نتنياهو يطلق رصاصة روليت غزة على رأسه لبنان: «هبة ثلج وهبة نار» بين السلسلة والتمديد للمجلس

كتب المحرر السياسي

منذ ما قبل بدء الحرب على غزة، وكلّ تحذيرات الاستخبارات العسكرية «الإسرائيلية» ترتكز على مجموعة نقاط أبرزها، خطر نجاح المقاومة باختطاف أحد الجنود أو الضباط وبالتالي تغيير مجرى الحرب، والتحكم بمسارها، لأنه في تلك اللحظة سيكون محسوماً أنّ أيّ اتفاق لوقف النار سيتضمّن إطلاق مفاوضات على تبادل للأسرى، ينتهي بالإفراج عن الأسرى الفلسطينيين الذين رفضت حكومة نتنياهو صفقة الإفراج عن بعضهم، وأفشلت بسبب ذلك مفاوضات السلام مع السلطة الفلسطينية، وتسبّبت بغضب إدارة باراك أوباما التي اعتبرت نجاحها السياسي الأبرز الذي يعوّض كلّ فشلها، هو وصول المفاوضات الفلسطينية «الإسرائيلية» إلى اتفاق سلام تعتقد واشنطن أنه يوفر بوليصة تأمين مستقبلية لـ«إسرائيل» في مرحلة ما بعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان، وتنامي الوزن النوعي لقدرات سورية وإيران وحزب الله، وما سيرتبه ذلك من مخاطر حرب تشبه حرب عام 1973، كان السعي لإحباطها أبرز أسباب ما جرى تصنيعه لخراب سورية وتدمير جيشها.

وقع الضابط «الإسرائيلي» هدار غولدين أسيراً فوقعت «إسرائيل» كلها معه في الأسر، وبعدما طارت القبة الحديدية وصارت تنكة مثقوبة، تصلح منخلاً أو غربالاً لتمرير أحجام الصواريخ وقياسها، وتالياً القيام بعدها، وصار لواء النخبة جولاني شتاتاً وعصفاً مأكولاً، وصارت المدن «الإسرائيلية» الكبرى كما المستوطنات تمضي ساعاتها في الملاجئ، بقي نتنياهو يستسهل لعبة الروليت مع غزة، أملاً بأن تصاب المقاومة بالطلقة الملآنة ويكون حظه الطلقات الفارغة.

الطلقة التي كان يراهن على إصابة بها فتصيب رأس المقاومة، هي نفاد مخزون الصواريخ النوعية قريباً، فكان كلّ يوم يشهد منها عشرة صواريخ من ضمن سلة المئة صاروخ اليومية، فتصل نحو المدن البعيدة وخصوصاً تل أبيب، أو انفكاك الحاضنة الشعبية للمقاومة من حولها بسبب كمية الدم المسفوك يومياً والمجازر وحرب الإبادة التي تخوضها «إسرائيل».

لعبة روليت غزة بالنسبة لنتنياهو كانت تخيفه من طلقة ملآنة اسمها طول أمد صمود المقاومة وشعبها، وكانت أوساطه تتحدث عن الخشية من اليوم الخامس والثلاثين من الحرب موعد بدء الخطر الحقيقي للصراخ من الداخل «الإسرائيلي» والخارج الدولي لإجباره على قبول ما لا يقبل، وقد بدا أنّ بلوغ هذه النقطة مسألة وقت لا أكثر، لكن كلفة الوقت الدموية باهظة على الشعب الفلسطيني فهي ستعني قتل أكثر من ألف مواطن أغلبهم نساء وأطفال، لكن في كوابيس نوم نتنياهو كانت الطلقة المرعبة هي نجاح المقاومة في أسر جندي أو ضابط على قيد الحياة، بما يغيّر مجرى الحرب وينقل المبادرة كلياً إلى يد المقاومة، ويجبر «إسرائيل» على بدء الاستعداد على رغم الصراخ المرتفع بالتهديد، للنزول عن شجرة الحرب ودخول مسار التفاوض المؤلم لوقف النار وتبادل الأسرى.

وقع المحظور، فاشتعل الغرب وبعض المواقع العربية للقضية «الإنسانية» اسمها ضابط في جيش العدوان والقتل سينام خارج سريره العائلي، قيل هذا بكلّ وقاحة على رغم مشهد ألف وخمسمئة شهيد وقرابة العشرة آلاف جريح أغلبهم نساء وأطفال وشيوخ، وقيل هذا على رغم حرب الإبادة وكلّ الدمار والخراب، لكن كلّ ذلك ضجيج وغبار مرّ مثله في بدايات حرب تموز 2006، التي انتهت بتفاوض أفضى إلى صفقة تبادل فخرج الأسرى من السجون «الإسرائيلية» وعلى رأسهم عميدهم سمير القنطار، الذي جعلته «إسرائيل» خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه.

المقاومة تمسك «إسرائيل» وكلّ داعميها من العرب والغرب من أعناقهم، وقد أثبتت أنّ اليد التي تجعل «إسرائيل» تصرخ وتجعل حلفاءها يهرولون لا تزال بمطاول أيادي المقاومين.

في القاهرة ارتباك وفي واشنطن تلعثم، واليوم سيتبلور مصير المفاوضات بعدما تبدّلت أشياء كثيرة يطغى عليها الضجيج لكنه لن ينجح في تغييبها.

مع المتغيّرات المتسارعة في المشهد الفلسطيني، لبنان المتريّث «هبة ثلج وهبة نار» في الانتظارات الموضوعة على النار، وخصوصاً سلسلة الرتب والرواتب، ومستقبل المجلس النيابي بين انتخابات لا تبدو متاحة، وتمديد يبدو شبه محسوم لكنه يتيم بلا أم وبلا أب.

«المستقبل» يوغل في التعطيل

في هذا الوقت، بقيت الاستحقاقات الداخلية الداهمة من الاستحقاق الرئاسي إلى سلسلة الرتب والرواتب وما بينهما إعادة الحياة للجلسات التشريعية لمجلس النواب «أسيرة» المزاجية لفريق 14 آذار بدءاً من تيار «المستقبل»، الذي يربط تحريك المؤسسات الدستورية ومعالجة الملفات الحيوية بما يتوافق مع الحسابات الفئوية وارتباطاته الخارجية.

شروط السنيورة لإقرار السلسلة

وإذا كان ملف الانتخابات الرئاسية سيبقى في دائرة المجهول إلى فترة غير محددة، وهو الأمر الذي أفضت إليه تصريحات رئيس كتلة «المستقبل» فؤاد السنيورة من بكركي أمس بدعوة الفريق الآخر إلى تأمين «نصاب جلسة الانتخاب وترشيح من يريد للانتخابات»، فإن ملف السلسلة لا يبدو أنه أحسن حالاً في ظل إصرار السنيورة وحلفائه على مجموعة اشتراطات لحضور الجلسة التشريعية لإقرارها، تبدأ من الأخذ بسلسلة لجنة «جورج عدوان» التي تنسف حقوق المعلّمين والموظفين، إلى رفض إعطاء المعلّمين 6 درجات ومروراً بتخفيض أرقام السلسلة بين 15 و20 في المئة، وانتهاء برفع الضريبة على القيمة المضافة واحد في المئة على كل السلع.

وعلى رغم الإعلان الشكلي لكتلة «المستقبل» وحلفائها بعدم الممانعة بإقرار السلسلة، فإن الاجتماع الذي عُقد ليل أول من أمس بين السنيورة وكل من وزيري المال والصحة علي حسن خليل ووائل أبو فاعور أظهر الإصرار المبطن للسنيورة وفريقه بضرب السلسلة، بل حتى برفض إقرارها من خلال التمسك بـ«اللاءات» نفسها المذكورة سلفاً والتي أدت ليس فقط إلى عدم إعطاء الحقوق لأصحابها، بل انعكس هذا التأخير بشكل سلبي جداً على المالية العامة، بالإضافة إلى وضع مصير أكثر من مئة ألف طالب في دائرة المجهول، وهو ما أشار إليه الوزير خليل بعد لقائه هيئة التنسيق النقابية أمس.

لا جديد في الاتصالات حول السلسلة

وعلى هذا الأساس، فلم تنجح الاتصالات التي حصلت في 24 ساعة الماضية في التوصّل إلى تسوية لموضوع سلسلة الرتب والرواتب، وبالتالي فتح الباب أمام تسيير عجلة الدولة على المستوى التشريعي بعد أن فاجأ تيار «المستقبل» وزير المال والأطراف الأخرى بالإصرار على الشروط التي تفرّغ السلسلة من مضمونها وتحجّمها بشكل يتعارض كلياً مع مطالب هيئة التنسيق أو حقوق المعلّمين والموظفين.

وقالت مصادر مطّلعة لـ«البناء»: «إن هناك سباقاً مع الوقت لإنتاج التسوية وفتح المجال أمام التشريع، لكن السنيورة ما زال يرفض إعطاء الدرجات الست للمعلّمين ويصرّ على ضريبة الـ T.V.A واحد في المئة تماماً كما كان يشترط في الماضي».

وأكدت مصادر نيابية في تيار المستقبل لـ «البناء» أن المشاورات في شأن السلسلة لن توقف، وستستكمل في الساعات المقبلة، للوصول إلى مخرج لسلسلة يحقق التوازن بين الإيرادات والنفقات.

وأشارت المصادر إلى أن «اجتماع الأمس الذي جمع الرئيس فؤاد السنيورة ووزير المال علي حسن خليل ووزير الصحة وائل أبو فاعور كان إيجابياً بمعنى أن هناك جدّية في مقاربة هذا الأمر لناحية وضع النقاط على الحروف في مسائل كانت غامضة في المرحلة الماضية».

خليل يضع عون في أجواء مشاوراته مع السنيورة

إلى ذلك، استقبل رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب العماد ميشال عون في دارته في الرابية وزير المال علي حسن خليل موفداً من رئيس مجلس النواب نبيه بري، في حضور وزير التربية الياس بو صعب، وتم التشاور بموضوع سلسلة الرتب والرواتب.

وعلمت «البناء» أن الوزير خليل أطلع العماد عون والوزير بو صعب على نتائج المحادثات التي أجراها مع الرئيس فؤاد السنيورة والوزير وائل أبو فاعور وقوى 14 آذار التي لم تكن إيجابية بل معاكسة للأجواء التي تحدث عنها النائب جورج عدوان، وأكدت مصادر المجتمعين أن لا نية لدى 14 آذار لإقرار السلسلة في الأسابيع المقبلة، مشيرة إلى أنها ستبقى على تواصل مستمرّ للوصول إلى حل لإقرار السلسلة لإعطاء الحقوق لأصحابها.

بو صعب يتجه إلى اعتماد نتائج امتحانات آخر السنة في المدارس

وأكد وزير التربية والتعليم العالي الياس بوصعب لـ«البناء» أن عدم إقرار السلسلة سيدفعه إلى اعتماد نتائج امتحانات آخر السنة في المدارس، على أن يتم تصديقها في وزارة التربية، لكي يتمكن الطلاب من الدخول إلى الجامعات، وأنه يحظى بدعم الرئيس نبيه بري، والجهات السياسية على علم بهذه الخطوة لا سيما أن مصير الطلاب بات مرهوناً بإقرار السلسلة.

وقد أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زواره مساء أمس على «أولوية استكمال مناقشة السلسلة كونها البند الأول على جدول أعمال أي جلسة تشريعية».

… لقاء وزير المالية مع هيئة التنسيق

وكان الوزير خليل أكد بعد لقائه هيئة التنسيق النقابية أن مسألة سلسلة الرتب والرواتب لم تعد مسألة أرقام أو حسابات، بل أصبحت مرتبطة بالخيارات، هل نريد سلسلة أم لا». وكشف «عن وجود تباينات في اجتماع أول من أمس حول ما يجب أن يعتمد في السلسلة». وقال: «هناك أمور لا تزال بحاجة إلى النقاش»، مكرراً الدعوة إلى الكتل النيابية لمناقشة التباينات في المجلس النيابي. وشدد على ضرورة إقرار السلسلة في أسرع وقت لأن عدم إقرارها ينعكس سلباً على الأمن الاجتماعي وعلى المالية العامة.

أما رئيس هيئة التنسيق حنا غريب، فأكد أن النقاش بموضوع السلسلة عاد إلى نقطة الصفر. وأعلن عن الاستمرار في مقاطعة تصحيح الامتحانات الرسمية. وأشار إلى أن ما يتم مناقشته بين المعنيين ترفضه الهيئة.

أما نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمه محفوض فحذّر من اللجوء إلى إعطاء إفادات لطلاب الشهادات الرسمية لأن ذلك سيؤدي إلى ضرب التعليم في لبنان.

وقالت مصادر هيئة التنسيق إن ما تبلّغته عن مضمون اجتماع أول من أمس خصوصاً ما جرى طرحه من قبل السنيورة فيه انقضاض على الحقوق وعلى قيمة السلسلة. وأوضحت المصادر أن ما يقدم من جانب كتلة «المستقبل» فيه إجحاف كبير ولا يلبي الحد الأدنى من المطالب.

برّي يحذّر من تداعيات المنطقة

على صعيد آخر، نقل زوار عين التينة قلق الرئيس بري من استمرار المراوحة في الوضع السياسي، مشيراً إلى أن الحريق الذي يحيط بلبنان يهدد البلد وأن المطلوب الالتفات إلى معالجة مشاكلنا السياسية ليس من باب حل المشاكل فحسب، بل من أجل تحصين لبنان.

توقيف 7 سوريين في خراج شبعا

أمنياً، تمكنت مخابرات الجيش اللبناني من توقيف 7 سوريين في خراج شبعا والتلال والمنحدرات التي تربطها ببلدة بيت جن السورية، كانوا يحاولون الدخول خلسة إلى شبعا عرف منهم مزدهر فوزي ايات، بعدما تم توقيف 7 سوريين الأسبوع الفائت حاولوا الدخول أيضاً بطريقة غير شرعية وتم تسليمهم إلى مخفر درك حاصبيا.

إخلاء سبيل عطوي

من جهة أخرى أخلت النيابة العامة العسكرية سبيل الموقوف حسين عطوي بسند إقامة نظراً الى وضعه الصحي، بعد توقيفه بتهمة إطلاق صواريخ باتجاه فلسطين المحتلة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى