مانشيت

تطورات الساحل الغربي في اليمن تطرح مستقبل عدن بالتوازي مع مستقبل مأرب / قطر تخلي المجال لتركيا بعد تراجع فرضية الوساطة لصالح محاولة ملء الفراغ / بري يدعو للتحقيق في الحرائق وتعيين مأموري الأحراش: الطائفية أخطر الحرائق /

كتب المحرر السياسي

ألقى التصعيد السعودي المفاجئ على لبنان مزيداً من الضوء على أحداث اليمن، بعدما كشف وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان في تصريحات جديدة عن العلاقة بين التصعيد والموقف من حزب الله، وعلاقة الموقف من حزب الله بتطورات الحرب في اليمن، وفي الحالتين تحول تصريح وزير الإعلام جورج قرداحي إلى مسألة هامشية اتخذت كذريعة لإطلاق الموقف التصعيدي ومدخلاً لتوقيت التصعيد، وبعد كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي فكك بهدوء الخطاب السعودي عن هيمنة حزب الله على الدولة اللبنانية، وقدم الحماية والحصانة لوزير الإعلام بوجه دعواته للاستقالة أو محاولات الضغط لإقالته، في ظل السقف الأميركي الذي يحكم الحراك السعودي لجهة منع انهيار الاستقرار سواء بالضغط لاستقالة الحكومة، أو الإقدام على خطوات تصعيدية إضافية من نوع ترحيل الرعايا أو وقف التحويلات المالية، تحول التصعيد السعودي إلى نوع من ربط النزاع مع لبنان قابله ربط نزاع من حزب الله، ليلتقيا عند استحقاق معارك مأرب، التي تتزايد المؤشرات على تقدم سيطرة الجيش واللجان والأنصار على زمام المبادرة العسكري والأمني والسياسي فيها، حيث الاجتماعات التي يجريها الأنصار مع شيوخ القبائل وحكام المديريات وقادة الشرطة المحلية تتقدم نحو فرص تسويات سياسية، تواكب تفاهمات ميدانية عسكرية لتحقيق انسحابات تشبه ما جرى في الساحل الغربي، على قاعدة التحسب لما بعد مأرب، بينما تتقدم الوحدات العسكرية لربط جبهتي الجنوب والغرب وتحكم الطوق حول المدينة، بينما فتحت الانسحابات من الساحل الغربي باب الاتهامات المتبادلة بين جماعة الإمارات والسعودية، حول إبرام صفقات مع الأنصار لضمان مستقبل ما بعد مأرب، وفي هذا السياق يجري الحديث عن مفاجأة تحميها الأيام القليلة المقبلة في عدن، ربما تسبق مشهد تحرير مأرب، وتخلط الأوراق السياسية والعسكرية في اليمن، وربما ما هو أبعد من اليمن.

على خلفية التصعيد السعودي على لبنان يصل وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إلى بيروت بعدما عدلت قطر للمرة الثانية موعد زيارة وزير خارجيتها إلى بيروت، وفقاً لما وعد به أمير قطر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي خلال لقائهما على هامش قمة المناخ في غلاسكو، وقالت مصادر على صلة بزيارة الوزيرين التركي والقطري أن التنسيق قائم بينهما، وربما يكون الوزير القطري قد أخلى المجال للوزير التركي بعدما تبين صعوبة إطلاق مبادرة للوساطة بين السعودية ولبنان، يمكن لقطر أن تتولاها، وظهرت فرصة التقدم لملء الفراغ السعودي يمكن لتركيا أن تتولاها وتمولها قطر من دون أن تظهر كمنافس للسعودية وتتسبب بتوتير العلاقات معها.

داخلياً كان مشهد الحرائق التي التهمت آلاف الدونمات من الأحراج مؤلماً لكل اللبنانيين، وسط تساؤلات عن وجود أياد خفية وراء الحرائق، وتحدث رئيس مجلس النواب نبيه بري عن الحرائق داعياً الأجهزة الأمنية والقضائية للتحقيق وكشف الفاعلين، معتبراً أن أخطر الحرائق هي الطائفية والمذهبية، متسائلاً ألم يحن أوان تعيين مأموري الأحراش الفائزين بمباريات مجلس الخدمة المدنية من دون التوقف أمام الاعتبارات الطائفية؟

لليوم الثاني على التوالي، استمرّ لبنان في مكافحة خطر الحرائق التي طاولت مساحات خضراء شاسعة في مناطق جنوبية ومتنية فضلاً عن مناطق في عكار والبترون وسط مساعي فرق الإطفاء المتعدّدة للسيطرة على النيران، بخاصة في بيت مري، بعدما أكلت النيران الأخضر واليابس ووصلت إلى البيوت والأحياء السكنية، علماً أن الحرائق طاولت جبال البطم، طيرفلسيه، برج الشمالي، الخرايب، أرزون، زبقين، ياطر، دير قانون النهر، العزبة، سلعا، شحور، باريش، القصيبة، الزرارية، صير الغربية وغيرها.

وتابع وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي، عمليات إخماد الحرائق في عدد من المناطق، لا سيما في منطقة بيت مري حيث شاركت أكثر من 14 آلية للدفاع المدني من مراكز برج حمود، قرنة شهوان، بسابا، التحويطة، بحمدون، مزرعة يشوع، بعبدات، برمانا، ضهور الشوير، بصاليم وطريق الجديدة، وتتوجه الآن آليات إضافية من مراكز زحلة وبرج البراجنة ليرتفع عدد آليات الإطفاء إلى 19.

وأكد مدير عام الدفاع المدني العميد ريمون خطار «أننا نعمل بكل الإمكانات المتوافرة في أيدينا وبمؤازرة الجيش ونسعى لتكثيف الجهود لحماية الناس وأرزاقهم لأنّ رقعة الحريق كبيرة في بيت مري ولا أريد استباق التحقيقات ولكن يبدو أن حريق اليوم مفتعل».

وقال رئيس مجلس النواب نبيه بري، تعليقاً على الحرائق التي اندلعت ولا تزال في أكثر من منطقة لبنانية، إن توقيت الحرائق يطرح جملة من التساؤلات نضع الإجابة عليها برسم الأجهزة الأمنية والقضائية المختصة التي يجب أن تسارع إلى إجراء تحقيقاتها وتحديد المسؤوليات والأسباب التي أدت إلى حصول هذه الكارثة، إذا لم نقل هذه الجريمة التي طاولت ليس البيئة فحسب، إنما أيضاً الإنسان في هذه المنطقة في تراثه وثقافته وذاكرته مع المقاومة وشهدائها الذين لهم مع كل شجرة قصة مجد وبطولة».

 وأضاف: «ألم يحن الوقت للاقتناع أن تحصين الوطن وحفظ ما تبقى من ماء الوجه الوطني وطبعاً ما تبقى من ثروة حرجية يكون بالإقرار بتعيين مأموري أحراج خارج القيد الطائفي؟ إن أخطر الحرائق التي لا يمكن إخمادها هي الحرائق المذهبية والطائفية المندلعة في النفوس».

ورأى رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد أننا في أزمة على المستوى الوطني وهذه الأزمة لا تتحمّل مسؤوليتها المقاومة ولكنّها تتصدى لمواجهة أعبائها لأنها حريصة على كرامة شعبها وسيادة وطنها. وتابع رعد: «نحن لا نريد لهذه الأزمة أن تسقط بلدنا ولا أن تغيّر خيارات شعبنا ولا أن تنتهك كرامة أهلنا، ولذلك نقف إلى جانب شعبنا نتحدّى ونصمد ونُصبّر بعضنا البعض، ونفعل الذي لا يُفعل في مواجهة هذه الأزمات.

حكومياً لم يستجدّ أيّ مؤشر إيجابي على صعيد الملف الحكومي، علماً أن أوساطاً سياسية رجحت بروز بوادر حلحلة هذا الأسبوع قد تؤسس لعودة جلسات مجلس الوزراء، ويأتي ذلك بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية التركية مولود جاويش أوغلو في بيروت اليوم حيث سيبحث مع المعنيين في الملف الحكومي وملفات أخرى تتصل بمساعدة لبنان.

ويرفض الثنائي الشيعي تحميله مسؤولية تعطيل عمل الحكومة. وتقول مصادره لـ«البناء»: نحن أبدينا استعداداً للعودة إلى مجلس الوزراء إذا تمت معالجة الملف القضائي، بالتالي يجب على الحكومة أن تصحح المسار القضائي تمهيداً للعمل على إقرار خطة التعافي بما يخدم الشعب اللبناني فضلاً على إطلاق خطة الكهرباء، مشددة على أن اعتكاف الوزراء الشيعة لا يعطل إقرار القرارات المتصلة بعمل الوزارات المعنية كالطاقة والاقتصاد. ولفتت المصادر إلى أن ظروف زيارة رئيس مجلس النواب إلى بكركي لم تنضج بعد.

إلى ذلك قالت مصادر سياسية لـ«البناء» إن هناك اتصالات أميركية وفرنسية مع السعودية لوقف التصعيد ضد لبنان، ووقف إجراءاتها ضده، مشيرة إلى أن اتصالات أيضاً حصلت مع حزب الله من قبل الفرنسيين وأطراف محلية للتخفيف من الهجوم على الرياض، مضيفة لقد اتضح هذا الجو خلال إطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله يوم الخميس الماضي، والذي ترك خلال كلمته الباب مفتوحاً أمام المبادرات للحل، ومع ذلك قالت المصادر إن لا توجه حتى الساعة لاستقالة وزير الإعلام جورج قرداحي وإن زيارة عين التينة لم تحمل أي توجه في هذا الإطار، مرجحة استمرار الأزمة لوقت طويل، مع إشارتها إلى أن تشكيل لجنة تحقيق برلمانية للتحقيق مع الوزراء والنواب في قضية انفجار مرفأ بيروت قد يغير في المعطيات إذا جرى تبني هذا الطرح.

وفي سياق متصل حضر يوم السبت ملف لبنان بين القائمة بأعمال مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى يائيل لمبرت ووزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان في باريس حيث بحثا إضافة إلى المستجدات الأخيرة في العلاقات اللبنانية- السعودية عدداً من القضايا الإقليمية. وتشير معلومات «البناء» نقلاً عن مصادر مطلعة إلى أن السعودية رفضت طلباً أميركياً لدعم لبنان وجيشه، وأنها لا تزال على موقفها متذرّعة بأسباب تتصل بحزب الله ونفوذه في مؤسسات البلد، مشيرة في الوقت عينه إلى أن موعد زيارة وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إلى بيروت لم يحدّد بعد.

وسأل البطريرك الماروني بشارة الراعي: «أيّ منطق يسمح بتجميد عمل الحكومة والإصلاحات والمفاوضات الدولية في هذه الظروف؟ كل ما يجري اليوم يتعارض تماماً مع النظام اللبناني بوجهه الدستوري والميثاقي والديمقراطي. ما لنا بحروب المنطقة وبمحاورها؟ ما لنا بصراعاتها وبلعبة أنظمتها؟ ما شأننا لنقرر مصير الشعوب الأخرى فيما نحن عاجزون عن تقرير مصيرنا، بل عن اتخاذ قرار إداري؟

إذا كان البعض يعتبر الحياد حلاً صعباً، فإنا نرى فيه الحل الوحيد لإنقاذ لبنان. لقد بات متعذراً إنقاذ الشراكة الوطنية من دون الحياد. وكلما تأخرنا في اعتماد هذا النظام تضررت هذه الشراكة ودخل لبنان في متاهات دستورية لا يستطيع أي طرف أن يحدد مداها. لا يحق لأي طرف أن يفرض إرادته على سائر اللبنانيين ويضرب علاقات لبنان مع العالم، ويعطل عمل الحكومة، ويشل دور القضاء، ويخلق أجواء تهديد ووعيد في المجتمع اللبناني. ولا يحق بالمقابل للمسؤولين، كل المسؤولين، أن يتفرّجوا على كلّ ذلك، ويرجو موافقة هذا الفريق وذاك. هذا هو فقدان الكرامة وهذا هو الذلّ بعينه».

وأكّد مبعوث الطاقة لوزارة الخارجية الأميركية، أموس هوكشتاين، أن لبنان يحتاج إلى حكومات خليجية لتكون داعمة له وإعطاء الدعم السياسي والمالي الذي يحتاجه لبنان في الوقت الحالي. وأرى أن الحاجة الفورية هي الحصول على الغاز الطبيعي، عبر ربط الشبكة من الأردن على طول الطريق إلى لبنان. أما الجزء التالي، فهو البحث عن حلول على المدى الطويل. ولهذا السبب نظرنا مرة أخرى في نزاع الحدود البحرية مع إسرائيل، لنرى ما إذا كان بإمكاننا الحصول على حل عملي، مؤكداً أنّه: «لكي تقنع الشركات العالمية بالاستثمار في لبنان نحن نحتاج إلى إصلاحات على الصعيد السياسي والاقتصادي. أعتقد أن الاستثمار قد يستغرق سنوات، ولكن علينا أن نبدأ في مكان ما». ودعا هوكشتاين «للحصول على قرار بشأن الحدود، ومعرفة كيف سيتم تطوير هذه الموارد، ومن ثم يمكننا ضمان الاستثمارات». مشيراً إلى أن «الغاز الطبيعي لن يخرج من الأرض في أي وقت قريب، وقد يستغرق الأمر بضع سنوات، لكنّ الاستثمارات الأولية التي يقوم بها بعض الناس تجلب بعض الاهتمام إلى هذه المنطقة لأول مرة منذ سنوات»، مؤكداً أن «على لبنان أن يستفيد من الغاز الطبيعي قبل أن ينخفض الطلب عليه».

وفيما تنتهي مهلة تسجيل اللبنانيين غير المقيمين للاقتراع في 20 الشهر الجاري ارتفع عدد اللبنانيين غير المقيمين المسجلين في دول الاغتراب للمشاركة في الانتخابات النيابية المرتقبة، إذ بلغ العدد 138.566 أمس عند قرابة الساعة الرابعة من بعد الظهر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى