عادل كرم يوصل «هيدا حكي» إلى التهريج

جهاد أيوب

الذكاء في الفضائيات يكمن في مراقبة البرنامج الناجح ومتابعته، وصولاً إلى معرفة مدى تعلّق المُشاهد به أو العكس. حينئذٍ، على هذا المراقب معرفة سبب هجران المتابِع وعدم الاكتراث له كما السابق، وفقدان كذبة نسبتها، وبذلك يساهم هذا الذكي في استمرار تدنّي المستوى حتى القضاء على أيّ وسيلة تعمل على تطويره، وهذا حال عدد من برامجنا التي يستهلك نجاحها من دون تحفّظ أو دراسة أو قراءة لطبيعة البرنامج، وأوضاع الناس، والواقع السياسي والاقتصادي والأمني المفروض عليهم بشكل لا يوصف، ما يؤثر على طبيعة اهتماماتهم ومتابعاتهم التلفزيونية.

هذا ينطبق على برنامج «هيدا حكي» ومقدّمه و«بطله» عادل كرم.

لا خلاف في أن البرنامج أحدث ضجة كبيرة، ونسبة عالية في موسمه الأول، والقسم الأول من موسمه الثاني، ولكنه بدأ بالتراجع في القسم الثاني من موسمه الثاني، وتوهانه في اختيار ما تيسّر من ضيوف الفضائح والثرثرة من دون هدف أو حدث، واستغلال مشاهد موجودة على وسائل التواصل الاجتماعي، وتم نشرها في برامج مشابهة، والتعليق على صور مستهلكة، أو البحث عن ألغاز جنسية كي يوضحها ويتم اللمز والغمز عليها. كما أننا وجدناه يعيش عقدة ما يقدّم من برامج مشابهة في القنوات الأخرى، وبالتحديد برنامج زميله هشام حداد «لهون وبس» على «LBC».

بالطبع لم تعد المقارنة تجوز، فالأخير استطاع أن يطوّر أدواته وبرنامجه، ويعرف اختيار ضيوفه من دون حساسية، مع أنه بدأ مربكاً وخائفاً من المقارنة التي حتماً لم تصبّ في صالحة في البداية. وبذكاء، تعمّد هشام تسييس الفقرات من خلال تنوّع ضيوفه من دون إحراج. ورغم أن عادل سبق هشام في تقديم نوعية كهذه من البرامج، إلا أن هشام تقدّم بهدوء، ومن دون شوشرات حتى أصبح برنامجه هو الأفضل.

اليوم، الصورة مع برنامج عادل «هيدا حكي» مختلفة جداً، ومنذ الحلقة الأولى في موسمه الثالث يعيش الإرباك والفوضى، وعجقة فقرات، وإهمال للفرقة الموسيقية، وتكرار التعليق مع أحد الأعضاء حتى وصلت إلى «البياخة»، ومجرد ثرثرات تستجدي التعليق والإضحاك.

برنامج «هيدا حكي» في حلقته الأولى هذا الموسم عبر قناة «mtv» لم يكن موفّقاً، وعادل كرم عليه التخفيف من حركاته المألوفة، وتلميحاته المكشوفة، وتكرار كلامه لم يعد مفيداً، وتعمّد الغمز ومدّ اللسان وفتح الفم والدهشة، كل ذلك يعدّ أساليب اجترارية غاية في الغباء لكثرة تكرارها.

نحن هنا لا نتطاول على موهبة عادل كممثل نقدّرها، ولا ننقص من رشاقته وخفّة ظله وحيويته التي كانت، لكنّها مع التكرار تصبح لازمة مزعجة له، ولبرنامجه، وللمشاهدين. ولو وجد من يراقب ويتابع من دون «مسح الجوخ»، لكانت النتيجة مختلفة كلّياً.

ما وصلنا في موسمه الجديد أكد لنا أن الواجب يتطلّب استراحة المقاتل قبل أن ينطفئ وهجه، ويصبح مجرّد لحظات عابرة. وإن فريق الاعداد أخذ يستسهل العمل لاعتماده على مقدّمه فقط. ومقدّم البرنامج عادل إما هو شاخ على البرنامج وعليه أن يعيد حساباته حتى لا نقول أفلس، وإما استهلك كل طاقته ويتطلب الابتعاد لفترة، يدرس خلالها خطوات الأداء والبرنامج من جديد، أو الاستغناء عنه كلّياً والبحث عن فكرة أفضل وأجمل.

ونظراً إلى هذا التهريج الذي تلمسناه، نخاف أن عادل لم يعد باستطاعته تطوير أدواته وبرنامجه، ولم يمكنه التحكم في نجاحه لكونه استهلك كل ما يملك من موهبته التمثيلية، ولكونه هو دخيل على برامج الحوار والتقديم… الأفضل استراحة طويلة كما أشرنا، وتخطيط جديد، وتطوير البرنامج من الألف إلى الياء حتى لا يخسر نسبة متابعيه أكثر، خصوصاً أن عادل بدأ يأخذه إلى التهريج، والتهريج هنا يعيق التقديم، ويضرّ بالحوار، ويسخّف الضيف والمادة والوقت المتاح.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى