حديث الجمعة

خربشات أنثوية.. هائمٌ بأخرى!

حينما علمت بأنه هائمٌ بأخرى..

وبأنّ قلبه ينبض بنبضاتٍ ليست على لحني..

لم ينتابني ذاك الشعور الناقم عليه أو على قلبي.. لم أثور غضباً كأي أنثى.. لم تشتعل نار الغيرة داخلي كأي أنثى عاشقة.. كان الهدوء سيّد الموقف.. واللامبالاة عالية بمنسوبها.. لم يحرّك فيي ساكنٌ وتحركت خطواتي نحو المطبخ حضّرت المائدة بكل ما تشتهي نفسي كأنما احتفالٌ بيوم مولدي.. لبرهة شعرت بأني جامدة كجبل من جليد.. تيقنت بأني كنت واهمة.. وبأنّي كنت مكبلة بأصفاد من الحديد.. وبأنّ شهقة الحياة عادت لي من جديد.. وبتُّ في اللحظة نفسها التي علمت بالأخرى امرأةً أخرى.. كأنما جبالٌ أزيحت عن صدري.. أثقلت كاهلي تلك الأحمال.. فلم أعد قادرة على النطق ولا التفوّه بحرفٍ جازم.. بل كل ما كان بات في خبر كان.. وبقي لحني يعزف في مسمعي بلا عازفٍ يدوي بصوتِ الفرح.. لحن الخلود لحني بلا معشوق يغني.. فأمسكت بقلمي وأصابعي ترتجف ربما من الغضب.. ظننت أنها غاضبة وخاب ظني بها فليست من يرتجف لغضب على من رحل.. بل كانت ترتجف من برودة الجليد داخلي..

وبدأت تدون حروفاً كأنها طلاسم من صنع الجان.. لا أدرك معناها فلم يخطها قبلي إنسٌ وكأن الجان لبِسَ أصابعي وبات يحركها بما يمليه عليها.. إنما أدركت مضمونها بأنها نصٌ قدسي تعزفه خبايا نفسي.. فالعشق دينٌ لا يؤمن به من كان في قلبه ذرةٌ من الشكِ.. والعاشق كافرٌ بكل ما يؤذي النفسِ..

عدتُ للحظة التي علمتُ بها أنه هائمٌ بأخرى.. فتبسّمتُ كأنني امرأةً أخرى ولم أكن تلك التي طُعنت منذ لحظة.. ولم أستغرب حينما أعلم أن لدغة الأفعى التي ينتشر السُمّ في الدم تحتاج لطعنة حتى يتوقف مفعول لدغتها ويتوقف بذلك جريان السُمّ في الدم.. فلا تقلقي ولا تتلعثمي.. فلم يكن عاشقاً بل لدغةٌ سامة احتاجت إلى الطعن.. نظفي دماءك من سُمّه.. وابلعي بريقك ثلاث مراتٍ في الصباح والمساء وحده العقار المضاد.. فسُمّكِ الأقوى والمضاد لمفعول سُمّه..

ودعي الجرح مفتوحاً.. حذار من أن تغطيه بقطعة من القماش فربما يلتهب بل عقميه ببعض من الرقص واسكبي عليه قطراتٍ من الضحك والفرفشة.. ودعيه للهواء يجفُّ بنسمات شالك القابع على كتفيكِ.. ودعي شعرك يتمايل مع كلّ صلاة.. واجعلي من ثغرك آلةً خرافية تعزف ألحاناً أسطورية وقهقهي بضحكاتك وبخصرك تمايلي واهدأي فالآن أنتِ علمتِ بأنك ابنة السماء وفيها الكثير من النجوم والمجرات إنما هناك شمسٌ حارقة فإما أن تكوني الشمس الحارقة أو اختاري النجوم والجميع فيها مفتون.. إنما حذارِ بعدها أن تتقدي وتنفعلي.. فالخير في اختيارك ولكِ حرية الاختيار.. لا قرار في الحب.. ولا جرحٌ في الهيام.. إن كان هائماً بأخرى فأهلاً وسهلاً بمن حمل عن ظهري حملاً أثقلني منذ أعوام.. وآن لي الأوان أن أحيا بلا همٍ ولا حزن ولا محاولات فاشلة بأن أكون كما يحب ويشتهي.. وها أنتِ الآن كما أنتِ كل النساء.. اختصري النساء وقولي للحياة أنا هنا ابنة الحياة..

سماهر الخطيب

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى