أخيرة

موت

بينما كان ونستون تشرشل يرسم خريطة الدول التي سيتمّ استحداثها في منطقة الشرق الأوسط، تجرّع جرعة من النبيذ الذي كان يحتسيه، بينما كان سيجاره الشهير في اليد الأخرى، انحرف القلم الذي كان بحذاء المسطرة حينما سعل فجأة فخرج القلم قليلًا عن المسار، وطرأ اعوجاجٌ بسيط في الخط الذي كان يُراد له أن يكون مستقيماً في خارطة الشرق الأوسط المستحدثة… أحضر مساعده ممحاة لتصحيح ذلك، ولكن تشرشل أشاح له بيده بما معناه… خلاص… ماشي الحال، مش رايحة تفرق…!

لعلّ المضمون الآخر الذي انبثق من بين شفتيه وتسرّب بين سطور كلامه ليفهمه فقط أولئك القلائل الذين قيّض لهم أن يقرأوا بين سطور الحديث… أنّ بإمكاننا ان نفعل ما نشاء… فالشعوب هنا ماتت وشبعت موتاً. قبل ذلك بثلاثة عقود او ينوف… كانت بريطانيا العظمى تحشد قواتها لإخراج ما تبقى من الإمبراطورية العثمانية من منطقة الشرق الأوسط… حشدت حوالي مليون ومئة ألف مقاتل… منهم ٧٠٠ ألف مقاتل مسلم من بلاد العرب والهند وباكس«تان وجنوب آسيا… حدثت بلبلة ولغط حينما تساءل بعض هؤلاء المقاتلين… كيف نقاتل مسلمين آخرين…؟ حينذاك لجأ البريطانيون الى الشريف حسين بن علي ليفتي بأنّ ذلك شرعي من باب درء الخطر… فاندفع المقاتلون يقاتلون »في سبيل الله» ، وتحت صرخات الله أكبر… ومعروف بعد ذلك حجم الخازوق الذي أعطتهم إياه امبراطورية بريطانيا العظمى… المصيبة انّ نفس السيناريو يتكرر… الآن وتحت بند »فقه الأولويات»… القاسم المشترك أننا نقاتل حروب أعدائنا… نقاتل في سبيل الشيطان… بلا هوادة… ونصرخ بأعلى عقيرتنا… الله أكبر… ونظنّ أننا على الحقّ سائرون… الفرق أننا كنا أمة ضحكت من جهلها الأمم… أصبحنا أمة فقعت من الضحك من جهلها الأمم.

سميح التايه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى