بعد مجلس السنيورة والتورّط في إبعاد «الإمارات»… حزب الله حوار هادئ أو كلّ بحاله

كتب المحرر السياسي:

قال مصدر ديبلوماسي مواكب للمفاوضات الأميركية – الإيرانية، إنّ كلام وزير الخارجية الأميركي جون كيري من شرم الشيخ، عن فرصة للتوصل إلى التفاهم النهائي مع إيران خلال أيام، ليس رسالة ولا توقعاً، بل هو تعليق على الأنباء الواردة من هناك، عن نتائج ما وصله من سير أعمال الاجتماع المخصص للملف التقني الذي، ترأسه رئيس منظمة الطاقة النووية الإيرانية علي أكبر صالحي ووزير الطاقة الأميركي أرنست مونيز ومعهما وفدان ديبلوماسيان وأمنيان وتقنيان، كمشاركين وخبراء، والاجتماع كما تقول المعلومات الواردة من لوزان بعد انتهائه إنه حسم القضية المركزية المتبقية، وهي كيفية تعامل إيران مع الفائض عن حاجتها من اليورانيوم المخصب، حيث تمّ الاتفاق على بنك وقود مخصب يقام في إيران في مجمع فودرو بشراكة الوكالة الدولية للطاقة النووية، بعدما كانت زيارة وفد وكالة الطاقة الدولية برئاسة رئيس الوكالة يوكيا أمانو لطهران أول من أمس، قد انتهت إلى اتفاق كامل حول آليات مراقبة البرنامج النووي، وبالأخص ملف مجمع آراك الذي يعمل بالماء الثقيل وينتج البلوتونيوم.

كل شيء كان قد صار ممهّداً للاتفاق التاريخي بين واشنطن وطهران، كما قال المصدر الديبلوماسي، بعدما كان الاتفاق قد أنجز على عدد أجهزة الطرد المركزي، وحدد بستة آلاف وخمسمئة جهاز، وأضاف المصدر، إن كلام كيري الاستباقي للقائه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في لوزان، عن التفاوض مع الرئيس السوري بشار الأسد، جاء ترجمة لروزنامة متبادلة من الالتزامات التي يعرفها الطرفان من دون أتفاق مباشر حولها، فهكذا أعلن البيت الأبيض عن أن إنجاز التفاهم مع إيران سيتم بقرار من مجلس الأمن لطمأنة إيران بتلبية طلبها، بعد رسالة النواب الجمهوريين الاستفزازي لها ولإدارة الرئيس باراك أوباما، فيضمن القرار الدولي إنهاء فرص المزايدات، ويصبح رفع العقوبات لن يخضع للقوانين الوطنية بل للقانون الدولي، وبالتزامن جاء كلام كيري عن سعي واشنطن وبلدان أخرى لبحث الطرق الكفيلة بإحياء العملية الديبلوماسية، وليس السياسية، في سورية، الذي أراد التمهيد لإعادة فتح السفارة الأميركية وسفارات غربية أخرى في دمشق.

كلام كيري الذي لاقاه كلام جو برينان قبل يومين عن رفض المساس بمؤسسات الدولة السورية العسكرية والمدنية، وما سبق أن قاله وزير الدفاع الأميركي السابق عن استحالة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية من دون التفاوض مع الرئيس الأسد، جاء الكلام تكريساً لما سبق وبشر به المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، عن حتمية التفاهم مع الرئيس الأسد لبلوغ أي حل سياسي في سورية.

هو نصر كامل للأسد، كما سلم كل من سمع كلام كيري، يشبه نصر المقاومة في حرب تموز 2006، حيث يكفي الصمود ليسقط هدف الحرب ويعترف العدو بالتخلي عن هدف الحرب والعجز عن تحقيقه، حتى يكون نصراً كاملاً، وقد كان معلوماً، أو صار معلوماً، أن واشنطن كانت وراء ما سمي ثورة في سورية وهو مشروع حرب كاملة، كما صار معلوماً أن هدف الحرب هو إسقاط الرئيس بشار الأسد، للمكانة والثوابت والمواقف والأدوار التي يرمز إليها ويشكل ضمانتها ومحورها، خصوصاً ما يتصل بموقعه الحاسم في الجيش وبين صفوف الشعب، بخياره المحسوم ومكانته الحاسمة في حلف المقاومة، معلوم من قبل ومن بعد، أن من لم يستطع إسقاط الرئيس الأسد في زمن الحرب والمقاطعة، يعرف سلفاً أنه لن يستطيع تحقيق ذلك في زمن التفاوض.

نصر كامل للأسد يفسر النحيب والعويل الذي بدأه وصف الإعلام السعودي لما جرى بالزلزال.

في لبنان قبل تلقي تداعيات هذا الزلزال، نجح الرئيس فؤاد السنيورة بتهديد الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله، بإعلانه عن المجلس الوطني لقوى الرابع عشر من آذار، ليتولى الحوار مع حزب الله، وسط لغة عدائية، أشعلت ردوداً عالية السقف من حزب الله الذي طلب من تيار المستقبل حسم أمره بين خيار الحوار وخيار الافتراق.

واصلت قوى 14 آذار تصعيد» الحرب السياسية» ليس فقط ضد حزب الله وحلفائه، بل أيضاً ضد مؤسسات الدولة ومنها الحكومة، بإعلانها إنشاء «المجلس الوطني» كـ» إطار يجمع الأحزاب والمستقلين وتأليف هيئة تحضيرية مهمتها اقتراح برنامج عمل 14 آذار للمرحلة المقبلة ووضع نظامها الداخلي». جاء هذا الإعلان على لسان رئيس كتلة المستقبل النائب فؤاد السنيورة الرافض، أصلاً، للتواصل والحوار مع حزب الله. واعتبر السنيورة الذي تلا مقررات البيان الختامي لمؤتمر 14 آذار أول من أمس أن «الدولة لم تعد قادرة على تأمين استمرارية مؤسساتها وعاجزة عن إيجاد الحلول»، وحمل بشدة على الحزب وإيران.

حزب الله: مع من نتحاور

وفيما اعتبرت مصادر سياسية، مجلس قوى 14 آذار شبيهاً بما يسمى «المجلس الوطني السوري»، جاء رد حزب الله عنيفاً بما يتناسب مع الخطوة الانقلابية التي قام بها الجمع المتلاشي في 14 آذار، مخيراً تيار المستقبل بين استمرار التصعيد من قبله، وبين الحوار الذي من المقرر أن تلتئم جلسته الجديدة غداً في عين التينة.

وقالت مصادر مطلعة لـ«البناء» إن «المنطق لا يستقيم بين جمع الماء والنار في إناء واحد، والحرب والسلام في بيت واحد، ولذلك فإن حزب الله خيّر هؤلاء المكابرين بصراحة، بين الاستمرار في الحوار وتثبيت الطائف وإعادة تفعيل المؤسسات وفقاً لما يقتضي، أو البحث عن صيغة جديدة تكون عبر مؤتمر تأسيسي يشترك فيه الجميع».

ولفتت المصادر إلى أنه على تيار المستقبل «أن يختار بوضوح، بين استكمال أعمال الحوار مع توفير مستلزماته، أو قطعه مع ما يعني ذلك من مفاعيل، على رغم أن قطع الحوار سيعود عليه بالضرر الكبير، فالحوار هو حاجة كبيرة لتيار المستقبل أكثر منه لحزب الله».

ورأت مصادر أخرى عبر «البناء» أن إعلان هذا المجلس هو بمثابة إجهاض للحوار، وأشارت إلى «أن ما فاقم الوضع أيضاً أداء بعض المسؤولين داخل الحكومة من قضية اللبنانيين الذين أبعدتهم الإمارات». ولفتت المصادر إلى «أن أجهزة أمنية كانت جزءاً من ماكينة تلفيق التهم المزورة لهؤلاء المبعدين من الإمارات في شكل تعسفي، زاعمة أن هؤلاء متهمون في قضايا أمنية تتصل بإرسال تحويلات مالية تحت ستار جمع التبرعات لحزب الله عن طريق تبييض أموال ترد إليهم من أميركا الجنوبية وأستراليا وأفريقيا». واستغربت المصادر كيف «أن لبنان لم يتبلغ رسمياً أسباب ترحيل اللبنانيين من الإمارات على رغم طلبه ذلك».

وفي السياق، أكد حزب الله على لسان رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين، «أن ما سمعناه عن انبثاق المجلس الوطني من قبل فريق 14 آذار يجعلنا نفكر إن كان هؤلاء يمزحون أم هم جديون، فإن كانوا جديين فهم بذلك يريدون أن ينعوا الحكومة اللبنانية القائمة التي هم فيها الغالبية، وإن كانوا يمزحون كما هي عادتهم وكما هو الأرجح، فإن الحكم للناس، وكل هذا الكلام لا طائل منه على الإطلاق».

وجاء الرد الأعنف على لسان رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد الذي غمز من قناة الانقسام في تيار المستقبل بين من هو مؤيد للحوار وبين الرافض له، وقال: «لا نفهم معنى أن ندخل في حوار وتبقى ألسنة السوء تتطاول على المقاومة ومشروعها، فإما أن نخوض حواراً وسط أجواء هادئة ومنضبطة، وإما أن نعرف مع من نتحاور، وما هو حجمهم ونفوذهم وتأثيرهم حتى على داخل تنظيمهم وكتلتهم النيابية والسياسية، وهذا الأمر لا يمكن أن يستمر، فنحن نسكت ونصبر ونترفع عن أن نطل على الإعلام بتصريحات أو بسجالات، ولكن إلى متى التمادي وزج الرؤوس في الرمال كالنعامة، فأنتم غير قادرين أن تخبئوا أنفسكم، ونحن دخلنا إلى الحوار لنتصارح ونتفاهم على النقاط التي يمكن التفاهم عليها، فلماذا تشتموننا في الخارج، وهو أمر غير مقبول، فإما أن تلتزموا بالحوار أو دعونا نذهب كل واحد منا في حال سبيله». وفيما ينتظر أن تتفاعل هذه المستجدات مع ما لها من تداعيات سياسية على الاستحقاقات الداهمة وفي طليعتها رئاسة الجمهورية، شدد رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون على أنّه لن يكون هناك اتفاق دوحة 2 يؤدي إلى انتخاب رئيس للجمهورية، ولن تتكرر هذه «الغلطة».

ودعا عون، في «ذكرى 14 آذار»، إلى «انتخاب رئيس قوي يمثل ويتحمّل المسؤوليات الملقاة عليه ويمثل بيئته تمثيلاً صحيحاً». وأكّد عون دعم الجيش، وقال: «كلنا جيش في جرود عرسال وفي كل لبنان وكلنا مقاومة ضد إسرائيل وضد التكفيريين والإرهابيين».

في غضون ذلك، بدأ تنفيذ قرار إبعاد عدد من اللبنانيين من الإمارات بوصول بعضهم إلى بيروت، في وقت كان رئيس الحكومة تمام سلام يبحث هذا الموضوع في شرم الشيخ مع نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الذي أبدى «اهتماماً بالغاً بما سمعه من سلام ووعد بمتابعة الأمر»، لكنه في الوقت نفسه برر القرار بأنه «إذا كانت هناك إجراءات اتخذت بحق بعض اللبنانيين فإنها إجراءات تعود بالتأكيد إلى اعتبارات أمنية محددة ولا تتخطى هذه الحدود».

السنيورة يربط السلسلة بإقرار بالموازنة

على خط آخر، وفي إطار عرقلة «قوى 14 آذار» القضايا المطلبية، أشارت مصادر مطلعة لـ«البناء» إلى «أنه خلال الاجتماع الذي عقد في منزل السنيورة وضم وزير التربية الياس بو صعب ووزير المال علي حسن خليل والنائب جورج عدوان، للبحث في موضوع سلسلة الرتب والراتب، ربط السنيورة وعدوان إقرار السلسلة بإقرار الموازنة، لا سيما أن هناك إجراءات خضعت لها السلسلة، بحسب السنيورة، موجودة في الموازنة».

عبوة في الشمال ورفض المساومة على دم الجيش

أمنياً، واصل الجيش اللبناني رصد تحركات الإرهابيين في جرود عرسال متصدياً لمحاولات التسلل إلى مراكزه، فيما أعلنت قيادة الجيش – مديرية التوجيه عن الاشتباه أول من أمس بحقيبة موضوعة على إحدى الطرق الترابية في محلة العبودية – عكار.

وبعدما كشف الخبير العسكري على الحقيبة، تبين أنها تحتوي على عبوة ناسفة معدة للتفجير زنتها 20 كلغ من المواد المتفجرة، حيث عمل على تفكيكها. وقد بوشر التحقيق في الموضوع لكشف هوية الفاعلين.

في سياق آخر، كشف نظام مغيط شقيق العسكري المخطوف إبراهيم مغيط أن أجواء تفاؤل تسود بين صفوف الأهالي، ولفت إلى إيجابيات في المفاوضات بانتظار لقاء المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم.

في الأثناء، نفذ أهالي شهداء الجيش اللبناني الذين سقطوا في مواجهة الإرهابيين في عبرا وطرابلس وعرسال اعتصاماً في ساحة الشهداء ببيروت، احتجاجاً على إمكان التسوية في قضية فضل شاكر، وطالبوا بعدم المساومة على دم الشهداء، وتسليم كل من حرض وهاجم الجيش وإعدام المجرمين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى