سليم الحص وشوقي يونس

ناصر قنديل

– في بادرتين منفصلتين أقدم كلّ من الرئيس الدكتور سليم الحص والدكتور الطبيب شوقي يونس على مبادرتين، تستدرج كلّ منهما دمعة من العين ورفّة في القلب لشفافية الروح الإنسانية التي تسكن كلاً من هذين الرجلين العظيمين، وتشكّل من كلّ منهما مثالاً لرجل الشأن العام، والرئيس الحص ضمير العرب ورئيس رجال الدولة بينهم لا حزب ولا طائفة ولا ميليشيا وراءه، بل عقله وضميره وحدهما وراءه وقلبه أمامه. وقف أمام زلزال يصيب الضمير يتمثل بالإضراب المفتوح عن الطعام حتى الموت الذي أعلنه الأسرى في سجون الاحتلال، في ظلّ صمت مطبق عربياً وإسلامياً وعالمياً، فما وجد إلا جسده النحيل والمتعَب يقدّم عبره كلمة التآخي التي اشتاق إليها المُضربون من أبناء أمّتهم، معلناً صيامه ليوم تضامناً معه، واليوم كافٍ مع الحال الصحية للرئيس الحص لتعريض حياته للخطر. أما الدكتور شوقي يونس الذي سمع به اللبنانيون حديثاً، فهو طبيب من بلدة الصرفند الجنوبية يحمل فكر والتزام الحزب السوري القومي الاجتماعي، أقدم على التبرّع بكليته لمريض يحتاجها ولا تربطه به مصلحة، مُخاطراً بحياته وما سيرتّبه التبرّع من إرباك لنمط عيشه، وخلفيّته الوحيدة، القيام بما يشعر ضميره بالراحة ويمنح الحياة الإنسانية معنى التشارك، والتضحية، حيث يمكن إنقاذ حياة أخرى بقدر من المخاطرة الطوعية والتطوّعية.

– الرجلان ينتميان إلى مدرسة واحدة تترفّع عن الجسد ومتطلباته، وعن الـ«أنا» وعقدها وأمراضها، لكنهما ليسا مجرّد فاعلَي خير، بل هما ناشطان منتميان فكرياً بقوة لخيار المقاومة والوحدة الاجتماعية والقيم الإنسانية في ممارسة ومقاربة الشأن العام، وخطوة كلّ منهما تقول بقوة إنّ هذه النماذج تنضح عفوياً وتلقائياً بما يفيض عن قدرات البشر العاديين، لأنّ النفوس والأرواح التي تسكن أجساد المؤمنين بفكر إنساني كبير والذين يعبّرون عن التزام على هذا القدر من الصدق والأخلاق والجدّيّة، يسقط فيه أيّ فاصل ولو افتراضي بين القول والفعل. هي النفوس التي يليق بها تعاطي الشأن العام تنحني لها مواقع القيادة، وتشعر مَن ينتمي معها للمنهج والفكر ذاتهما بالسمو والفخر، وتطرح التساؤلات الجدية حول العلاقة بين السياسة والأخلاق، وحول الإنسان السياسي، الذي كثر ربطه بالكذب والنفعية والرخص الأخلاقي، لتأتينا نماذج تقول السياسة، بما هي أعلى مراتب المسؤولية في المجتمع لا تستقيم إلا لرجال ونساء من هذا الطراز. طراز لا مكان للسياسة فيه إلا بصفتها فعل أخلاق وإنسانية وترفّع وكبر وتضحيات وصدق وشفافية في الروح قبل اللسان.

– أوسمة على صدور أمتنا وبلادنا هذه النماذج وفخر لمن ينتمون لمفاهيم يتشاطرونها معهم، والذين يرونهم مثالاً يُحتذى لمريدي عقيدة المقاومة وفكر الحرية والتحرير.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى