أولى

الثامن من تموز… انتصار إرادة الحياة على ثقافة الموت

‭}‬ سماح مهدي*
لا يختلف إثنان عاقلان مدركان على أنّ الجريمة التي ارتُكبت فجر الثامن من تموز من العام 1949، كانت غاية بحدّ ذاتها، إنما احتاجت إلى إخراج كاد يكون جريمة أكبر.
فالذين قضَّ مضاجِعَهم تأسيسُ شهيدِ الثامن من تموز للحزب السوري القومي الاجتماعي بما يحمله من عقيدة موحّدة جامعة للأمة السورية، تحوّلت حياتهم إلى جحيم مطبق مع نمو الحزب وانتشاره عابراً الحدود الوهمية بين كيانات الهلال السوري الخصيب، ومحطماً المتاريس الخرافية القائمة بين مختلف المذاهب والطوائف.
وباعتمادهم المبدأ الرثّ البالي، كان قرارهم «اقتلوا سعاده، فينتهي حزبه ويتبدّد أعضاؤه». إلا أنّ ما لم يخطر على بال أولئك المتآمرين أنّ تأسيس الحزب السوري القومي الإجتماعي لم يكن كتأسيس الأحزاب التي سبقته أو رافقته ولا حتى التي لحقت به. فتأسيس الحزب كان بموجب تعاقد بين الشارع صاحب الدعوة إلى القومية السورية الاجتماعية، وبين المقبلين عليها.
وتكريساً لهذه الروحية الدستورية القانونية، أدّى أنطون سعاده قسم الزعامة المثبت في مقدّمة دستور الحزب السوري القومي الاجتماعي، ليجعل من زعامة الحزب مؤسّسة تضبطها القوانين والأنظمة خلافاً لما كانت تعرفه بلادنا عن الزعيم التقليدي.
لذلك، كانت الإحدى عشرة رصاصة التي اخترقت جسد أنطون سعاده في الثامن تموز كفيلة بزهق روحه. لكنها كانت ـ في الوقت ذاته ـ مصدراً معبّئاً للسوريين القوميين الاجتماعيين ليرتفع لدى كلّ واحد منهم «هرمون الاستشهاد». فسعاده بالنسبة لمن تعاقدوا معه على أمر خطير يساوي وجودهم، كان ولا يزال قدوة في الحياة، وفي الثامن من تموز أصبح أيضاً قدوة في التضحية والفداء.
وللذين ظنوا، وليس في ظنهم إثم بل جُرم، أنه باغتيالهم سعاده يقضون على حزبه، نقول لهم كما قال أديبنا القومي سعيد تقي الدين «نحن اليوم أكثر عدداً منا بالأمس، وأقلّ من الغد. إننا ننمو كلما ولدت نساء بلادنا أطفالاً وزاد تفهّم مواطنينا لمبادئنا. إننا ننمو كلما استطال النخيل في بغداد، وكلما أمرع العشب في الغوطة، وكلما تزنّرت جذوع الأرز بحلقة جديدة». ونضيف إلى ما قاله، أننا ننمو كلما نضجت حبة زيتون في نابلس، وكلما تكوّنت لؤلؤة داخل محّارة في جون الكويت، وكلما نمت نبتة زعتر في الأردن.
لمن فجعوا بأنّ الحزب السوري القومي الاجتماعي صار في عامه الحادي والتسعين، ولا يزال حزباً فتياً يضجّ بالحماسة والعنفوان، ويمتلئ بالحكمة والرصانة، اعلموا أننا أبناء الحياة لذلك انتصرت إرادتها فينا على ثقافة الموت فيكم.

*ناموس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى