أولى

لبنان الجديد 2022… 2024… 2030

 كلود عطية*

يبدو أنّ استراتيجية الدول الغربية والاقليمية وخططها وأهدافها تصبّ في مصلحة ولادة لبنان الجديد… عله يكون صورة موسّعة عن لبنان الكبير/ الصغير الذي ولد منذ تاريخه ولادة قيصرية طائفية مريضة.

لم يستطع هذا الاستعمار رغم تغلغله الفكري والثقافي في عقول اللبنانيين، ورغم حضوره في نصوص الحكم ومؤسسات الدولة أن ينتزع رغبة اللبنانيين الدائمة بالبحث عن استعماريين جدد بعد عشرات الحروب وجولات الاقتتال…

وتجري التبعية في عروق الطائفيين والمتزلمين ومرتزقة الأحزاب وأمراء الحرب… وها هي براعمها تتفتح في ربيع الثورات الملوّنة التي حوّلت قبضة اليد اللبنانية الى قبضة حديدية بسواعد أميركية… وهنا تغيّرت اللعبة ودخل لبنان في نفق الظلام الذي لا يبشر بالنور.. إلا بشروط الدولة التي تحكم العالم.. فكان الحصار الذي غيّر وجهة البلاد وحوّلها بلاداً منكوبة مفلسة.

أما السؤال الذي يطرح نفسه الآن وبعد كلّ هذا المخاض.. هل سيولد لبنان جديد بعد فكّ الحصار وحلّ الأزمات؟ كيف سيكون شكل الولادة؟

يبقى أن نشير هنا الى أنّ الغاية الأشمل والأعمّ للولايات المتحدة الأميركية وبعض الدول الحليفة الكبرى، هي تحويل لبنان ممرّاً طبيعياً لأهدافها واستراتيجياتها الاقتصادية والعسكرية، ونقطة الارتكاز لتوزيع المنتجات والبضائع الأميركية والأوروبية، وعلى رأسها تجارة السلاح، للإبقاء على كلّ المنطقة المشرقية، والشرق أوسطية، منطقة ملتهبة وساحة حرب لا يمكن إغلاقها الا بتطبيق مبادئ وشروط السلام مع العدو «الإسرائيلي»، والتطبيع الثقافي والجغرافي والسياسي والاقتصادي مع هذا العدو… فهل يطبّع لبنان المولود من رحم الحصار؟

أما من الناحية الاقتصادية والمطالب الأميركية والفرنسية بتقاسم ثروات لبنان… فهل ستكون من ضمن الاستراتيجية الموضوعة لولادة لبنان الجديد؟ وبالتالي هل سيكون غنياً بثرواته أو مسلوباً سجيناً وتابعاً لأطماع العالم؟

من هذا المنطلق، لا بدّ من الإشارة الى أنّ هندسة وبرمجة خراب لبنان، لم تكن إلا بتوجه من الجمعيات والمنظمات السرية التي تحكم العالم، والتي تضمّ في صفوفها نخبة من الحكَّام اللبنانيين المبرمجين لإفلاس ونهب الدولة اللبنانية، تماما كما حدث ويحدث من تفتيت للمنطقة العربية ونهب ثرواتها، ما يذكرنا بالكتاب الذي صدر عن منشورات زين الحقوقية عام 2017… بعنوان « فيروس الثورات العربية» الذي ذكر بالأسماء عشرات المنظمات السرية الدولية التي ساهمت بتخريب العالم العربي وتفتيته من الداخل. فهل ستنجح خطط هذه المنظمات والدول التي ترعاها في خلق لبنان جديد على قياس أفكارهم وأطماعهم؟ أم أنّ قوى الممانعة ستكون في المرصاد؟ وكيف سيكون شكل التسويات السياسية المحلية والإقليمية والدولية؟

بناء عليه، لبنان 2022 أو لبنان 2024 أو في أيّ فترة زمنية كانت سيبقى هو نفسه مجرد ورقة تتلاعب فيها رياح الغرب الاستعماري… وستبقى أبوابه مشرّعة للذلّ طالما أنّ الشعب قد استسلم للذلّ، ورضيَ بمشيئة تبعيته، ولن يكون لبنان سيداً حراً مستقلاً إلا إذا ولد مجدداً من خاصرته الجغرافية والبشرية والاجتماعية والاقتصادية واستعاد تاريخه الحضاري وثروته الإنسانية الحقيقية التي لا تقدّر بثروات أخرى.. فالشعب الحر لا تقدر عليه قوى العالم مهما اشتدّ الحصار ومهما تعاظمت الأخطار.. فهل سنبصر نور الحرية يوماً؟ هل سنخلع عنا رداء الطائفية والتبعية؟ أم أننا سنولد مرة أخرى من أجل الموت وليس من أجل الحياة…؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*عميد التنمية الإداريّة في الحزب السوري القومي الاجتماعي.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى