الظلام

نعتك في البلد الفسيح المواقع

ورثتك في الأفق البعيد السواطع

أفلت قبل الفجر يا نجم الرضى

ففقدتك في الكون النجوم اللوامع

بكتك النساء والرجال الأشاوس

وباكية أخرى خانتها المدامع

فجعت الخضراء فيك وثكلت

وقد توالت على البلاد الفواجع

أراك مسجّى وقد كنت جامحاً

تشير إليك في الفلول النواقع

كوينا بنار الغدر من أهلٍ لنا

فعضّت على الشفاه منّا القواطع

ومن الغيظ الكظيم ومن الأسى

يبست من أيدي الرجال الأصابع

لن نسكت بعد اليوم ولن ندع

تكبر في رؤوس الظلام المطامع

من جحور التاريخ قد خرجوا لنا

كما خرجت من المجاري اليرابع

وغزوت سرّاً وجهراً لنا بيوتاً

وما سلمت من رجسهم الجوامع

تنادوا كالغربان من كلّ فجّ

فضجّت وعجّت بـ«طالبان» الشوارع

يفتون بنكح القاصرات وهديهن

وختن البنات ولبسهن البراقع

واد في سواد مشين فيه

ظلام في ظلام لا تنره المشامع

جيران بيت الله أفتوا الفتاوى

فدَكّت ديار المسلمين المدافع

يبنون الملاهي للقمار وللزنا

وساءتهم حلب الشهبا والمصانع

ينامون ملء جفونهم تخمى

ورضّع الشام لا تؤم المضاجع

وأولى القبلتين نسوا نداها

وللأبيض الغربيّ باتوا رواكع

أيا عمر الخطاب قم لترى

دواب الحجاز قد خلعت البرادع

وأصبحت تحكم البلاد وأهلها

وأسود نجد في القيود توابع

لأشباه النساء روّضت الرياض

وأرض الجزيرة للنعاج مراتع

ولم يبقَ إلا هزبر الشام مزمجراً

عصيّاً على كلّ جريء مصارع

قل لدونكشوت الدوحة أن وعى

وهزّاز الرياض أن هادنته الوجائع

ونتن اليهود المستبدّ بغيّه

لكلّ الثلاثة وأردوغان الرابع

إن كان خصمك في دمشق وأهلها

فإنّك يا غبيّ لا محالة واقع

دعوا الدين سمحاً بسيطاً كما أتى

إنّ الفتاوى في ذا الزمان ذرائع

انظر إلى الأعجام سادوا بعلمهم

تباركهم الدنيا والسماوات السوابع

رنت إلى ما وراء العرش هِمم لهم

ورمتنا في قاع الحضيض المراجع

ما أكثر الأعراب حين تعدّهم

مثل الغبار لا تقام منه الموانع

ناديت للعلم الصحيح فما سمعت

وما فهم الندا إن وُجدت السوامع

محمد الصولي ـ تونس

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى