أولى

السفير السعوديّ وتحرّك القوات

 

تزامُن ثلاث وقائع كان كافياً للفت نظر المتابعين ودفعهم لطرح التساؤلات، الأول هو لقاء يعقده السفير السعوديّ مع قائد حزب القوات اللبنانية يمتد لثلاث ساعات مساء يوم أحد، وهو يوم عطلة كما يُفترَض، عشية الإعلان عن يوم الغضب الشعبيّ. والثاني ما ظهر من يوم الغضب الشعبي من موقع خاص للقوات اللبنانية، بحيث كادت عمليات التعبئة لقطع الطرقات تكون محصورة بمناطق نفوذ القوات بين الدورة وجبيل، وكانت شعارات القوات وحضور رموزها حاضرة من دون تمويه. والثالث كان كلام النائب السابق وليد جنبلاط عن مكانة خاصة لقائد حزب القوات سمير جعجع لدى السعودية بلغة الاستهجان في الحديث عن سرّ هذا الاهتمام السعودي المميّز بجعجع. وجنبلاط الذي سارع للاعتذار عن كلامه الذي اعتبره السعوديون إساءة لهم، هو حليف مقرّب للسعودية من المستغرَب أن يستغرِب.

يبدو من الإشارة الجنبلاطيّة أن الاعتماد السعودي على القوات بات أقرب لتنصيبها ممثلاً حصرياً للدور السعودي على حساب حلفائها التقليديين وفي مقدّمتهم جنبلاط نفسه، لكن قبله الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري الذي ينتظر منذ شهور وفي جيبه التكليف لينال بهذه الصفة فرصة المصالحة مع ولي العهد السعودي واستعادة ثقة ذهبت الى مكان آخر.

اللقاء بتوقيته وعلنيّته عشيّة التحرّكات يبدو متعمّداً لتظهير الدور السعودي الداعم لتحرك القوات وتظهير شعارات القوات في هذا التحرك بصفتها الناطق باللسان السعودي حول المطلوب في لبنان، ليسمع الحريري الموجود في الإمارات، بأن لا مكان لتسوية سياسية تنتهي بتشكيل حكومة في القراءة السعودية للوضع اللبناني. وهي رسالة تتعدّى أهدافها مسامع الحريري إلى العاصمتين الأميركيّة والفرنسيّة حول قدرة السعودية على تعطيل أية تفاهمات لاحقة تستدعي بتأثيراتها المدى اللبناني من دون مرورها بالمعبر السعودي الإلزامي بالاستناد إلى القدرة على تحريك الوضع المالي ودفعه نحو التفجير واستثماره في الشارع عبر حليف قادر على التعطيل.

الثمن المطلوب سعودياً للتخلي عن رسائل التعطيل ليس لبنانياً، كما يظن البعض، فالاشتراطات السابقة لحكومة تستثني حزب الله لم تعد ذات قيمة، أما الشروط الجديدة والتي بات واضحاً أنها تبدأ بخوض معركة الدفاع عن مكانة ولي العهد السعوديّ في مواجهة ما يُعتقد أنه مسعى أميركي لتحييده من المشهد السياسي، ولا تنتهي بالضغط لوقف أي توجّهات نحو العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران من دون شراكة سعودية بالتفاوض. وهذا مضمون الرسالة لفرنسا تذكيراً بتعهد رئيسها بضم السعودية إلى اي تفاوض حول الملف النووي الإيراني، والسعودية تقول، من دون ذلك لا حكومة في لبنان؛ بينما سقف ما يملكه الحريري في مجاراة السعودية وطلب ودّها هو القول إن حزب الله يعطل الحكومة لتعزيز موقع إيران التفاوضي في الملف النوويّ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى