أولى

عين العدوّ من عين الحلوة إلى عين إبل والكحالة

شوقي عواضة
قطعت يد الفتنة التي امتدّت على سلاح المقاومة في السّادس من آب 2021 في بلدة شويا لكنّها ما لبثت أن عادت لتعبث بأمن لبنان وانتهاك سيادته. أوّل أصابع تلك اليد وسائل الإعلام المتصهينة التي لا تكاد تترك مناسبة إلّا وتتخذ منها سبيلاً للتهجّم على المقاومة وسلاحها، بدءاً من مخيم عين الحلوة حيث شرعت أبواق السّعودية ومرتزقتها ومن معها من أبواق متصهينة باتهام حزب الله باندلاع الاشتباكات منذ اللّحظة الأولى…
تبع ذلك دعوة سفارة النّظام السّعودي والبحرين وبعض دول الخليج لرعاياها بمغادرة لبنان دعوة كانت بمثابة بيان إعلان الحرب مجدّداً والتنصّل من كلّ الاتفاقات التي لا تجرؤ الرياض على توقيعها دون موافقة البيت الأبيض المسبقة التي تشكّل سفارتها في بيروت غرفة عمليات مشتركة للعدوان الأميركي السّعودي الإسرائيلي على لبنان من خلال إشاعة التوتر والقلق، ومروراً بما جرى في بلدة عين إبل الجنوبيّة حيث عثر ليل الأربعاء الماضي الثاني من آب الحالي، على القيادي السّابق في القوّات اللبنانيّة والعميل السّابق الياس حصروني (76 عاماً)، والملقّب بـ«الحنتوش» الذي كان مسؤولاً عن التّموين اللوجيستي في مركز الـ 17 في بنت جبيل ضمن جيش العميل أنطوان لحد، عثر عليه ميتاً نتيجة حادث اصطدام على طريق عين إبل – حانين. وبالرّغم من معاينة الطّبيب الشّرعي للجثة وإفادته بأنّ الوفاة ناجمةٌ عن إصابة قوية تلقّاها أدّت إلى كسر ضلوعه وإصابة رئتيه واختناقه ليبدأ الإعلام المستعرب بتوجيه الاتهام لحزب الله بعد ستة أيام من دفنه.
كلّ ذلك يحمل مؤشّرات التصعيد في لبنان في ظلّ عدم انتخاب رئيسٍ للجمهورية، إذ يعمد تحالف الشّر وفي مقدّمته النّظام السّعودي إلى توفير أجواء عام 1982 وبالتحديد فترة ما قبل الاجتياح الإسرائيلي للبنان وانتخاب بشير الجميّل رئيساً للجمهورية ضمن سيناريو مشابه ووفقاً لأجندة أميركيّة إسرائيليّة سعوديّة تتضمّن ما يلي:
1 ـ فرض رئيس للجمهورية بمواصفاتٍ أميركيّةٍ إسرائيليّةٍ سعوديّةٍ ومحاولة حصار المقاومة في لبنان ونزع سلاحها وتطويق المقاومة في فلسطين.
2 ـ زيادة الضّغط على لبنان وعلى سورية من خلال الشّروط السّعودية التي قدّمت لسورية وتمّ رفضها.
3 ـ محاولة تحقيق انتصار في لبنان وسورية بعد الهزيمة التي تلقّاها الحلف العدوانيّ الأميركيّ السعوديّ في اليمن ونقل المعركة إلى لبنان عبر أدواته.
4 ـ إشغال حزب الله والمقاومة في الدّاخل اللبناني من خلال فتح ثغراتٍ واصطناع أحداثٍ أمنيّةٍ لتصدير أزمة الكيان الصّهيوني وتخفيف الضّغط عليه على المستويين السّياسيّ والعسكريّ (المظاهرات وتصعيد العمليّات في الدّاخل).
على ما يبدو أنّ الاتفاق بين صنعاء والرياض أعطى النظام السّعودي فرصة إصابة عصفورين بحجرٍ واحد، فمن ناحية جمّدت الرّياض من خلال الاتفاق عمليّة الرّد اليمني على اعتداءاتها اليوميّة، وبذلك التقطت أنفاسها وأصبحت أمام فرصة مواجهةٍ جديدةٍ في لبنان وسورية مع ضمانة محمد بن سلمان لسير مشاريعه وجلب الاستثمارات لها والمحافظة عليها واستمرار عمليّات إنتاج النفط في شركة “أرامكو” لطالما أصبحت في مأمن من صواريخ أنصار الله والجيش اليمني، وبالتالي فإنّ تفجيره للسّاحة اللبنانيّة قد يعيد له دوره بعدما فشل في تحقيق مشروعه من خلال ما يسمّى بالرّبيع العربي حيث هزم شرّ هزيمة دون أن يتخذّ العبرة من ذلك بإدراكه أنّ الرهان على أدواتٍ فاسدةٍ وفاشلةٍ لن تحقّق له ما ينوون عليه ولن تعيد اعتباره ولا رسم صورته ولا إعادة تشكيل الحياة السّياسيّة في لبنان لأنّ اللّبنانيين حسموا خيارهم ولا تراجع عن حماية لبنان بقاعدته الذّهبية الجيش والشعب والمقاومة، تلك القاعدة التي دحرت العدوّ الصّهيوني وهزمت المشروع التكفيريّ الذي قاده النّظام السّعودي.
وعليه فإنّ ما جرى في الكحالة ليس سوى مقدّمة لمسلسلٍ إرهابيٍّ أميركيٍّ سعوديٍّ إسرائيليٍّ جديدٍ يدرك اللبنانيّون أبعاده وأهدافه التي لم ولن تخدم إلّا العدوّ الإسرائيليّ، وما جرى من تحشيدٍ وتحريض عبر وسائل الإعلام وبعض السّياسيين للتهجّم على المقاومة لا يمكن وضعه إلّا في خانة خدمة العدوّ الإسرائيليّ، ولا يمكن اعتبار الذين تهجّموا على شاحنة المقاومة وأطلقو النار عليها وقتلوا الشّهيد أحمد قصاص إلّا جنوداً متطوّعين في جيش الاحتلال الإسرائيليّ وعليه يجب محاكمتهم كأعداء للبنان ومقاومته.
على أولئك المراهنين أن يعيدوا قراءة تاريخ المقاومة في لبنان خاصّة عام 1982 حين أتت الدبابة الاسرائيليّة ببشير الجميّل رئيساً وحينها كانت حاملة الطّائرات الأميركيّة نيوجرسي تقصف الضاحية الجنوبيّة والجبل وكانت طائرات السوبر ايتاندير الفرنسيّة تقصف البقاع في ذاك الزّمن الذي كنا فيه مستضعفين، خرج الشرفاء من المقاومين وفي مقدّمتهم حبيب الشرتوني وبلال فحص وصلاح غندور وطوني أبي غانم وخطّوا سيادة لبنان بالدّماء ليندحر الاحتلال وخلفه قوّات المارينز والمظلّيين الفرنسيّين أفقيّاً ويبقي لبنان وجيشه وشعبه ومقاومته العصي على الجبابرة الذين أذلّهم وحطّم جبروتهم في ظروفٍ لم تكن بأفضل من الآن وهزمت العدوّ (الأصيل) فكيف ستكون المعركة مع (الوكيل)؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى