السعودية تساير جعجع؟

روزانا رمّال

يصف الشارع اللبناني، وخصوصاً شارع الثامن من آذار، زيارات سمير جعجع الى السعودية «بالاستدعاء»، آخذاً في الاعتبار حجم كلّ من الطرفين، باعتبار السعودية لاعباً يصنع السياسة في المنطقة ولا يمكن لجعجع ان يكون قد وصل لديها بعلاقة مستجدة الى درجة القدرة على طلب او فرض او التنسيق مع مسؤوليها بمبادرة او بطرح يقدّمه.

يتوقف المسيحيون في لبنان بين 8 و 14 آذار على حدّ سواء عند الاهتمام الحارّ بجعجع، وبلقائه رأس المملكة الملك عبدالله ووزير خارجيته سعود الفيصل، متسائلين عن سرّ العلاقة المستجدة، خصوصاً أنه لم يسبق أن كان طرف مسيحي في لبنان على علاقة جيدة تشبه الرعاية من دولة عربية خليجية، بل لطالما كان المسيحيون في لبنان يأخذون المعونة والرعاية من فرنسا وغيرها، ليأتي الجواب أنه وبدون شك الاهتمام الخاص بجعجع هدفه بعث رسائل الى المسيحيّين في لبنان، وأبرزهم العماد ميشال عون.

لا يحرج جعجع تذكيره بأنه غيّر موقفه تجاه التمديد لمجلس النواب اللبناني، وقبل به بعد زيارة سابقة الى السعودية، وبناء عليه يمكن اليوم الرهان على نفس الأمر، وهو أنّ جعجع مستعدّ مجدّداً ومن دون خجل او حرج ان يتنازل عن أيّ أمر مبدئي بالنسبة له، اذا طلبت منه ذلك السعودية صاحبة العلاقة المميّزة معه، حتى ولو كان الأمر تخليه عن ترشيحه للرئاسة اللبنانية، او تسهيلها أمام مرشح توافقي مقابل ترحيب حارّ به وّ ترك انطباع داخلي في لبنان عن علاقة خاصة ومكانة متميّزة يتمتع بها جعحع لدى كبار المسؤولين السعوديين، وذلك من اجل الاحتفاظ بجعجع ورقة فاعلة مسيحياً وفي خدمة المصلحة السعودية كلما استدعت الحاجة.

لا يمكن وبأيّ طريقة من الطرق اعتبار انّ المملكة العربية السعودية اسقطت أوراق سعد الحريري لديها، او انّ هذا اللقاء جرى من دون معرفة الحريري او حتى القول إنّ بعض الاهتمام بجعجع فاق الاهتمام بالحريري لجهة لقائه بمسؤولين كبار بهذا الجو الزخم المعلن عنه، كما يحاول البعض إشاعته، تماماً كما لا يمكن اعتبار انّ الحريري يخطو خطى حواره مع حزب الله من دون دفع سعودي مهما كان الهامش اللبناني حاضراً عنده، لذلك لا يمكن قراءة زيارة جعجع بمعزل عن تحضيرات الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل، والذي نقل عن الرئيس بري قوله إنّ عيدية الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله ستكون بين عيدي الميلاد ورأس السنة.

وحده الحريري الساعي للعودة إلى رئاسة الحكومة اللبنانية بشوق من وراء ايّ تفاهم يبقى حليف السعودية الأهمّ في لبنان، الا انه ومن جهة ثانية تريد السعودية بالنسبة اليها المرجع المسيحيّ الأهم بالنسبة اليها وذراعها اليمنى لدى الطائفة في لبنان.

زيارة «الحفاوة» بجعجع «مسايرة»، ويبدو انّ السعودية ترتب البيت الداخلي لـ14 اذار بتحديد المواقع والمراكز في البيت المسيحي المنقسم، ومن دون الأخذ بعين الاعتبار موقع حزب الكتائب فيه، وتداعيات هذه الزيارة عليه، كل هذا الترتيب قبل الشروع في الحوار الجدي بين حزب الله وتيار المستقبل للاتفاق على حلّ ازمات البلاد السياسية والدستورية.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى