب. وبهذا الاطار يمكن تفسير أكثر من خطوة أميركية وأكثر من تطور باتجاه تعديل السياسة الأميركية والاسراتيجية في إدارة العملية السياسية والعسكرية.

لبنان هو أحد ابرز نقاط الجذب الأميركي في الفترة المقبلة بسبب النفط الذي صار يوماً بعد آخر واقعاً وصار على «الإسرائيليين» التعاطي معه من منظار تمسك لبناني واسع بالتحدي حتى النهاية دفاعاً عن الحصة اللبنانية المتمثلة بالبلوك البحري رقم 9. وهو ما يعني أن «إسرائيل» أمام مأزق جدي يتطلب رعاية أميركية وواحداً من أسباب تمسك واشنطن بإطالة عمر الأزمة السورية للبقاء في الأفق الحاكم لخطوط النفط والغاز. هو هذا التطور النفطي. فكما أتت واشنطن الى العراق من أجل النفط ها هي تعزّز وفودها التي تسارع نحو لبنان من أجل تقديم ملف كامل متكامل لوزارة الخارجية الأميركية ودراسة ما يمكن العمل عليه لحماية «إسرائيل».

المشكلة التي استجدّت تتمثل بتهديدات وزير الدفاع «الإسرائيلي» بمنع لبنان من الحصول على حصته في بلوك 9 التي يعتبرها حقاً لـ«إسرائيل» وتلميحه بحرب من أجل توتير الأجواء وإبعاد الشركات التي تنوي الالتزام بالمشاريع النفطية المستجدّة. فصار تبرير التمديد الأميركي لسنوات أكثر قرباً للتفسير بعد أن ارتفعت أسهم اندلاع مواجهات بين «إسرائيل» ولبنان و«إسرائيل» وسورية، اذا استمرت الامور على ما هي عليه. كل هذا قبل كارثة اسقاط الطائرة المقاتلة «اف 16» التي ستكبل «إسرائيل» في شن طلعات جوية وحروب مقبلة.

ليس القلق العميق الذي زرعته العمليات الميدانية للجيش السوري وحلفائه في سورية في القضاء على الإرهاب والتنسيق الروسي السوري الإيراني الرفيع المستوى رفع من منسوب المخاطر المحدقة المقبلة بـ«إسرائيل» والولايات المتحدة على تنفيذ وعود ترامب بنقل السفارة الأميركية الى القدس. وبمعنى اخر بحث مصير «الدولتين» وما تبقى من آمال. يقول مصدر متابع إن «إسقاط الطائرة لن ينسحب فقط على الحسابات الميدانية، بل على مجمل القضية الفلسطينية التي أخذت جرعة من الأمل القادر على الوقوف بوجه أطماع «إسرائيل» في إلغاء حقوق الفلسطينيين فمن غير الممكن سكوت حركات المقاومة عن أي تطور من هذا النوع من دون التحرك في داخل الأراضي المحتلة وخارجها. فكيف بالحال إذا تعمق التشابك بين الفصائل المسلحة وقوى الحلف الإيراني السوري؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى