أخيرة

عنصرية…

لا تقف ظاهرة الشعور بالتفوّق لدى شريحة معتبرة من البيض عند مجرد الشعور، في واقع الأمر هنالك جنوح لدى كثير من هؤلاء نحو إلغاء وجود، أو الرغبة في إبادة الأعراق الأخرى، ولكنها تبقى لدى الكثير منهم خبيئة لا يتم الإفصاح عنها، كثيراً ما سمعت كلمة Termites  يتلفّظ بها هؤلاء العنصريين في وصفهم للآخر، وهي الحشرات التي يتوجّب التخلص منها لأنها تشكل شيئاً سلبياً يستدعي الإبادة، ولكن الخطير في هذه الظاهرة الفاشية المغرقة في تمحورها حول ذاتها هي أنها تعبّر عن هذا الشعور المريض في بعض الأحيان على هيئة أعمال إرهابية جماعية ضد ذوي البشرات الغير بيضاء، وبالذات السود، فنحن نتذكر حادثة تيموثي ماكڤي قبل ربع قرن، حينما قام متطرف أبيض بتفجير مبنىً في أوكلاهوما، فقتل العشرات من الأميركان الأفارقة، والآن حادثة بافالو والتي راح ضحيتها عشرة من ذوي البشرات الغير بيضاء، الذريعة المريضة والتي يتذرّع بها هؤلاء هي أنّ العنصر الأبيض متفوق، وأن الحريّ بالحكومة الفيدرالية أن تجد حلاً لتواجد غير البيض «المتخلفين» و «الغير حضاريين» بين ظهرانيهم، وفي واقع الحال فإن مجرد التفكير بهذه الطريقة يحمل في طياته حالة إرهابية ذهانية وغير حضارية، وهي بالتأكيد فيها قصور مفرط في نمط التفكير، وفهماً متخلفاً للإنسان ودوره، ولاأخلاقية وأنانية في نمط الممارسة، وهي ليست وليدةً للتفكير الشعبوي المغرق في ضحالته فحسب، بل هي ممارسة متجذّرة في عقل مريض لا يستطيع أن يدرك بأن الكون برمته يقوم على التنوع والإختلاف، وأن واحدة من علامات السموّ الإنساني والارتفاع في ذاته هي المقدرة على المواءمة بين الجميع، واتباع المعيارية الأخلاقية للتمييز بين الناس، وليس المعيارية المادية الشكلية المظهرية والتي لا ناقة ولا جمل للإنسان في صياغتها، وعلى النقيض من ذلك فهو الفاعل الأول في صياغة الذات الموضوعية والتي على أساسها فقط يتمايز الناس وليس على أساس الوجود المادي الشكلي.

سميح التايه

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى