أولى

اليمن وإشكالات المبادرة الخليجيّة

– بالتأكيد لا يمكن النظر للمبادرة الخليجية للحوار بصفتها مجرد استمرار لسياسات الحرب، وإظهار رفع العتب بالاستعداد للحل السياسيّ، فأن تأتي مبادرة باسم مجلس التعاون الخليجي، لحوار يمني في الرياض، ويتم التركيز في الإعلام السعودي على اعتبار المبادرة موجهة لأنصار الله، أمر مختلف عن مواقف سابقة، كان سقفها الإعلان عن الاستعداد للحل السياسي للأزمة دون مبادرات معينة، وكان سقف المبادرات تأكيد على ربطها بمعايير أقلّ ما يقال فيها إنها صارت من الماضي وقد طواها الزمن.

– السعودية التي تقف وراء الدعوة تعرف انها تخاطب أنصار الله، في لحظة دولية عنوانها حرب أوكرانيا، حيث اهتمامات الغرب لم تعد خليجية، وحيث المصالح السعودية بموقف لا ينضبط بالإيقاع الغربي وينفتح من موقع المصلحة على الصين ولا يقطع مع روسيا، يعني أن على السعودية البحث عن حل لحرب اليمن لا ينتظر مبادرات أميركية وغربية لن تأتي.

– اللحظة الإقليمية التي تتقاطع مع اللحظة الدولية عنوانها الاتفاق النووي الإيراني، الذي أظهرت الوقائع أن الحاجة لوجوده أعلى مرتبة من المصالح الضيّقة التي سعت لتفخيخ مساره، فالرهان على خلاف إيراني روسي سقط، والحرب في أوكرانيا زادت حاجة أميركا وأوروبا لعودة إيران إلى سوق النفط والغاز، وملاقاة هذا المتغيّر سعودياً له وجهة واحدة هي استئناف الحوار مع إيران بنية التوصل لتفاهمات لا تبدو إيران بعيدة عنها، وتبدو حرب اليمن العائق الوحيد أمامها.

– اللحظة اليمنية المتقاطعة مع اللحظتين الدولية والإقليمية ترتكز إلى فشل محاولات الشهور الماضية للتصعيد الأقصى، في تحقيق الهدف المرجو منه، وهو فرض موازين قوى جديدة في الحرب مع أنصار الله، فها هي الإمارات تعود الى ما كانت عليه قبل الجولة الأخيرة بفعل معادلات الردع التي فرضها الأنصار، وها هي جبهات مأرب تعود إلى توازناتها السابقة، ولا جدوى من مواصلة الإنكار، والإصرار على التجاهل لحقيقة أن أنصار الله قوة لا يمكن تهميشها ولا تحجيمها ولا بد من الاعتراف بمكانتها كشرط لإنهاء الحرب.

– مشكلة المبادرة الخليجية الجديدة، ومشكلة الموقف السعوديّ الذي يقف وراءها، أنهما ينتميان ذهنياً الى مرحلة مضت، فهناك ثلاثة مشاكل لا يمكن تجاهلها في الدعوة، الأولى الإصرار على أن الحرب يمنية يمنية والحوار يمني يمني، والثانية هي اعتبار المشاركة في حوار في الرياض أمراً عادياً بالنسبة للأنصار، والرياض هي من يقود الحرب، والثالثة هي التعالي والتعجرف في صياغة المبادرة، التي يشترط لنجاحها وضع ترتيبات مسبقة بالتواصل مع الأنصار، على قاعدة أن الحوار مع السعودية أولاً وبعد انسحاب القوات الأجنبية ينطلق حوار يمني يمني، وثانياً أن الذهاب الى الرياض لا يكون من الخطوة الأولى كمكان للحوار، فلا بد من البدء بعاصمة محايدة، وبعد النجاح يمكن الحديث عن نقل الحوار إلى الرياض، وثالثاً أن الدعوة يجب أن ترافقها خطوات حسن نية واستعادة ثقة كفتح مطار صنعاء وميناء الحديدة لمدة ثلاثة شهور يرافقها وقف كل أشكال العدوان.

– كل عربي حر وشريف يرغب أن يرى مبادرة سعودية عقلانية تفتح طريق إنهاء الحرب، لأن نهاية الحرب مصلحة عربية، ومصلحة سعودية وخليجية ويمنية.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى