بوتين: تفاهُم مع واشنطن ولا تطبيعَ مع أنقرة… ولن نسمح بتحديد مَن يحكم سورية الأسد: يمكن إنهاء الحرب بأقلّ من سنة… ومفاوضات اليمن لإجراءات بناء الثقة

كتب المحرّر السياسي

تشهد نيويورك اليوم اللقاء المنتظر للمشاركين في مسار فيينا، ويترأس وزير الخارجية الأميركي اجتماعاً لمجلس الأمن لاستصدار قرار حول سورية، يدعم مسار فيينا ويتضمّن الخطوط التي تضمّنها، بينما يتفرّغ لقاء نيويورك للوصول إلى تفاهم على لائحة موحَّدة للتنظيمات الإرهابية، يصطدم حولها الموقفان الروسي والإيراني من جهة مع الموقفين التركي والسعودي من جهة أخرى، ويطال الخلاف ملفَّي «جيش الإسلام» و«أحرار الشام» اللذين شاركا بحضور مؤتمر الرياض للمعارضة السورية، بينما تصنفهما موسكو وطهران وتعاملهما كتنظيمين إرهابيين. ويأتي اللقاء بعد تراجع واشنطن عن موافقتها على نتائج مؤتمر الرياض، وإعلان موسكو وطهران نيتهما مقاطعة لقاء نيويورك بسبب ذلك.

الرئيس الروسي الذي كشف عن التفاهم مع واشنطن على مشروع القرار واللقاء، كاشفاً عدم موافقة الدولة السورية على كلّ بنود هذا التفاهم، داعياً إلى تبادل التنازلات، خصص جزءاً هاماً من مؤتمره الصحافي السنوي للتصعيد ضد الرئيس التركي رجب أردوغان كاشفاً استحالة تطبيع العلاقات التركية الروسية بوجود أردوغان وحزبه في الحكم بالقول: لا فرص للتطبيع مع هذه القيادة.

في سورية متابعة للتقدّم العسكري في ميادين القتال المتعدّدة وثقة بالعلاقة مع الحليفين الروسي والإيراني، حتى لو تباينت المقاربات، لأنّ التوجه الرئيس محسوم ومتفق عليه، وقد حسمه بوتين بمعادلة ردّدها في مؤتمره الصحافي، الشعب السوري وحدَهُ يقرّر مَن هو رئيسه، وروسيا لن تسمح لأيّ قوة أجنبية بأن تقرّر مَن يحكم سورية بينما كان للرئيس السوري بشار الأسد في حديث للقناة الثانية الهولندية ربط التقدّم في الحرب على التنظيمات الإرهابية بوقف التمويل والتسليح، وامتناع الدول المتورّطة مع التنظيمات الإرهابية عن مواصلة التلاعب بالمواقف، قائلاً في هذه الحالة يمكن الانتصار على الإرهاب بأقلّ من سنة.

المشهد الإقليمي لم يكن سورياً ولا تركياً فقط، ويبدو أنه ولمرحلة طويلة سيكون اليمن سياسياً في مقدّمة حصاد التطورات، حيث اليوم الثالث لمفاوضات جنيف يتخطّى الألغام ويستمرّ في البحث عن تدوير الزوايا، وينجح المتفاوضون بالوصول لبعض إجراءات بناء الثقة مثل فك الحصار عن تعز، وتشجيع تفاهمات تبادل الأسرى، بينما الوضع العسكري لا يزال متفجراً، سواء على الحدود السعودية اليمنية، أو عبر الغارات التي يشنّها السعوديون ولم تتوقف بعد.

في لبنان لا تأثيرات لهذه المتغيّرات والتطوّرات في رسم مناخات تشجّع على التقارب أو تزيد من التأزم، فالاتجاه العام للتسويات على الساحتين الدولية والإقليمية يحكم المقاربات، وتبدو حالات التصعيد والاشتباك تعبيراً عن السعي لتحسين أوضاع تفاوضية، وهذا معنى الحلف السعودي تحت عنوان الحرب على الإرهاب الذي أعلن حزب الله رفضه التامّ له ولورطة رئيس الحكومة التي جلبها للبنان بقبول المشاركة، علماً أنّ كلّ المواقف التي وردت، خصوصاً من تيار المستقبل وصفت موافقة سلام بالمبدئية التي تنتظر عرض الأمر على مجلس الوزراء مع المعرفة المسبقة بسقوط هذه المشاركة في الحكومة، وبالتالي خروج لبنان من هذه العاصفة السلامية.

أمنياً جاء قرار فرع المعلومات بتوقيف النائب السابق حسن يعقوب رهن التحقيق على خلفية اتهامه بالتورّط في خطف هنيبعل القذافي، سبباً لاحتجاجات وتظاهرات في البقاع وبيروت يُتوقع لها أن تشهد اتساعاً اليوم، ما يستدعي معالجة سياسية وأمنية تحول دون تأثيرها على الاستقرار العام ريثما تنجلي عن نهايات واضحة، ولهذا كانت على طاولة الحوار الذي شهدته عين التينة أمس، الذي أكد على متابعة الحوار بين جميع الأفرقاء في ملف الاستحقاق الرئاسي.

الاستحقاق والرئاسة والحوار والوفاق والعلاقة بسورية والمقاومة والعماد ميشال عون، كانت كلها في مواقف أعلنها النائب سليمان فرنجية ليلاً، تصرّف خلالها كمرشح رئاسي ثابت وواثق، داعياً الآخرين من الحلفاء والخصوم إلى التعامل مع هذا الترشيح بجدية من جهة، واعتباره فرصة من جهة أخرى، وتجريده من التفسيرات البوليسية والعدائية والاتهامية، فليس ثمة صفقة تمّت بل محاولة وفاقية لكسر الجمود وتقديم مبادرة إنقاذية.

فرنجية: أنا مرشح للرئاسة أكثر من أي وقت مضى

شدّد رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية على «أنه لا يزال مرشحاً لرئاسة الجمهورية أكثر من أي وقت مضى»، معتبراً نفسه «حصانة لخط المقاومة»، واعتبر «أنه حين يختار الأمين العام لحزب الله السيد نصرالله رئيساً فهذا يعني غنىً للبنان، وعندما يقبل الرئيس سعد الحريري برئيس هذا أيضاَ غنىً للبنان، مشيراً إلى «أنني لا افرض شيئاً على أحد ولكن لا أقبل أن يفرض أحد عليّ شيء، ونحن لم نطلب الرئاسة بل سافرت إلى باريس مقبول رئاسياً وهناك مَن طلب الرئاسة وذهب إلى كليمنصو والسفارة السعودية وباريس»، مشيراً إلى «أنني لا ألوم رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، بل ألوم الطريقة التي حصلت فيها الأمور».

..ونصرالله ملتزم مع عون

ولفت إلى «أن الرئيس السوري بشار الاسد لم ولن يطلب مني أي شيء ضد مصلحة لبنان، وأنا لا أسمح لأحد بأن يطلب مني شيئاً على حساب بلدي. وأكد فرنجية «أننا والسيد نصرالله واحد حتى بالموقف مع العماد عون، والسيد نصرالله حريص على لبنان أكثر مني، وعون لا يقل حرصاً على البلد، واذا لم نستطع انتخاب رئيس فعلينا تفعيل الحكومة ومجلس النواب، واذا لم نستطع انتخاب رئيس فعلينا تقديم البديل، والسيد نصرالله ملتزم مع عون بموضوع الرئاسة وأنا متفهم لهذا الموضوع». وأوضح أن اللقاء مع العماد عون كان من دون جدوى، وأنا أتفهّم جو العماد عون، ونحن نستطيع الوصول إلى حل، لافتاً إلى أنه «إذا ذهبت الفرصة باتجاه العماد عون، فنحن معه».

وكشف فرنجية أن اللقاء الباريسي الذي عقد مع الرئيس الحريري كان سرياً ليتشاور كل منهما مع فريقه في شأن المبادرة الرئاسية، موضحاً أنهما تفاهما على عدد من الأمور، وأكّد أن السيد نصرالله كان دائماً على علم بكل الأجواء. ورأى أنه لا يمكن للمبادرة أن تصبح رسمية من دون الاتفاق عليها نهائياً، معتبراً أن التفاهم مع الحريري خلق جو ارتياح في البلد.

ووصف فرنجية في حديث لبرنامج كلام الناس عبر الـ LBCI طرح 14 آذار للرئاسة بـ«الجدي» قائلاً « حينذاك قررنا التكلم مع العماد عون فأرسلنا احد أعضاء الحزب لإبلاغه عن المبادرة بعد العودة من باريس مباشرة». وكشف أن العلاقة مع العماد عون غير طبيعية منذ سنتين، وقال: «هو كان دائماً يقول بأنه المرشح للرئاسة ولكن من دون خطة «ب».

..وضد أي قانون انتخاب «مسخ»

وأوضح فرنجية رداً على سؤال، أنه يفتخر بالعلاقة التاريخية مع آل عبد العزيز، مشدداً على أن الخلاف هو في السياسة وليس في الشخصي»، ولفت إلى «أن الحريري لم يطلب أن يكون رئيس حكومة إنما حكومة وحدة وطنية ترأسها شخصية من 14 آذار». وأكد فرنجية «أنني أضمن أن لا أطعن الحريري بظهره بحال توافقنا وأضمن أن لا أسقط حكومته، وأتمنى أن يكون الحريري في الجو الإيجابي وفي منتصف الطريق».

وأكد أنه لم يعِد الحريري بقانون الستين وتقنياً لا احد يستطيع تقديم شيء في هذا الموضوع، وأنا مع الانتخابات، والحريري في مكان ما يعتبر أن هناك قانوناً انتخابياً يُحاك لضربه سياسياً، وطمأنت الحريري أن لا مشروع انتخابياً لضربه، ومصلحتي لا تكون عبر القانون الأكثري»، معتبراً «أن مصلحتي في قانون الانتخاب تكون بالنسبية، وأنا ضد أي قانون انتخاب «مسخ» يضرب أي طائفة».

بوصعب: نحن وفرنجية خط واحد

في موازاة ذلك، كان وزير التربية الياس بوصعب أكد ظهر أمس من البلمند «أن علاقة فريقه السياسي متينة مع رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وهم في الخط سياسي نفسه»، معرباً عن «أن ما من شيء بإمكانه أن يزعزع هذا الحلف»، مشدداً على أن «ما نسمعه عن اختلاف في الفريق الواحد ليس في مكانه وفرنجية من أهل البيت». وأعلن بوصعب «أن رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون هو مرشحهم للرئاسة، وأن لا تغيير في مرشحهم ما لم يوافق عليه الفريق مجتمعاً، وإن هذا الفريق مصرّ على أن الجنرال عون هو مرشحه للرئاسة».

وكان سبق إطلالة فرنجية اجتماع وفدي تيار المستقبل وحزب الله في الجولة الثانية والعشرين من حوارهما الثنائي مساء أمس، في عين التينة، جرى استكمال النقاش حول الاستحقاقات الدستورية وضرورة استمرار الحوار، وصولاً إلى التفاهمات التي تخدم المصلحة الوطنية. وعلمت «البناء» أن «وفد تيار المستقبل لم يطرح خلال اللقاء التسوية الرئاسية، فهناك قرار بأن لا تكون مادة للنقاش في اجتماعات رسمية قبل إطلالة فرنجية، وما سيصدر عن الرئيس سعد الحريري في الساعات المقبلة، في حين أن حزب الله لا يرى ضرورة في البحث بطرح كهذا ما لم يعلن رسمياً ولا يزال أفكاراً عند أصحابه».

وفي السياق نفسه، رجحت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن يخرج عن الرئيس الحريري بيان يعلن فيه تبني ترشيح فرنجية لرئاسة الجمهورية.

حزب الله يرفض التحالف الإسلامي

وعبر حزب الله عن شكوك عميقة بالخلفيات والأهداف وراء إعلان المملكة السعودية للتحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، ورأى في هذا الإعلان استجابة من السعودية، ومن دول أخرى، لقرار أميركي يعمل على تأمين قوات من أنظمة معينة في المنطقة العربية والإسلامية، تحت مسمّيات طائفية ومذهبية، بديلاً عن إرسال قوات أميركية بريّة إلى المنطقة.

ولفت إلى «أن إنشاء هذه التحالف هو أمر دُبّر على عجل وبشكل مشبوه، ما يطرح الكثير من الأسئلة، وعلى رأسها السؤال حول مدى جدارة السعودية في قيادة تحالف ضد الإرهاب، وهي التي تتحمل مسؤولية الفكر الإرهابي المتطرف والمتشدد، كما أنها تستمر في تبني هذا الفكر ودعمه في كل العالم ومما لا يُخفى على أحد أن السعودية هي التي تمارس إرهاب الدولة كما فعلت في اليمن، وهي التي تدعم حركات الإرهاب في سورية والعراق واليمن، وتقف إلى جانبها دول أعضاء في التحالف المفترض، تقوم بالدور نفسه في دعم الإرهاب وحركاته. ولا بد من سؤال مَن يقفون وراء هذا التحالف عن الإرهاب الذي ينوون محاربته، وما هي صفاته ومَن هم المدانون به، وأين هو موقع إسرائيل وعدوانها وإرهابها المستمر بحق الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة منه، فهل سيحاربها هذا التحالف أم أنه سيحارب حركات المقاومة ضد العدو الصهيوني؟». ورأى حزب الله في ما قاله رئيس الحكومة رأياً شخصياً لا يلزم أحداً، لأن رئيس الحكومة أيّاً كان لا يمكنه الموافقة على الدخول في حلف عسكري تحوم حوله كل هذه التساؤلات، إذ إن هذا الأمر تجب مناقشته في مجلس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب بشأنه موافقةً أو رفضاً، وفي حال كان اتفاقية أو معاهدة عسكرية، فهو يحتاج أيضاً إلى موافقة مجلس النواب اللبناني، وبالتالي فإن هذه الموافقة كعدمها ليس لها أي أثر قانوني أو سياسي أو إجرائي.

توقيف حسن يعقوب

وفي الشأن القضائي، تمّ توقيف النائب السابق حسن يعقوب على ذمة التحقيق في قضية اختطاف هنيبعل القذافي. ووجه يعقوب بالسورية فاطمة هـ. التي كانت صلة الربط بينه وبين الخاطفين وأنكر معرفته بها ووجه بالتسجيلات الهاتفية، لكنه أنكرها أيضاً. وتم استدعاء آخرين للتحقيق معهم على علاقة بالقضية.

رد ريفي طلب سورية استرداد القذافي لم يكن في محله!

أكد وزير العدل اللواء أشرف ريفي أن القرار الأول والأخير والكلمة الفصل تبقى للقضاء اللبناني في إبقاء هنيبعل القذافي قيد التوقيف أو إطلاق سراحه. في المقابل، تؤكد مصادر قضائية لـ«البناء» أن الذي يمنح اللجوء السياسي وبحسب القانون الدولي يتنازل عن حقه في ممارسة العمل السياسي من أي نوع كان، مقابل أن يمنح الحماية الأمنية من الدولة التي منحته حق اللجوء السياسي». وتشير المصادر إلى أن الدولة السورية المتعهدة حماية هنيبعل القذافي أمنياً ترى أن الوفاء بالالتزامات الأمنية يفرض عليها المطالبة باستعادته، إذا كان وجوده في هذا البلد الذي أوقف فيه تمّ بشكل قسري، أما إذا كان وجوده ناجماً عن إرادته، فيكون عندها تنازل عن اللجوء السياسي، وأعفى سورية من موجباتها الأمنية». وسألت المصادر هل تم استدراجه إلى لبنان ومغادرته سورية بإرادته، أم أن عملية خطفه حصلت من داخل الأراضي السورية، ففي الحالة الأخيرة تكون جريمة الخطف خاضعة لولاية القضاء السوري، أما إذا غادر سورية بإرادته سواء استدرج أو لم يُستدرج، فهذا يسقط الصلاحية السورية عن الموضوع، بخاصة أنه تحوّل في لبنان إلى مدعى عليه أمام المجلس العدلي». وتلفت المصادر إلى «أنه لا يحق للوزير ريفي أن يردّ الطلب من دون العودة إلى المدعي العام التمييزي ويقطع الطريق على القضاء صاحب الصلاحية، والذي يملك السلطة الاستنسابية للتقدير»، مشيرة إلى «أنه يمكن للقضاء اللبناني بموجب اتفاقية تبادل السجون بين لبنان وسورية، التنسيق مع القضاء السوري لإجلاء غموض القضية واتخاذ الموقف المناسب على ضوء التنسيق، أما خلط السياسة في القضاء فهذا ليس من مصلحة البلدين».

حكومياً، باتت قضية ترحيل النفايات بيد رئيس الحكومة تمام سلام الذي من المفترض أن يدعو إلى جلسة الأسبوع المقبل بعد أن بلغت الأمور خواتيمها أمس، في اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة متابعة ملف النفايات. وأكد وزير الزراعة أكرم شهيب أن «الأمور ممتازة وأنه قدّم إلى سلام التقرير المفصل على أن يقرر الأخير موعد الجلسة الحكومية».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى