أولى

الهجوم الإرهابي في حمص: التوقيت والأهداف…

‭}‬ حسن حردان
شكل الهجوم الإرهابي بوساطة مُسيّرات على احتفال تخريج ضباط في الكلية الحربية في مدينة حمص، تأكيداً جديداً على استمرار الحرب الإرهابية التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية ضدّ سورية، دولة وجيشاً وشعباً، منذ عام 2011.. وأظهر الهجوم مجدّداً الطبيعة الإجرامية للجماعات الإرهابية المسلحة، باستهدافه إيقاع أكبر عدد من القتلى والجرحى في صفوف العسكريين والمدنيين، ذلك أنّ الاحتفال كان احتفالاً عسكرياً وشعبياً تحضره عائلات الخريجين والعشرات من المدنيين..
وهو ما درجت على ارتكابه الجماعات الإرهابية على مدى سنوات الحرب الارهابية، من تنفيذ مجازر وقصف إحياء سكنية وقتل وذبح الأسرى والموظفين، إلى آخر سلسلة الجرائم التي ارتكبتها في محاولة:
أولاً، للنيل من صمود والتفاف الشعب السوري حول قيادته وجيشه.
ثانياً، محاولة إرهاب ضباط وجنود الجيش العربي السوري ودفعهم إلى التمرّد وصولاً إلى احداث الانقسام داخله.
ثالثاً، محاولة إضعاف صمود الدولة السورية، وتفكيك معادلة القيادة والجيش والشعب التي شكلت أساس صمود سورية وإحباط مخططات أميركا لإسقاطها في شباك الاستسلام لمشاريع هيمنتها.
لكن كلّ هذه المجازر والرهانات عليها لتحقيق أهداف واشنطن ومن ورائها «إسرائيل»، فشلت ولم تنجح في بلوغ ما تصبو اليه.. ولهذا لجأت إدارة العدوان في الولايات المتحدة إلى الرهان على الحرب الاقتصادية لزيادة معاناة الشعب السوري، التي تسبّبت بها الحرب الارهابية، وبالتالي تعظيم المصاعب أمام الدولة والقيادة السورية، وجعلها غير قادرة على مواجهتها، رهانا على تحقيق واحد من هدفين:
الهدف الأول، الرضوخ للشروط والإملاءات الأميركية مقابل رفع الحصار الاقتصادي.
الهدف الثاني، أو تحرك الشارع تحت ضغط اشتداد الأزمة، وتفجير احتجاجات شعبية ضدّ الدولة، وهو ما سعت أدوات واشنطن الى افتعاله في محافظة السويداء بمحاولة تأجيج الاحتجاج على الأزمة المعيشية، التي تسبّب بها الحصار الأميركي، ودفعه ليتحوّل إلى تمرّد على الدولة واضطرابات تمتدّ إلى المحافظات والمدن السورية الأخرى.
لكن أيّ من هذين الهدفين لم يتحقق، فلا الدولة رضخت لشروط واشنطن، ولا تحرك السويداء توسع وانتشر.
بل على العكس، ظهر أنّ الشعب السوري بات أكثر وعياً لما تخطط له واشنطن، وهو عضّ على جرح معاناته، منتظراً فرجاً قريباً يأتي من حلفاء وصدقاء سورية القادرين على كسر الحصار الأميركي.
لم تكن القيادة في سورية تقف في حالة انتظار، في مواجهة حرب الحصار الأميركية وما تسبّبه من اشتداد لمعاناة السوريين، ومن محاولات بعض الأدوات المأجورة والعملاء للأجنبي استغلال الأزمة لتفجير الاحتجاجات، ولا عودة تحريك الأميركي لداعش في البادية ودير الزور، وجبهة النصرة في إدلب لشنّ هجمات إرهابية ضدّ الجيش العربي السوري لزيادة منسوب الضغط الأميركي، وإشغال سورية وحلفائها بعيداً عن مواجهة قوات الاحتلال الأميركية واستمرار نهبها لثروات سورية، ومخططاتها التقسيمية في شمال وشرق سورية.. ولهذا ردّت القيادة السورية بالتحرك على خطين لإحباط هذه المخططات الأميركية:
الخط الأول، دعم التحركات الشعبية في شرق الفرات ضدّ قوات قسد التابعة للاحتلال الأميركي، وهو ما تجسّد في دعم انتفاضة العشائر العربية ضدّ ممارسات قسد التعسفية المدعومة من الاحتلال الأميركي..
الخط الثاني، تلبية الرئيس بشار الأسد دعوة نظيره الصيني لزيارة الصين، والتي تمخضت عن توقيع اتفاق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين وقرار الصين بتقديم الضمانات لشركاتها للاستثمار في سورية والمشاركة في عملية إعادة إعمارها… وهو الأمر الذي اعتبر رداً مباشراً من القيادة الصينية على المشروع الأميركي بشقّ طريق الهند أوروبا عبر الشرق الأوسط، وترجمة عملية من قبل بكين للبدء بتنفيذ الشق السوري من طريق الحرير «الطريق والحزام»، مما يسهم في تنفيذ مشاريع بنى تحتية ومشاريع تنعش الاقتصاد السوري تنعكس إيجاباً على الحركة الاقتصادية وفرص العمل ومعيشة الشعب السوري…
من هنا فإنّ الاحتمال الأرجح أن يكون الهجوم الإرهابي على احتفال التخرّج في الكلية الحربية في حمص قد جاء في هذا التوقيت بأمر عمليات أميركي بهدف:
1 ـ هز حالة الأمن الاستقرار التي باتت تسود معظم المحافظات السورية، في محاولة للتأثير على ايّ توجه للشركات الصينية للاستثمار في سورية، انطلاقاً من انّ الرأسمال لا يقدم على الاستثمار في بيئة غير آمنة له.
2 ـ خلق مناخ عام من الإحباط واليأس من إمكانية الخروج من الحرب وآثارها المدمرة، وبالتالي إحباط جهود القيادة السورية لمعالجة الأزمة التي تسبّبت بها الحرب الإرهابية والاقتصادية المستمرة على سورية.. وذلك في سياق المخطط الأميركي الهادف إلى إبقاء سورية وقيادتها تحت الضغط لإخضاعها لشروط واشنطن التي فشلت في تحقيقها طوال سنوات الحرب الإرهابية الشرسة على سورية..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى