هل وصلت لجنة التنسيق النقابية إلى الحائط المسدود؟

د. أحمد ل.

قرّرت هيئة التنسيق النقابية أمس الإضراب في المدارس والثانويات الرسمية والإدارات العامة والمؤسسات العامة كافة بشكل رئيس والمدارس الخاصة التي لم يكن موقفها واضحاً بعد، وذلك ابتداء من الخميس 8/5/2014 حتى 14/5/2014 بصورة مستمرة، وكأنها بذلك تعلن إضراباً مفتوحاً في إطار المواجهة مع ما توصّلت إليه اللجنة المنبثقة عن الهيئة العامة لمجلس النواب في الجلسة المشؤومة التي حصل فيها تواطؤ على ضرب السلسلة في محاولة لتطويقها والإجهاز عليها، وهو ما أكده التقرير الذي صدر عن هذه اللجنة والذي يوحي بأن ما سُمّي بالسلسلة هو أشبه ما يكون بـ«ميني سلسلة»، إذ ضربت أرقامها وأصبحت كأنها تشرّع فقط زيادة غلاء المعيشة الذي يتقاضاه الموظفون منذ 1/2/2013 على شكل سلفة، وذلك بتكريسها قانوناً لتدخل في أساس الراتب.

وما تبقى من زيادة لا يمكن وصفه إلا بأنه أشبه بتصحيح أوضاع تطال بعض الموظفين بما لا يتجاوز 20 ـ 25 في المئة على أساس الراتب كحدّ أعلى و13 في المئة كحدّ أدنى، ما يضرب مفهوم السلسلة بحدّ ذاته الذي كان يرمي إلى تصحيح أوضاع موظفي القطاع العام وإعطائهم ما يستحقون من حقوق أسوة بما حققه زملاء لهم في القضاء أو في الجامعة اللبنانية.

وهنا نتساءل: هل هناك صيف وشتاء في التشريع؟ ألا يعيش هؤلاء في البلد نفسه وفي ظلّ الظروف نفسها والأحوال المعيشية ذاتها؟

ـ أليس موظفو القطاع العام هم الذين يقدمون الخدمات إلى المواطنين كافة من دون تمييز في ما بينهم، وألا يحق لهؤلاء الحصول على الحدّ الأدنى؟

ـ هل يتحمّل من وضع التقرير الأخير عن السلسلة مسؤولية الوصول إلى مقاطعة الامتحانات الرسمية بكلّ مراحلها والوصول إلى جعل الطلاب رهن مستقبلهم إلى إقرار السلسلة، وألا يدفعون إلى مواجهة محتملة بين الأهالي والأساتذة في التعليم الابتدائي والثانوي العام منه والخاص؟

إنّ هذه التساؤلات تعبّر عن خشية فعلية على مستقبل طلابنا، خصوصاً أنّ هناك مواعيد في كثير من الجامعات الداخلية والخارجية ترتبط بتواريخ لا يمكن إرجاؤها، ما ينبئ بتعريض الطلاب لضياع سنة من عمرهم وتفويت فرصة كبيرة عليهم لوضع خطوتهم الأولى على طريق مستقبلهم الجامعي والمهني، أي ما يتعلق بمسار حياتهم المستقبلية.

لقد حاولت اللجنة الإيحاء بأنّ المحاولة الأخيرة استطاعت أن توفر مبلغ 800 مليار ليرة لبنانية كانت لو أقرّت لتوزّع على ما يقارب /150.000/ موظف وعائلاتهم، وما سيكون له من آثار إيجابية على مستواهم المعيشي من جهة، وأيضاً على المستوى الاقتصادي لجهة إنعاش الحركة الاقتصادية والإنمائية، وهي لا تشكل في الواقع أكثر من زيادة واحد في المئة على ضريبة T.V.A التي تفرضها اللجنة سيؤمن ما يقارب 50 في المئة من هذا المبلغ الإضافي الذي حذف من السلسلة، وأدى إلى هذا الموقف التصادمي بين تقرير اللجنة ومواقف لجنة التنسيق النقابية التي ستؤدي إلى نتائج سلبية غير معروفة.

يضاف إلى ذلك أنّ تقرير اللجنة حاول أن يوحي أنّه جاء متوازناً بين هيئة التنسيق النقابية وبين الهيئات الاقتصادية، إلا أننا نلاحظ أنّ إحدى الهيئات تعتبر أنّ ما اقترحته اللجنة الفرعية سيكلف 13 في المئة إضافة عجز في المالية العامة، على رغم أنّ تقرير اللجنة أكد تأمين التغطية المالية من خلال الإيرادات التي اقترحتها مع الإصلاحات المقترحة ما يدلّ فعلاً على أنّ الهيئات الاقتصادية تحرص على إبقاء التبعية دائماً إلى هيئة التنسيق ولو كانت هذه الـ«ميني سلسلة» ستحرم أعضاء هذه الهيئة المعنية حقوقها المعترف بها مهما كلف الأمر، ما يؤكد لنا أنّ الهدف من الهيئات الاقتصادية هو عدم قبولها بأي تنازل ولو عن أيّ جزء من أرباحها الباهظة، وهذا في حدّ ذاته يدفع باتجاه الوصول إلى الحائط المسدود، مع اقتراحنا على هيئة التنسيق بأن يكون هناك إعادة درس لموقفها من الإضراب المفتوح والعمل على القبول مرحلياً ببعض الحلول الوسط لإنقاذ العام الدراسي للطلاب، والبقاء على استعداد لمتابعة النضال للوصول إلى حلول تكون مقبولة من الجميع.

يجدر بنا أخيراً القول إنّ هيئة التنسيق مدعوّة إلى التنبّه من محاولات كثيرة ستجري للتفريق بين مكوّناتها من مداخل ومعابر كثيرة، ما يؤدي إلى انقسامها والدخول في متاهات الحقوق المنقوصة لبعض والمكتملة لبعض آخر، فحذار حذار حذار…

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى