مقالات وآراء

شكراً غزّة…

‭}‬ علي عبدو
شكراً لصبرك اللّا محدود،
شكراً لتضحياتكِ الدّائمة، ولدمائكِ السّائلة على درب الجُلجُلة،
شكراً لأنّكِ حرّكتِ ضمائر العالم، وأظهرتِ حقيقة هذا الكيان العفِن،
شكراً لأنّكِ كشفتِ زيف الغرب، وتواطؤ الشّرعيّة الدّوليّة، وتخاذُل القوانين والقرارات الدّوليّة،
شكراً لأنّكِ محَوتِ كُلّ الخطوط الحمراء،
شكراً لأنّك مزجت دماء العفّة والشّرف بتراب الطُّهر والكرامة،
شكراً لأنّكِ جَمَعتِ المُسلم والمسيحي في أرقى صُور الإنسانيّة،
شكراً لأنّكِ ألبستِ الأُمّة ثوب الشّرف، ونزعتِ عنها وصمة العار، فأيقنَ من خلالكِ المُطبّعون أنّهم أضاعوا البوصلة.
نعم لغزّة التي قلبت المشهد، حيث أصاب الضّياع والوجوم ليالِ العدوّ، وأمطرت مستوطناته بصليات الأبابيل، وعلت صيحات رُعاعه بالصّراخ والأنين فهمّوا بالهروب، حيثُ حلّت عليهم الكارثة، وكان لغزّة النّصر والشّهادة.
لا يُمكن بعد اليوم توصيف وتصنيف الجرائم الإسرائيليّة، أكانت جرائم إبادة جماعيّة، أو جرائم حرب، أو جرائم ضُدّ الإنسانيّة.
اليوم في غزّة سقطت كافة قواعد القانون الدّولي في اختبار الإنسانيّة والعدالة، وسقطت معها الشّرعيّة الدّوليّة أمام دماء الأطفال والأبرياء، وأصبحت مُنظّمة الأُمم المُتّحدة مُجرّد أُمم خانعة ومُزيّفة لا لون لها ولا رائحة سوى رائحة الدّم والموت الذي يسفكه الكيان الصّهيوني.
اليوم سقط الجميع باستثناء من يضعون أصابعهم على الزّناد، أو من يُواجهون بكلمة حقّ ومواقف مُشرّفة عملانيّة لها وقع الصّواريخ، لا بتنديدات خجولة.
اليوم، لا كلام يعلو فوق صوت السّلاح، ولا شعارات تصدح سوى من فوّهات البنادق، ولا زينة لنعوش الشّهداء إلّا بالانتقام.
اليوم استطاعت «إسرائيل» بحماقتها المعهودة إيقاظ الشّعوب العربيّة والإسلاميّة، فزادت النّقمة عليها، وتعجّلت القضاء على كيانها الغاصب، بعد أن اعتقدت أنّ سكوت العالم عن مجازرها هو صكّ براءة لها، فيما غاب عنها أنّ لأُمّتنا يقظةٌ وإن طال ثباتها، ولا بُدّ من العودة إلى الأصالة والمبادئ والعنفوان واسترداد الكرامة.
لقد أطلقت «إسرائيل» توقيتها مُعلنةً سقوطها، بعد أن تسابق الزّمن لاستئصال هذه الغُدّة السّرطانيّة.
هي بعنجهيّتها خَلَقَت جيلاً جُبِلت قلوب شبابه وشيوخه ونسائه وأطفاله سخطاً وحَقداً وكراهية.
هي بعبثيّتها السّلبيّة حقّقت المزيد من النّقمة والسّخط، وعليها أن تخشى من أطفال الأُمّة العربيّة وخاصّة أطفال فلسطين.
فأطفال غزّة سيكبرون، ويكبر معهم حُبّ الإنتقام.
أعذرينا غزّة…
فربيعك كان لا يزال خريفاً حتى توقيت الشّهادة، إلى أن أزهر ربيعاً تفتّحت معه رياحين الجِنان.
سامحينا غزّة…
فلم يكن لكِ سوى الله، وسواعد المُقاومين.
واليوم إرثُك في ثورة لن تهدأ حتّى النّصر وتحرير المُقدّسات.
فإنّ شرفك يأبى لكِ التّحرّر إلّا على أيدي المؤمنين الشّرفاء،
والمؤمنون الشّرفاء منكِ، ولكِ، وإليكِ ثائرون…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى