أخيرة

الذهبيون وعيونهم الزرقاء

يتبدّى الوجه القبيح لهذا الإنسان ـ جدلاً ـ هناك على الحدود بين بولندا وأوكرانيا، لا تكفي هؤلاء المنكوبين من كلّ الأنماط والألوان اللجوء القسري وبلوى الحرب ووعثاء السفر حتى يجبهوا أو بعض منهم ممن لم تضفِ على سحنهم الطبيعة ونزعة التنوّع الكونية لوناً بعينه في البشرة وفي العينين وفي انسدال الشعر وبريقه الذهبي اللماع، لم يحظوا بهذه الطلّة، ومن ثم تجب معاقبتهم، المنطق والعقل يقولان، إذا قيّض لهذا المخلوق استعمالهما، أن الشكل والعقل والبنية تتاح للإنسان بالمشيئة التي يرتضيها خالقه، يوزعها كيف يشاء، ولا دخل للمخلوق في صياغتها على الإطلاق، عمله وحسن صنيعه وخلقه هو ما يُثاب أو يُعاب عليه، أما البنية المادية بكافة أبعادها الجمالية فيزجّ بها في آخر المطاف الى باطن الأرض، رمّة بلا فائدة إلّا ما استقرّ منها في بطن الديدان والقوارض، أما ما يعوّل عليه فهو تلك الذات الموضوعية التي يراكمها الواحد منا في عمره من العمل الخيّر الإيجابي النافع، الحب، الإيثار، التضحية، العطف، الرحمة، التآخي، التواضع، الألفة، التسامي، التسامح، الإحسان، هو ما يُحسب في ميزان القيمة السرمدية، وأما تلك الذات المادية، فما هي إلّا حامل لذاتك المعنوية في مسيرة الحياة حتى يحين حين الفلق، فتذهب الأنا الموضوعية يتوّجها الأنا المثالية وما ترتب على هذا البناء اللامادي من أعمال سوء أو أعمال خير وهو برمّته نتاج للجهد الإنساني، يتحدّد على أساسه مكان الإنسان في منطقة الميتافيزيقا، إن الى فوز ونجاح، وان الى مهانة وخسران، أما ذلك الحامل المادي، لحظة الفلق، فمآله الى فناء وتحلّل…

وكان من باب أوْلى لأولئك المتبجّحين المستكبرين في ما وُهبوا من جمال ـ جدلاً ـ في الهيئة ان يكونوا شاكرين ممتنّين لفضل الله عليهم على هذه الخلقة، ومنخفضي الجناح ومطأطئي الهامات لأولئك الأقلّ حظاً في هذه الحياة الدنيا ولا يملك كلاهما من أمر وجودهما المادي لا ضلعاً ولا حتى خلية، ولكن الإنسان خلق جهولاً، وللحق عليلاً، وللباطل خليلاً ذليلاً…

سميح التايه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى