هل يجرؤ أردوغان على الالتفاف على اتفاق سوتشي؟

حميدي العبدالله

واضح أنّ الوقت المقرّر لتنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق سوتشي قد انقضى؟ ولم تحترم الجماعات الإرهابية المسلحة ما جاء في اتفاق سوتشي في ما يخصّ هذه المرحلة.

الملاحظ أنّ تركيا دأبت على الإعلان أنّ تنفيذ الاتفاق يتمّ بشكل جيد، ولم تلحظ البيانات التركية وجود اعتراض على هذا الاتفاق، الأمر الذي يؤكد أنّ عدم التزام التنظيمات الإرهابية بمضمونه حظي بموافقة وتغطية تركية أو غضّ النظر عنه. أيّ أنّ تركيا حتى هذه اللحظة لم تبدِ الحزم المطلوب في مواجهة التنظيمات الإرهابية، ولم تقم بما يتوجب عليها القيام به.

من جانبها روسيا تلوذ بالصمت حتى الآن ولم تقل أنّ الاتفاق يتمّ تنفيذه بشكل سليم على غرار البيانات التركية، ولكنها أيضاً لم تقل أنّ ثمة محاولة للالتفاف على الاتفاق وتعطيل بعض آلياته. بل إنّ وزير خارجية روسيا قال إنّ تأخير تنفيذ الاتفاق ساعات أو حتى أيام لا يمثل مشكلة.

هل هذه التصريحات توحي بأنّ تركيا ستحاول مرةً أخرى تجميد تنفيذ الاتفاق على غرار ما فعلت في اتفاق خفض التصعيد على امتداد عام بكامله، وهل تقبل روسيا ذلك؟

لا شك أنّ اتفاق سوتشي يختلف عن اتفاق خفض التصعيد السابق في مسألتين أساسيتين، المسألة الأولى أنّ هذا الاتفاق واضح ومحدّد ونصّ على آليات صريحة، وموقع خطياً من قبل وزيري الدفاع الروسي والتركي، وهو من هذه الناحية يختلف عن اتفاق خفض التصعيد، وأيّ محاولة للالتفاف على ما جاء فيه سيشكل عملاً عدائياً موجهاً لروسيا أكثر من أيّ جهة أخرى، وبكلّ تأكيد روسيا لن تقبل بذلك، وكما قال وزير خارجيتها يمكن غضّ النظر عن التأخير إذا كان ذلك لساعات أو بضعة أيام، ولكن الاتفاق لا بدّ أن ينفذ كما تمّت صياغته وجرى التوقيع عليه، وبالتالي فإنّ باب التحايل والالتفاف عليه مغلق بقوة من قبل روسيا.

المسألة الثانية التي يختلف فيها اتفاق سوتشي عن اتفاقات خفض التصعيد، تكمن في أنّ أولوية القوات المسلحة السورية هذه المرة هي إدلب وليس أيّ منطقة أخرى. في السابق كانت الأولويات عند القوات المسلحة كثيرة، حيث كان وجود المسلحين في الغوطة يهدّد مدينة دمشق، وأيضاً المنطقة الجنوبية أولوية متقدّمة على إدلب بسبب تداخلها وقربها من خط وقف إطلاق النار في الجولان، ومحاولات العدو «الإسرائيلي» العبث في هذه المنطقة، إضافة إلى تواجد تنظيمات متطرفة وإرهابية مثل داعش تهدّد بالتمدّد من جديد في مناطق كانت القوات المسلحة قد حرّرتها. اليوم إدلب هي الأولوية وقوات الجيش ترابط في محيطها، وأيّ محاولة التفاف وتحايل على الاتفاق ستقود إلى إطلاق المعركة فوراً، لا سيما أنّ سورية باتت الآن تمتلك وسائل دفاع جوي أكثر تطوّراً تساعد على حماية قواتها في مواجهة أيّ عدوان تركي أو أميركي أو «إسرائيلي» لدعم إرهابيّي إدلب.

لكلّ ما تقدّم سيكون من الصعب على أردوغان تعطيل تنفيذ اتفاق سوتشي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى