ماذا وراء تفخيخ الخروج المذلّ؟

معن حمية

تعمُّد المجموعات الإرهابية تفخيخ خروجها المذلّ من بعض أحياء شرق حلب، لا يغيّر في واقع الحال شيئاً. فالجيش السوري سجّل مع حلفائه انتصاراً كاملاً في حلب، وهو لم يكن يحتاج لأكثر من بضعة أيام لبسط سلطته الكلية على تلك الأحياء، حتى في ظلّ وجود الذين خرجوا في المرحلة الأولى لتطبيق الاتفاق قبل أن يتوقف في مرحلته الثانية نتيجة خرق المجموعات الإرهابية له.

ما هو محسوم، أنّ الجيش السوري عاجلاً وليس آجلاً سيُطبق على الإرهابيين في الأحياء التي لا تزال تحت سيطرتهم، ليبقى السؤال، ماذا وراء خرق الاتفاق، وعلى مَن تقع المسؤولية؟

تأكيد وزارة الدفاع الروسية بأنّ الذين خرجوا من شرق حلب، هم الذين أبدوا رغبة بالخروج، لكن هذه الرغبة لا تنفي عنهم صفة الإرهابيين الخطرين، خصوصاً أنّ الخارجين اصطحبوا أجهزة حديثة وأسلحة متطورة وأموالاً طائلة ومسروقات هائلة، ومختطفين.

غير أنّ إشارة بيان الدفاع الروسية إلى أنّ مَن لم يخرج هم المتشدّدون والعصابات، تشي بانزعاج روسي كبير من خرق الاتفاق، وتؤشر إلى استئناف سريع للعملية العسكرية السورية حتى سحق هؤلاء المتشدّدين والعصابات.

الدولة السورية التي تدرك أنّ المجموعات الإرهابية لا تقدم على أيّ أمر من دون الرجوع إلى رعاتها، تشدّدت لجهة تضمين الاتفاق بنداً بإخراج الجرحى والمرضى من بلدتي كفريا والفوعة اللتين يحاصرهما الإرهاب، لأنّها تعلم أنّ حصار هاتين البلدتين هو قرار بيد تركيا، وأنّ جدية تركيا في تنفيذ مضمون الاتفاق تقتضي الالتزام بنقل الجرجى والمصابين إلى خارج بلدتي كفريا والفوعة، وهذا ما لم يحصل.

ما هو واضح أنّ المجموعات الإرهابية هي التي خرقت الاتفاق، وأنّ تركيا بوصفها الطرف الرئيس من جهة الإرهابيين هي مَن يتحمّل المسؤولية الكاملة. أمّا الأقلّ وضوحاً، هو إلى ما يرمي الخرق وإفشال الاتفاق؟

يطفو على السطح، أنّ رعاة الإرهاب يحاولون بشتى الوسائل إبقاء الإرهابيين في الميدان الحلبي، ولو في بؤر صغيرة، وهذا كان سبباً رئيساً وراء إسقاط كلّ الهدن التي أعلنت سابقاً في حلب، والتي استفاد منها الإرهابيون لإعادة تنظيم صفوفهم وتنفيذ أعمال إرهابية ضدّ المدنيين والجيش السوري. إلاّ أنّ الخرق الذي حصل بالأمس، لم تسبقه عملية إعادة تنظيم لصفوف المجموعات الإرهابية، إذ تمّ إخراج عدد كبير منهم، لذلك فإنّ خرق الاتفاق إنما تمّ بفعل قرار أميركي ـ تركي مشترك، يقضي بإبقاء آلاف الإرهابيين في شرق حلب، على أمل أن تسهم الحملات السياسية والإعلامية التي انطلقت بوتيرة عالية تحت عناوين إنسانية، في وقف العملية العسكرية السورية!

واضح أنّ الإدارة الأميركية تعتقد بأنّ الحملات التي تقودها لنصرة الإرهابيين ستأتي بنتائج مرضية لها، وأنها قادرة على احتواء الانزعاج الروسي من خرق الاتفاق، عبر فتح معركة سياسية وإعلامية مع روسيا من خلال اتهامها بالقرصنة الالكترونية وتأثيرها على نتائج الانتخابات الأميركية، إلا أنّ روسيا تفهم جيداً كيف تصوّب سهامها في هذه المعركة، هي ردّت سريعاً على الأميركيين بالقول: ابرزوا الدلائل أو اصمتوا. لكن الردّ الأساسي كان في الإشارات الواضحة إلى ضرورة استئناف عملية سحق الإرهاب في أحياء شرق حلب.

هنا تبدو تركيا المنقلبة على التزاماتها في موقف حرج، ماذا ستقول للروس، وبماذا ستبرّر، ولعلّ التبرير الذي ستلجأ إليه هو العودة الى تطبيق الاتفاق كاملاً وبتنفيذ أدقّ.

وعليه، يبقى السؤال الأكبر هو مَن هم الإرهابيون الذين خرجوا من حلب في الدفعة الأولى؟

عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى