بوتين يدعو إلى أخذ العبر من «الثورات الملونة»

دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأخذ العبر من الثورات الملونة في دول أخرى لضمان عدم حدوثها في روسيا. وقال: «في هذا العالم المعاصر يستخدم التطرف كأداة تغيير جيوسياسي وإعادة توزيع مناطق النفوذ».

وأضاف بوتين في اجتماع لمجلس الأمن الروسي أمس: «نحن جميعاً نرى العواقب الكارثية لما يعرف بالثورات الملونة، إضافة إلى الهزات التي تعرض ولا يزال يتعرض لها سكان هذه البلدان حيث مروا بتجارب غير مسؤولة تحت تدخلات خارجية، بعضها فظ جداً، في حياتهم». وأوضح: «لنا في روسيا هذا درس… يجب علينا فعل كل ما يلزم لكيلا يحدث هذا في بلدنا».

إلى ذلك، حذر الرئيس الروسي من خلط محاربة التطرف بمحاربة الرأي الآخر. وقال بوتين بهذا الشأن: «نحن دولة حرة ديمقراطية ولدى مواطنينا كامل الحق بإبداء مواقفهم وآرائهم والتصريح بها ولهم الحق أن يكونوا في جانب المعارضة».

وقال بوتين إن مكافحة التطرف في روسيا يجب أن تتمحور حول المسارات الثلاثة وهي الحرص البالغ على انسجام العلاقات بين القوميات، وتوعية الشباب وتحسين السياسة في مجال الهجرة.

وفي ما يتعلق بالعمل مع الشباب، فقد أشار الرئيس الروسي إلى أن قادة الجماعات المتطرفة يحاولون تجنيد أوساط شبابية كأتباع لهم لتبني دعايتهم التحريضية، بما في ذلك عبر شبكة الإنترنت.

كما لفت بوتين إلى ضرورة التعامل بصورة أكثر فعالية مع ظاهرة الهجرة غير الشرعية، قائلا إن هذه الظاهرة توفر أرضية خصبة للجريمة في البلاد، ودعا إلى رفع مستوى المهاجرين الثقافي والاهتمام بتأهيلهم في المجتمع الروسي اجتماعياً وثقافية، إضافة إلى حماية حقوقهم.

الى ذلك، أعلن المتحدث باسم الخارجية الروسية الكساندر لوكاشيفيتش «أن قيام واشنطن بتزويد كييف بأسلحة فتاكة هو خرق لاتفاق جنيف» الذي شاركت بوضعه الولايات المتحدة نفسها.

وقال لوكاشيفيتش خلال مؤتمر صحافي في موسكو أمس: «هذا الأمر يدق ناقوس الخطر في أكثر من أمر فهو بادئ ذي بدء خرق مباشر للاتفاقات التي جرى التوصل إليها بمشاركة واشنطن نفسها أي اتفاق جنيف الذي توصلنا له في 17 نيسان الماضي».

وأوضح المسؤول الروسي: «سمعنا أكثر من مرة من المسؤولين الأميركيين أنه لا نية لتسليح أوكرانيا بأسلحة فتاكة… ولكن إذا تم تغيير هذا الوضع فإن ذلك سيؤثر بشكل كبير في استقرار وموازين القوى بالمنطقة».

وأيد توني بلينكن الذي اختاره الرئيس الأميركي باراك أوباما ليكون ثاني أكبر مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية فكرة تزويد أوكرانيا بالسلاح في حربها ضد قواتن الدفاع الشعبي في جمهوريتي دونيتسك و لوغانسك.

وقال بلينكن أثناء الإدلاء بشهادته في جلسة عقدها الكونغرس للتصديق على تعيينه نائباً لوزير الخارجية إن على الإدارة أن تعيد النظر في سياستها بعدم تقديم أسلحة فتاكة لكييف. وقال: «أعتقد أنه بالنظر الى الانتهاكات الروسية الخطيرة للاتفاق الموقع بينهما، فإن تعزيز قدرة القوات الأوكرانية بما في ذلك العتاد الفتاك الدفاعي يمثل عنصراً قد يحملهم على الأرجح على إعادة التفكير وردعهم عن القيام بأي إجراء آخر.»

وأشار بلينكن إلى ان جو بايدن نائب الرئيس الأميركي سيزور أوكرانيا خلال الأيام المقبلة وأضاف أنه على ثقة بأن المحادثات ستتناول مسألة تقديم مساعدات فتاكة لأوكرانيا.

إلى ذلك، قال لوكاشيفيتش إن شكوكاًَ ستبرز لدى موسكو بشأن عدم انضمام كييف إلى الناتو في حال اتخذت كييف قراراً بشأن تغيير وضعها كدولة محايدة. وقال: «بقدر ما أفهم، توجد تصريحات منفصلة لسياسيين أوكرانيين عن أنه يمكن تغيير الوضح الحيادي للدولة المنصوص عليه في الدستور»، مبيناً أنه «في حال اتخذت كييف قراراً سياسياً مبدئياً بشأن تغيير هذا الوضع المحايد، فبالطبع، إن مسألة الضمانات المقدمة لموسكو بشأن عدم انضمام أوكرانيا للناتو تبرز بشكل فوري ومباشر»، مضيفاً أن الضمانات بعدم انضمام أوكرانيا لحلف شمال الأطلسي ستؤدي إلى خفض حدة التوتر بين موسكو والغرب.

ووصف لوكاشيفيتش إطلاق النار على ممثلي منظمة الأمن والتعاون في أوروبا من قبل العسكريين الأوكرانيين بالمزعج، مؤكداً أنه يجب على كييف تأمين سلامة المراقبين، وقال: «هذه واقعة مزعجة جداً. نحن نعبر بشكل قطعي عن الاحتجاج بهذا الشأن، والجهة التي تستقبل هؤلاء ملزمة تأمين كل شروط الأمن الضرورية لتنقل وعمل المراقبين الدوليين».

وأشار المتحدث الروسي إلى أن السلطات الأوكرانية تُصعب أكثر فأكثر عمل المراقبين الدوليين بما «لا ينسجم بتاتاً مع الضمانات التي أعطيت عند صدور تفويض هذه البعثة».

من جهة أخرى، أكد ألكسندر لوكاشيفيتش استعداد روسيا للتعاون في التحقيق بشأن سقوط طائرة بوينغ الماليزية في أوكرانيا، لافتاً إلى أن بعض الدول تحاول استغلال هذه المأساة في تصعيد التوتر الدولي.

وكانت سيارة تابعة لمراقبين دوليين قد تعرضت لإطلاق النار من قبل أشخاص يرتدون زياً عسكرياً قرب بلدة تسيطر عليها القوات الأوكرانية غرب دونيتسك بشرق أوكرانيا.

وأشار بيان صادر عن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا أمس، إلى أن مسلحاً أطلق النار من شاحنة باتجاه قافلة تابعة لمراقبي البعثة الدولية في أوكرانيا بعد منتصف يوم الأربعاء، في حين شككت القوات الأوكرانية في إمكان تورط عسكرييها في إطلاق النار على سيارة المراقبين.

وقال المتحدث باسم العملية الأمنية فلاديسلاف سيليزنيوف إن عسكريي القوات الأوكرانية لا يتحركون بسيارات منفردة، بل في قوافل تضم سيارتين على الأقل.

وفي السياق، أعلنت المبعوثة الخاصة لرئيس منظمة الأمن والتعاون في أوروبا هايدي تاليافيني أن أكثر من 4 آلاف شخص قتلوا وأصيب عشرات الآلاف في شرق أوكرانيا منذ اندلاع النزاع هناك.

وقالت تاليافيني في اجتماع للمجلس الدائم التابع لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا أمس، أن مئات الآلاف اضطروا إلى مغادرة منطقة النزاع بسبب القتال، مؤكدة أن التوصل إلى اتفاقات مينسك سمح باستبعاد عمليات عسكرية واسعة النطاق، مضيفة أنها لا تتفق مع التصريحات القائلة إن نظام وقف إطلاق النار فشل، مشيرة إلى أن الاتفاق هو الوحيد الذي يعزز عملية السلام.

وأدى النزاع في شرق أوكرانيا منذ منتصف نيسان الماضي إلى مقتل 4317 شخصاً وإصابة 9921. وأوضح تقرير للمفوضية العليا للأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن عدد القتلى منذ 6 تشرين الأول إلى 18 تشرين الثاني بلغ 957 قتيلاً بينهم 838 رجلاً و119 امرأة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى