أولى

الهجوم الأوكراني المضادّ من الربيع حتى مطلع الشتاء… إلى الوراء

‭}‬ سعادة مصطفى أرشيد*
لم تستطع أوكرانيا بكلّ الدعم الذي تلقته لتنطلق في هجومها المضاد، فقد كانت نتائج مخيّبة للآمال إذ استردّت بعض قرى لا قيمة لها بعد هجوم بدأ في الربيع الماضي وها قد دخل الخريف لا بل الشتاء وفق المناخات الروسية – الأوكرانية واقتضى هذا الفشل عزل وزير الدفاع وتعيين وزير جديد ليتمّ عزل ستة من مساعديه بعد أيام قليلة من تعيينهم، هذا إضافة الى فضائح فساد تزكم أنوف الأوروبيين الذين يدعمون الجهد الأوكراني دون طائل لا بل ودون اعتراف أوكراني في الجميل وعلى حساب حكوماتها وعلى حساب اقتصادهم ومنظوماتهم الصحية والاجتماعية، مما جعلهم يشعرون بالملل أولاً وبالغضب ثانياً كما صدر من تصريحات على لسان الرئيس البولندي مؤخراً، وفي حين لا نسمع تصريحات على لسان قادة أوروبيين آخرين لا في هذا الاتجاه ولا في ذاك، الا انّ صحفهم ونقاباتهم ومجتمعهم المدني رافض لبذل المزيد من الدعم لأوكرانيا على حساب عيشهم ورفاهيتهم.
وفي حين يتردّد عن انّ مباحثات روسية – أميركية تجري بخصوص مجموعة من الملفات وعلى رأسها ملف الحرب الروسية – الأوكرانية في العاصمة العُمانية مسقط، إلا انّ استقبال الولايات المتحدة للرئيس الأوكراني زيلنسكي في البيت الأبيض، وحماس الرئيس بايدن لدعمه بـ 31 دبابة عبر رمز واحد مع ذخائرها التي تشمل اليورانيوم المنضب أمر يكذب جدية الولايات المتحدة في ايّ محادثات تهدف الى إنهاء هذه الحرب، لا بل انّ هذا الدعم يعني انّ واشنطن تريد من هذه الحرب ان تستمرّ وهي تعتقد انها تستنزف روسيا بها ولا ندري هل تستطيع الـ 31 دبابة أن تستنزف الجيش الروسي؟ وهل من الممكن ان يخطر في بال أحد ذلك وهي لا تكاد تكفي لسدّ ثغرة بسيطة في الجبهة الروسية الأوكرانية العريضة أوانها قادرة على ان تفعل ما عجزت عنة دبابات ليوبارد الألمانية، ومن الناحية السياسية هذا الدعم وان كان متواضعاً ولكنه يعبّر عن إرادة أميركية باستمرار الحرب والتي ترى صحيفة «وول ستريت جورنال» انه ليس إلا دفعة معنوية ستطيل أمد الحرب ليس إلا، وهي في النهاية ستؤدّي الى مزيد من التورّط لا لواشنطن وحلفائها فحسب وانما قد تدفع دولاً أخرى مثل الصين وكوريا الشمالية وإيران لدعم موسكو على ذات القاعدة والطريقة التي تدعم بها واشنطن كييف، هذا التحالف الأميركي الجديد والذي قد يرث حلف شمال الأطلسي قد أصبح يعرف باسم التحالف البروتستانتي – الانجلوسكسوني الأبيض والذي يضمّ إضافة الى الولايات المتحدة كلّ من إنجلترا وكندا ونيوزيلندة واستراليا، يبدو حتى الساعة مستمتعاً بلعبة الحرب والدم فهي تستنزف روسيا من جانب ويدفع أكلافها الأوروبيين.
أما على صعيد أوروبا فنظرة سريعة للتقارير التي تبثها «بي بي سي» وغيرها من الجهات الإعلامية الإنجليزية نلاحظ أنها تجمع على انّ نسبة الجرائم السرقة قد ازدادت بنسبه 26% وانّ السرقات تتركز حول المواد الغذائية الأمر الذي يؤشر الى تدني الدخل وارتفاع نسب البطالة والفقر في المجتمع الانجليزي، لدرجة انّ إجراء قد اتخذت بأنّ السرقات التي تقلّ قيمتها عن مائتي جنيه استرليني لا يتمّ فتح قضية بها لا ينظرها القضاء الانجليزي، ولكن المواطن الانجليزي الحائر والجائع والعاطل عن العمل والذي يرى نظامه الصحي ينهار ومؤسسات دعمة الاجتماعي تكاد ان تفلس، سيكون له رأي حاسم في سياسات حزب المحافظين في ايّ انتخابات مقبلة خاصة وهو يعاني ما يعانيه في الوقت الذي تدعم حكومته بناء على ضغط واشنطن صندوق التقاعد الأوكراني بـ 100 مليون دولار.
في العام الماضي كان الشتاء الأوروبي معتدلاً في برودته فاستطاع الأوروبيون تدبيراً أنفسهم بما لديهم من مخزونات غاز ونفط ولكن الشتاء الجديد قد حلّ فهل تستطيع دول الاتحاد الأوروبي تحمّل برودة هذا العام بدون النفط والغاز الروسي الأمر الذي يضعهم أمام خيارين إما شراء الغاز المُسال من أميركا بأربعة أضعاف ثمنه! وبالطبع انّ ذلك سيكون على حساب المواطن العادي وعلى حساب النظام الصحي الذي لا يزال يعاني من أزمة كورونا وأنظمة الضمان الاجتماعي التي أرهقتها المدفوعات الأوروبية لأوكرانيا وإما انّ عليهم ان يتجمّدوا من البرد إرضاء للبيت الأبيض وللسياسيين الأوكرانيين الفاسدين الذين يسرقون أموال الدعم التي تصلهم.
هذه الحرب لن نرى نهايتها قريباً، ستطول الى انّ تنضج ثمارها التي لن تكون روسية – أوكرانية فقط او إقليمية تتعلق بالبحر الأسود وجمهوريات البلطيق، ولن تكون جزئية، وإنما عالمية وشاملة وذات علاقة بشكل النظام العالمي قيد التشكيل…
*سياسي فلسطيني مقيم في الكفير – جنين – فلسطين المحتلة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى