هل يختلف ترامب عن أوباما… وعن بوش؟

عبد الحكيم مرزوق

ما الذي يمكن أن يتغيّر إذا جاء ترامب ورحل أوباما، هل ترامب أفضل من أوباما؟ وهل كان أوباما أفضل من جورج بوش الابن السيّئ الذكر…؟ إنّ جلّ رؤساء الولايات المتحدة الأميركية لا يختلفون عن بعضهم بعضاً إلا بالتسميات، وذلك لأنهم يأتون إلى هذا المنصب لينفذوا سياسة الإدارة الأميركية لا لينفذوا السياسات التي يريدونها هم كأشخاص. فالتصريحات الإعلامية التي يعتمدها كلّ الرؤساء في حملاتهم قبل الانتخابات هي تصريحات لا علاقة لها بالمضمون وبمجريات الأحداث التي ستمرّ على العالم في عهد هذا الرئيس أو ذاك، ولذلك لا يمكن لأيّ رئيس أميركي أن يملي على إدارته أية سياسات قد تخلّ بالموازين الدولية أو قد تحرف النهج العام للسياسة الأميركية في العالم على مستوى الداخل والخارج.

يمكن القول إنّ الإدارة الأميركية التي يعتبر فيها الرئيس الأميركي منفذاً لسياساتها فقط هي التي تضع السياسات العامة والخاصة، في الداخل والخارج، على المدى البعيد، وعلى المدى القريب. وكلّ رئيس أميركي يكون دوره تنفيذ تلك السياسات عبر الفريق الذي اختاره لولايته الجديدة، فالعقول والأدمغة التي تحشدها الإدارة الأميركية لرسم سياسات الولايات المتحدة الأميركية لا يُستهان بها، ولذلك فإنّ تلك الأدمغة تضع دراسات وأبحاثاً وتخلص إلى نتائج وتوصيات كلها توضع في سياق السياسات الأميركية على المستوى القريب والبعيد وهناك الكثير من الأدلة التي تؤكد صدق ذلك ومنها على سبيل المثال لا الحصر الحرب على العراق التي لم تكن وليدة اللحظة التي أعطى فيها جورج بوش الابن قرار الحرب فقد كانت تلك الحرب نتيجة لكسر موازين القوى في العالم، وهي جاءت عبر كثير من الدراسات والأبحاث والتي خلصت بالنهاية لإسقاط نظام صدام حسين واحتلال العراق، وهذا بالطبع سبقه الكثير من الإجراءات التي مهّدت لاحتلال العراق الذي كان قوة لا يُستهان بها في المعادلات الدولية المهدّدة للكيان الإسرائيلي من حيث التسليح والقوة الضاربة التي كان يتمتع بها الجيش العراقي، وكلنا يذكر توريط العراق في الحرب مع إيران، وذلك لاستنزاف قوته وإضعافه عبر سنوات الحرب، إضافة إلى توريطه في الدخول إلى الكويت ثم الانسحاب منها تحت ضربات الحلفاء، وكلنا يذكر أيضاً الكذبة الكبرى التي افتعلتها الإدارة الأميركية ووكالة المخابرات الأميركية بادّعاء امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل وكيف تمّ استدراجه عبر مفتشي الوكالة وتدمير أسلحته وصواريخه التي يمتلكها التي كان يمتلكها لإذلاله وإضعافه وذلك لأنه تجرأ وهدّد الكيان الإسرائيلي وضربه بصاروخ من العراق… وما جاء بعد ذلك من حروب كانت أيضاً ضمن مخطط الإدارة الأميركية لتفتيت المنطقة العربية وذلك بعد الهزائم المتكرّرة للكيان الإسرائيلي أمام المقاومتين في لبنان وفي غزة وعدم تمكن الكيان من تحقيق أية أهداف لها عبر الحروب التي خاضها منذ عام 2000 إبان انسحابه المذلّ من الجنوب اللبناني وهزائمه في أعوام 2006 – 2009 وشلّ قدرته العسكرية بفعل الأسلحة المتطوّرة التي امتلكتها المقاومتان.

ولعلّ ما سمّي ثورات «الربيع العربي» كانت ضمن مخطط الإدارة الأميركية التي طالت عدة دول عربية بمؤامرة غربان الخليج ونجحت في بعض الدول كاليمن وليبيا وتونس ومصر ولكنها فشلت في سورية التي صمدت وكانت رقماً صعباً في المعادلة الدولية، وساعدها في الصمود روسيا وإيران ورجال المقاومة الذين كانوا يداً بيد مع رجال الجيش السوري الذين حققوا الكثير من الانتصارات في كافة الميادين السورية، ولعلّ الانتصار الأقوى كان تحرير حلب من براثن العصابات الإرهابية المدعومة من دول الخليج.

هل كان بإمكان أوباما مثلاً عبر عهده برئاسة الولايات المتحدة الأميركية أن يحلّ أو ينهي الحرب على سورية… لا أعتقد لأنّ هذه الحرب أوجدتها الإدارة الأميركية لإنهاء سورية وإلغائها من معادلة الصراع العربي الصهيوني كما فعلت في العراق، ولكنها لم تستطع ولن تستطيع لأنّ إرادة الشعب السوري أقوى من كلّ تلك الإرادات، وهي إرادة انتصرت وستنتصر وتحقق الكثير من الانتصارات في المستقبل.

هل يمكن لترامب أن يغيّر أيّ شيء من الخطط الأميركية والسيناريوات الموضوعة للمنطقة… لا أعتقد لأنه في النهاية موظف يرأس الإدارة الأميركية التي تعتبر أمن الكيان الإسرائيلي من الخطوط الحمراء وتحرص على حمايته وتقديم كلّ الدعم له مع أنّ مصيره الزوال شاء من شاء وأبى من أبى، وهذه هي النتيجة الحتمية له عاجلاً أم آجلاً.

كاتب وصحافي سوري

Marzok.ab gmail.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى