سورية: ماذا لو نجحت جهود إحياء الهدنة؟

حميدي العبدالله

تبذل روسيا والولايات المتحدة جهوداً كبيرة لإنقاذ اتفاق الهدنة، أو اتفاق «وقف العمليات العدائية» كما جاء في نص الاتفاق الروسي الأميركي في شهر شباط الماضي.

وقد نجحت جهود روسيا والولايات المتحدة في تثبيت الهدنة في كلّ من غوطة دمشق الشرقية وريف اللاذقية، مع حصول خروقات محدودة، وتبذل مساعي، يقوم بها بالدرجة الأولى وزير خارجية الولايات المتحدة لأن تشمل الهدنة مدينة حلب، وربما قبل أن تقع أعين القارئ على هذه الكلمات يكون قد تمّ التوصل إلى اتفاق يقضي بأن تشمل الهدنة حلب. إذا ما حدث ذلك، وهو احتمال مرجّح، ما الذي سيترتب عليه؟

أولاً، ستنعم بلا شك مدينة حلب لمدة أيام وربما أسابيع بهدوء يتيح لسكانها التقاط أنفاسهم، وتضميد جراحهم، وربما دفع من هو قادر على ذلك إلى مغادرة المدينة خشية اندلاع موجة جديدة من القتال تسبّب بما تسبّبت به الموجة الحالية من دمار وخراب ودماء نازفة.

ثانياً، لا تعني هذه التهدئة حلاً، بل إنها ستطيل أمد معاناة الحلبيّين، وتبعد عنهم ساعة الفرج التي ينتظرونها منذ صيف عام 2012 عندما غزاهم برابرة الإرهاب. وطبعاً ليس هذا ما يتمناه سكان حلب، ولا سكان أيّ منطقة سورية أخرى تسيطر عليها الجماعات المسلحة، سواء كانت مصنّفة إرهابية أو معتدلة، لأنّ استمرار سيطرة هذه الجماعات المسلحة على أيّ منطقة، يعني استمرار الصراع والقتال بين هذه الجماعات، حتى وإنْ أوقف الجيش السوري محاولاته لإعادة الأمن والاستقرار إلى هذه المناطق.

ثالثاً، يأمل السوريون، وفي مقدّمتهم سكان حلب، أن تكون الهدنة الجديدة وقفاً نهائياً لاستباحة دماء سكان المدينة، سواء كان ذلك عن طريق حلّ تفاوضيّ يقود إلى دخول الجيش والشرطة إلى المدينة، أو عن طريق الحسم مع الجماعات الإرهابية، ولكن سكان حلب يرفضون رفضاً قاطعاً بقاء أحياء في مدينتهم تحت سيطرة الجماعات المسلحة.

رابعاً، إذا كان الحسم العسكري هو الحلّ، فإنّ سكان حلب مستعدون لدفع الثمن، ولكن لمرة واحدة، وبعدها تكون دماؤهم ثمناً لحريتهم وعودة مدينتهم إلى ما كانت عليه قبل غزوها من قبل الإرهابيين، وغير ذلك من شأنه أن يزيد من معاناة المدينة وسكانها، وهو ما يرفضه بقوة أهالي المدينة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى