صحافة عبريّة

كتب إيتان هابر في صحيفة «هاآرتس» العبرية: قاعدة كانت متبعة من كل رؤساء الوزراء ووزراء الدفاع على أجيالهم في «إسرائيل» هي: لا جدال مع العائلات الثكلى. فهي محقة دوماً، حتى عندما تخطئ. وهذه تتضمن بالطبع أمّ أورون شاؤول المتألمة، وهو الذي كان في مجنزرة الموت في حيّ الشجاعية في غزّة في حملة «الجرف الصامد».

خرجت زهافا شاؤول إلى وسائل الإعلام هذا الأسبوع في أعقاب الرسالة الزائفة التي نشرتها «حماس» بِاسم ابنها المفقود ووعدت بـ«قلب العوالم» من أجل صفقة تبادل مع الأنذال من غزة، إذا ما بقي أورون حقاً على قيد الحياة. بقي على قيد الحياة؟ فحص الجيش «الإسرائيلي» أظهر أنّ احتمالات ذلك طفيفة حتى صفر.

إمكانية أن يكون أورون لا يزال على قيد الحياة نشأت في أعقاب الحادثة التي لا تصدّق لمكوث حزاي شاي في الأسر على مدى فترة طويلة في أعقاب حرب لبنان، من دون أن تعرف «إسرائيل» والجيش «الإسرائيلي» عن ذلك شيئاً. وفجأة ظهر من السماء، وعرفت الحقيقة ـ ووضعتنا جميعا، نحن الذين نعرف كل شيء، في حرج كبير. كيف حصل أننا لم نعرف؟

من تلك الحرب نتذكر على نحو خاص عائلات باومل، كاتس وفيلدمن، والتي رفضت التصديق أن أبناءها سقطوا في معارك المدرّعات طالما لم تضع جثامينهم أمامهم. هم أيضاً «قلبوا العوالم». حتى اليوم يرفض الجيش «الإسرائيلي» إغلاق الملف لاعتبارات كرامة العائلات.

كصاحب تجربة، فإنني أشهد: لا شيء يشبه الوقوف أمام مطالبات عائلة ثكلى، فلا يمكن توجيه النظر إلى الأبوين اللذين فقدا ابنهما، الزوجات اللواتي أصبحن أرامل. الزوجات اللواتي فقدن أحبتهن، الأبناء الذين أصبحوا جزءاً من عصبة أبناء الفريضة في احتفالات «يد للأبناء» أو «منظمة أرامل الجيش الإسرائيلي وأيتامه»، أخوة وأخوات انكسر سندهم دفعة واحدة. كل أصحاب الحكمة والمشورة يسدّون أفواههم في هذه اللحظات التي تقشعرّ لها الأبدان.

يمكن للسياسيين أن يصرخوا بأصوات عالية، أن يظهروا على رأس كل تلة وتحت كل شجرة يافعة، للادّعاء قبل وبعد بضعف رأي أصحاب القرارات كي يحققوا عطفاً وأصواتاً، ولكنهم يسكتون كالسمك بشكل عام أمام عيون أبناء العائلات الثكلى الدامعة. في أفضل الأحوال ـ أفضل؟ ـ يتحمسون أمام الأمّهات والآباء والزوجات والأبناء ويطلقون وعوداً يعرفون جيداً أنهم لا يمكنهم أن يفوا بها.

هذا الاسبوع، كما أسلفنا، ظهرت في وسائل الإعلام والدة أورون شاؤول. وعلى الفور كان هناك من ادّعى أنّ ظهورها يجدي العدو، في الحالة التي أمامنا «حماس» في غزّة، وقد يخلق ضغطاً داخلياً وخارجياً على حكومة «إسرائيل». زعم أنها تخدم أكثر أعداءنا وحشية. قالوا إنها تضرّ بمصالح الدولة. الجواب على ذلك هو: هراء.

وبعدد من السطور الواسعة: أولاً، زهافا شاؤول وأبناء عائلتها عملوا أكثر من كل شخص آخر من أجل أمن الدولة. ليس لديهم ما يخسرونه أكثر وما يعطونه أكثر. مسموح لهم أن يفعلوا تقريباً كل شيء. إذا كانوا يؤمنون أن هذا يمكنه أن يؤدّي إلى استقبال احتفالي أو لشدّة الأسف إلى جنازة عسكرية. فعلى أي حال منذ «الجرف الصامد» لم تعد حياتهم حياة.

ثانياً، يخطئ تماماً من يعتقد أن الظهور في وسائل الإعلام يضغط على أصحاب القرار، باستثناء ربما رئيس الوزراء الحالي الذي يرى في وسائل الإعلام حصيلة كل شيء.

ثالثاً، «حماس» لن تعيد أورون شاؤول حيّاً حبذا أو ميتاً بفضل ضغوط ومنشورات. في هذا الموضوع الحزين تضغط على دولة «إسرائيل» وعلى «حماس» ثلاثة عوامل فقط: المصالح، المصالح والمصالح.

السلطة الفلسطينية تحفر قبرها بيدها لأنها تسير وراء الشارع

كتب رؤوبين باركو في صحيفة «إسرائيل اليوم» العبرية: يقول المثل العربي: «اللي مكتوب على الجبين لازم تشوفه العين». في انتخابات 2006 في مناطق السلطة الفلسطينية فازت «حماس» التي تريد القضاء على «إسرائيل»، بغالبية واضحة. محادثات السلام بين «إسرائيل» والفلسطينيين فشلت لأسباب كثيرة منها رفض طلبات الحدّ الأدنى لـ«إسرائيل» والإخلال باتفاق اوسلو من خلال استخدام الفلسطينيين الإرهاب كوسيلة لتحقيق أهداف سياسية.

للأسف الشديد، تبيّن أن أبا مازن مثل عرفات، يدير سياسة متعدّدة الوجوه. من رأى آلاف الدمى المسلّحة بالحجارة والتي كان يفترض أن تبلور شكل الجيل الجديد، لن يستطيع رؤية ما هو «مكتوب على الجبين»، إذ كانت الدمى المهرّبة ملفوفة بالكوفية. مثل هذه الدمى الوحشية بالضبط، يخفي الفلسطينيون نواياهم، يتحدثون بلغة مزدوجة ويُحرّضون على الحرب ضدّنا، في وقت ما زال قسم من «الإسرائيليين» يستمر بالعمى.

نشرت في الأيام الاخيرة معطيات استطلاع يقول إن 55 في المئة من الفلسطينيين يعارضون حلّ الدولتين، إضافة إلى تأييد 66 في المئة من الفلسطينيين عمليات السكاكين والدهس وهم على قناعة أن هذا سيؤدّي إلى انتفاضة ستخدم الفلسطينيين أكثر من المفاوضات مع «إسرائيل». ولم يتم استطلاع رأي أحفاد الفلسطينيين في الشتات والمعروفين «بحبهم» لـ«إسرائيل»، والذين يفترض أن يعودوا، بحسب رأي أبي مازن، إلى يافا وعكا وصفد في إطار «حق العودة».

يستمرّ أبو مازن ومن حوله بالتصرّف بتلوّن. فمن جهة يقولون إن وجهتهم السلام، ومن جهة أخرى يؤيّدون «المقاومة الشعبية» ويُخلّدون «الشهداء» كنموذج للتقليد ويدفعون المال لعائلاتهم ويُحرّضون ضدّ «إسرائيل» من فوق كل منصة سياسية.

رصيد السلطة الفلسطينية تراجع في الشارع الفلسطيني وازداد تأييد «حماس». وتقوم السلطة بصبّ الزيت على النار من أجل اندلاع انتفاضة «عفوية» ثالثة مثل الانتفاضتين السابقتين نتيجة التحريض. وهم يقومون بالتهديد بـ«قتل اليهود» من خلال «الحق في مقاومة الاحتلال»، وما زالوا يلملمون الجراح نتيجة «دفاع إسرائيل الشرعي عن نفسها»، ويعرف رجال السلطة الفلسطينية أن الانتفاضة المقبلة ستتحول بسرعة إلى صراع مسلّح وبتحريك من «حماس». إلا أن «إسرائيل» ستحسم الموضوع. بعد ذلك سيفقد الفلسطينيون التأييد الدولي وسيتلاشى حلم الدولة الفلسطينية وتنتهي السلطة الفلسطينية.

مصادرنا تقول إن «وجه الجيل مثل وجه الكلب». فالقائد الذي ينظر إلى الخلف كي يتأكد من أن الجوقة تسير خلفه، لا يكون السلام وجهته، بل هو يريد إرضاء رغبة شعبه الجماعية والتي تظهر من خلال الاستطلاعات، بسلوكه الإرهابي كرافض ويريد المواجهة وسفك الدماء وغير مستعدّ للسلام. أحياناً الاستطلاعات تقول الحقيقة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى