الوطن

عباس فواز لـ «البناء»: لا غنى ولا بديل عن الجامعة اللبنانية الثقافية كمنبر رسمي وموحد وممثل شرعي وقانوني للمغتربين في العالم

علي بدر الدين

الانهيارات المتتالية على غير مستوى اقتصادي ومالي واجتماعي ومعيشي وخدماتي، التي تعصف بالوطن الأمّ، وبشعبه الذي يئنّ من الفقر والجوع والبطالة والمرض والقهر والذلّ والحرمان والإهمال، والآتي قد يكون أسوأ وأشدّ خطورة، في ظلّ تحكم سلطة سياسية ومالية فاسدة، و»مافيات» المحروقات والدواء، وتجار الاحتكار والدولار، المتواطئة على هذا الشعب، الذي خرّ مضرجاً بجوعه ومرضه وقلة حيلته، والذلّ الذي كسر إنسانيته، وحوّله إلى ما يشبه الأيتام على مآدب الحكام اللئام.

في مقابل لبنان المنهار والمتهاوي والمبتلي بهذه الطبقة السياسية، التي يعجز أيّ كلام عن وصف سلوكها الشرير والمشين، مهما بلغ علوّ منسوبه ومستواه من سيئاتها وإساءاتها وسرقاتها وفسادها وارتكاباتها، بحق الوطن وناسه.

هناك في البعيد وطن آخر، وشعب آخر، شقّ طريقه بجهود ذاتية وبصبر ومعاناة وعصامية، ومن حسن حظه وطالعه، أنّ الطبقة السياسية المالية والسلطوية الحاكمة في لبنان، ظلت أياديها الملوّثة بمنأى عنهما، مع أنها حاولت اللعب مراراً وتكراراً، على أوتار طائفية وغرائزية وعصبية، بين أبناء وطن المغتربين اللبنانيين، الذين استوعبوا الدرس، وتجنّبوا تجربة الشعب المقيم، الذي بارتهانه وتبعيته ومبايعته الانتخابية العمياء، لمكوّناتها التي سحقته و»مسحت» فيه الأرض، بعد أن سلبت حقوقه وأهدرت كرامته، وطوّعته وقمعته وأسكتته بقوة التسلط والنفوذ.

هذا اللبنان الآخر النظيف، هو الأمل المعوّل عليه، في الآتي من الزمن، لا سيما أنه رغم كلّ الصعوبات والمعوقات والأخطار المتربصة به والداهمة، التي تعرّض لها سابقاً، ظلّ وفياً لوطنه وأهله، وكان ولا يزال هو الرافعة المالية والاقتصادية والإنقاذية لهم، ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، برعاية اغترابية صادقة تتمثل بالجامعة اللبنانية الثقافية في العالم رئيساً وهيئة إدارية ومنضوين تحت لوائها، هذه الجامعة التي نهضت من بين ركام الخلافات والانقسامات والاستهدافات، بعد أن أمعن البعض فيها نحراً وتمزيقاً، وحاول البعض الآخر استغلال ضعفها، واستهتار الدولة بها وتجاهلها، وكأنها مجرد «فرق عملة» سياسية طائفية، لا قيمة لها إلا بما تؤمّنه من منصب وشهرة، وما يملكه المنتسبون إليها وغيرهم من المغتربين من أموال «حوّشوها» عن شجرة الاغتراب. يمكن القول، إنّ الجامعة اليوم في أوج عصرها وقمة عطائها، ووحدتها، وتعاون المنتسبين إليها وتماسكهم، بقيادة وطنية شجاعة وناجحة ممثلة، برئيسها العالمي عباس فواز، وأعضاء الهيئة الإدارية التي تضمّ في صفوفها نخباً اغترابية مشهوداً لها.

الاغتراب اللبناني اليوم كما بالأمس والغد، أحوج ما يكون إلى المتابعة والاهتمام والتنظيم والتحصين والحماية، لا سيما الاغتراب الأفريقي، المرتبط روحياً وفعلياً ومالياً وانتماء بالوطن الأمّ، لا سيما أنّ بعض الجاليات اللبنانية في القارة الأفريقية، بدأت بإعادة ترتيب أوضاعها الداخلية والإدارية بتوجيه ومتابعة من فواز مباشرة، وتتحضر لانتخاب هيئاتها الإدارية ورؤسائها بعناصر شابة جديدة وحيوية.

على سبيل المثال لا الحصر، الجالية في الكوت ديفوار، وتحديدا في عاصمتها أبيدجان، حيث تمّ تشكيل لجنة من أبنائها تحضيراً لهذه الانتخابات، لوجستياً وإدارياً وانتسابات وبرنامج عمل.

ولتسليط الضوء على عمل اللجنة وأوضاع الجاليات اللبنانية في القارة الأفريقية وغيرها على مستوى الاغتراب في العالم، التقت «البناء» الرئيس العالمي للجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، السيد عباس فواز، وسألته أولاً عن أوضاع الجالية في أبيدجان وعمل اللجنة المشكَّلة، فأكد أنه على اتصال وتواصل دائمين مع اللجنة، التي تشكلت بإشراف وفد الجامعة الذي زار أبيدجان العام الماضي وبحضوري شخصياً، وهدفها محصور بالتحضير للانتخابات، والالتزام بأهمّ شرط وهو التنسيق مع أكبر عدد ممكن من أبناء الجالية وتحفيزهم على الانتساب إلى الجامعة فرع أبيدجان، لأنّ هذا الانتساب يشكل قاعدة شرعية وقانونية للجمعية العمومية المخوّلة قانونياً، انتخاب هيئة إدارية جديدة، التي بدورها تنتخب هيئتها التنفيذية والرئيس.

يضيف فواز، طلبت من اللجنة ألا تستثني أحداً من الجالية في اتصالاتها ومشاوراتها، والتنسيق معها، وحثها على الانتساب، وهي فعلاً استجابت وتفاعلت وحدّدت مبدئياً أواخر العام الحالي موعداً لإجراء العملية الانتخابية.

ويشدّد فواز، على أهمية التزام اللجنة بالقاعدة القانونية والانطلاق منها، والمتمثلة بالجهة الوحيدة هي الجمعية العمومية التي تتشكل من المنتسبين الذين نأمل أن يكون عددهم كبيراً ويتلاءم مع حجم الجالية في أبيدجان التي لها مكانتها واحترامها، لا سيما أنها تمثل الثقل الاغترابي المهمّ جداً على مستوى أفريقيا والجاليات اللبنانية فيها، بعد غياب طويل عن المسار القانوني، على قاعدة صلبة وأمينة أساسها ومدماكها الجمعية العمومية. وأكد أنّ الانتخابات ستكون حتماً نزيهة وديمقراطية، ويعوّل عليها، انتخاب واختيار الأفضل والأنسب والأكفأ والأصلح والأحرص على مصلحة الجالية والاغتراب.

وعن غياب الجامعة ودورها وتأثيرها في الكوت ديفوار، أجاب فواز: لسوء الحظ، فإنّ غياب وتغييب الجامعة عن العمل الاجتماعي في أبيدجان مثلاً، ناتج عن عدة عوامل منها، على سبيل المثال، عدم تفعيل الهيئات الإدارية واللجان للمجلس الوطني والفروع في الكوت ديفوار. العامل الثاني، والأشدّ فتكاً، يتمثل في محاربة الجامعة على مختلف المستويات العليا والدنيا، وقد حاربها الطامحون لأخذ دورها، من سياسيين ومرجعيات وجمعيات منتفعة من غيابها. وعلى هذه الجمعيات أياً كانت، أن تعي، أنه مهما تعاظمت قدراتها، لا غنى ولا بديل عن الجامعة كمنبر رسمي وموحد للجاليات اللبنانية في عالم الاغتراب اللبناني المترامي، ولأنها المؤسسة الاغترابية الأمّ الحاضنة للمغتربين وممثلتهم الشرعية والقانونية والوطنية، وهي الوحيدة تحت هذه العناوين، القادرة من موقعها كمنبر رسمي، على مخاطبة المسؤولين في الدول المضيفة، والتعامل معهم كممثل شرعي وقانوني لجميع الجاليات اللبنانية في أماكن تواجدهم، وبناء جسور من العلاقات معهم على المستويات القارية والعالمية، والتواصل الدائم معهم، وتقوية أواصر الصداقة وتمتين الروابط بينهم.

وعن دعوته المغتربين لزيارة لبنان، في ظلّ ما يعانيه من أزمات على كلّ المستويات، قال فواز: لبنان هو الوطن الأمّ لكلّ اللبنانيين، وهو اليوم وغداً، بأمسّ الحاجة إلى أبنائه المغتربين، لأن لا نصير له ولا معين يعني كما يُقال «مقطوع من شجرة»، والكلّ «يتكالب» عليه بهدف تهميشه وإركاعه وإخضاعه لإملاءات من كلّ حدب وصوب، لذا وجب علينا ان نقف إلى جانبه في ظروفه الصعبة جداً التي يمرّ فيها، مهما تعاظمت التحديات، ولبنان هو وطن نهائي ودائم لكلّ أبنائه أنّى كانوا، ومن واجبنا أن نوظف كلّ إمكانياتنا مهما كبرت أو تواضعت، من أجل دعمه واستمراره وديمومته، حتى زوال هذه الغمّة عنه، على القاعدة الشرعية التي تقول: «السابقون، السابقون، أولئك المقرّبون» يعني من يقف مع الوطن هو أوْلى به ونحن جزء لا يتجزأ من هذا الشعب المعطاء من مقيمين ومغتربين، وكلّ يضحي من جانبه وفق أوضاعه وإمكانياته، والكلّ يعاني من أجل هذا الوطن وشعبه، وعلينا ان نتحمّل مسؤولياتنا وان نضحّي ما بوسعنا لنتجاوز معاً هذه الأزمات الشديدة الخطورة.

وأكد فواز انّ زيارة الكوت ديفوار وغيرها من دول الاغتراب اللبناني وخاصة في القارة الأفريقية هي في أولويات جدول أعمالنا، وعندما تسمح ظروف السفر ومعاناته المتمثلة باستمرار تفشي كورونا وغيرها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى