عَمَار يا غزة… ولكن: هل يستقيم الظل والعود أعوج؟!

نصار ابراهيم

الخبر: اجتمعت دول ومؤسسات رئيسية… للمشاركة في المؤتمر الدولي لإعادة إعمار غزة الذي عُقد في القاهرة يوم الأحد 12/10/2014، بدعوة من حكومة النرويج، وتنوّع الحضور من الأمم المتحدة بشخص أمينها العام، والاتحاد الاوروبي إلى منظمة التعاون الإسلامي، وأميركا، وجامعة الدول العربية، والدول الإسكندنافية، ومعها منظمات الأمم المتحدة المتخصصة من وكالة «الأونروا» و»اليونيسف» و»الأونيسكو» و»الأوتشا»، وبرنامج الامم المتحدة الإنمائي ومنظمة الصحة العالمية والاتحاد الدولي لجمعيات الهلال الأحمر والصليب الأحمر، وغيرها من المنظمات الأممية والمؤسسات غير الحكومية… ونجحت الدول المجتمعة في التعهّد بدفع مبلغ خمسة مليارات ونصف المليار دولار لإعادة الإعمار أكثر من المتوقع، فالسلطة الفلسطينية قدرت احتياجاتها بأربعة مليارات. علي هويدي وطن للأنباء – 13 تشرين 2014 .

هذا هو المؤتمر الدولي الرابع أو الخامس أو المائة لإعادة إعمار غزة… فكلّ حرب وأنتم بخير!

في هذا المؤتمر «الإنسانوي» بامتياز كانت ذات الدول والحكومات والرؤساء والمنظمات التي ترفع مع كلّ حرب راية «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها» في مواجهة مقاومة الشعب الفلسطيني… فتدمّر وتقتل وتبيد… وهي ذاتها التي صمتت على وحشية «إسرائيل» على مدار واحد وخمسين يوماً وهي تبيد عائلات بأكملها، من دون أن يرف لها جفن أو قلب… ومع ذلك ها هي ذاتها تجتمع بعد المجزرة وبدون خجل أو وجل لتقرّر إعادة الإعمار… فيشكرها الفلسطينيون بامتنان على «سخائها وإنسانيتها وحساسيتها المفرطة» تجاه الأطفال الفلسطينيين الذين فقدوا أهلهم وبيوتهم ومدارسهم أثناء قيام «إسرائيل» بترجمة ما يُسمّونه «حقها في الدفاع عن نفسها» على شكل مجزرة مروّعة ومفتوحة على الهاوية…

لهذا كلّ حرب يا غزة وأنت بخير… فقد انتهى المؤتمر الواحد بعد الألف لإعادة إعمار ما دمّرته «إسرائيل» للمرة الواحدة بعد الألف أيضاً… وكان المؤتمر سخياً فعلاً فجمع في ساعات خمسة مليارات ونصف مليار دولار… كم هم كرماء هؤلاء المانحون!

خمسة مليارات ونصف مليار دولار هو المبلغ الذي أقر لإعادة إعمار غزة بعد حرب «حافة الجرف أو الهاوية»… بالطبع وبالطبيعة لا ندري كم سيصل منه فعلاً إلى غزة… وكم سيتبخّر منه بسبب عدم الوفاء بالدفع… وكم سيتبخر منه كرواتب لجيش الطفيليين الدوليين الذين سيرافقون دفعات إعادة الأعمار كخبراء وإداريين ومراقبين وفنيين وجواسيس… ولا ندري أيضاً كم سيطير نتيجة أخطاء فنية وبنكية… وكم… وكم… وكم؟

عمار يا غزة… وكلّ حرب وأنت بخير… مع ملاحظة مهمة وهي أنّ ما سيصل غزة من موازنة إعادة الأعمار الأخيرة ما هو إلا دفعة مقدمة سلفاً لما ستدمّره معادلة «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها» في حربها القادمة بما يفوق المبلغ الواصل أضعافاً مضاعفة… فيتراكم الدمار ويتراكم العجز…

ولكن لا بأس فالجمع «الكريم والسخي» ذاته جاهز دائماً للاجتماع في مؤتمر جديد لإعادة إعمار ما ستدمّره «إسرائيل» في عدوانها الجديد… وربما سيجمعون في هذه المرة عشرة مليارات دولار… فابتهجوا ولا تحزنوا…!

عمار يا غزة…. ولكن هل يستقيم الظلّ والعود أعوج؟؟؟

صفحة الكاتب نصار إبراهيم: https://www.facebook.com/pages/Nassar-Ibrahim/267544203407374

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى