أخيرة

آخر الكلام

قراءة هادئة في الحرب على سورية*
يكتبه الياس عشّي

لم يعد خافياً على أحد أنّ ثمّة حرباً كونية على سورية، وأنها أدّت، وستؤدّي، إلى نتائج سياسية على درجة كبيرة من الأهمية.
أولى هذه النتائج أنّ العالم تخلّص من الأحادية التي كانت وراء الغزو الأميركي لأفغانستان والعراق وليبيا، وأنّ الكرة الأرضية شُقّت نصفين: نصف تتزعّمه الولايات المتحدة الأميركية يدفع بالعودة إلى استعمار الدول الصغيرة، ورسم سياساتها، ومصادرة ثرواتها، والعبث باستقلالها وسيادتها؛ ونصف آخر تتزعّمه روسيا والصين، يدفع باتجاه معاكس، مؤكّداً على احترام سيادة الدول، وحقّها في تقرير مساراتها السياسية، والمحافظة على استقلالها.
النتيجة الثانية لهذه الحرب الكونية على سورية أنّ ما تخطّط له «إسرائيل» والدول الداعمة لها، ليس قدراً محتوماً بالنجاح؛ فرغم كلّ الأسلحة العسكرية، والإعلامية، والاقتصادية، والسياسية، والاستخبارية، التي شُنّت على سورية والسوريين، فشلوا في ليّ قبضة الشعب السوري الصلبة المتمسّكة بأرضها، وتاريخها، وحضارتها، وياسَمينها، وبيوتها، وحقولها، وعصافيرها… وأكيداً بشهدائها.
ثالثة النتائج سقوط الكثيرين من رؤساء الدول المعادية لسورية في امتحان هذه الحرب؛ ويعود سبب الفشل إلى مواقفهم المرتجلة وخطابهم المرتجل. وعلى سبيل المثال، لا الحصر، موقف الرئيس المصري محمّد مرسي الذي توجّه إلى إيران بعد أيام من انتخابه، وأعلن من هناك موافقته على تشكيل لجنة رباعية تضمّ، إلى جانب مصر، كلّاً من إيران والسعودية وتركيا، مَهمّتها المساعدة في إنهاء الأزمة السورية. وقبل أن يجفّ حبر هذا الاتفاق، أطلّ من أنقرةَ، محاطاً بأردوغان وخالد مشعل، ليطالب الرئيس الأسد بالرحيل «استجابةً» لـ «إرادة» الشعب السوري !
النتيجة الرابعة أنّ سورية، وجيشها، وقياداتها، فهمت تماماً أنّ المطلوب منها ليس رأس النظام، ولا رئيسه، ولا المادة الثامنة من الدستور، ولا إلغاء حالة الطوارئ، ولا تداول السلطة. وإنما المطلوب حرب عليها بالنيابة عن «إسرائيل»، وما الغارة «الإسرائيلية» الأخيرة على ريف دمشق سوى دليل، من أدلّة كثيرة، على ذلك.
يوم تنتهي هذه الأزمة، سيكتشف العالم أنّ سورية خاضت معركة شرسة من أجل:
أوّلاً: دولة مدنية معاصرة،
ثانياً: المحافظة على خصوصيتها في دعم المقاومة .
وثالثاً: أن تبقى القضية الفلسطينية على رأس جدول العمل القومي .
*هذا المقال نشر بحرفيته في جريدة «البناء»
في العدد الصادر يوم السبت الواقع فيه 2/2/2013

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى