مقالات وآراء

القانون على الجميع…

‭}‬ محمد حسن الساعدي

يبدو أنّ معترك السياسة في العراق بات متغيرّاً ومليئاً بالمفاجآت التي تعطينا درساً مهماً أن لا شيء ثابتاً، وتبقى فقط الشعارات التي لن تقدّم شيئاً أمام الفعل الذي ينبغي أن يأخذ طريقه نحو التطبيق، وهذا ما لمسناه في قرار المحكمة الاتحادية العليا التي قررت إلغاء عضوية رئيس مجلس النواب العراقي السيد محمد ريكان الحلبوسي على خلفية دعاوى وأهمّها «التزوير» والتي كانت مفاجأة صادمة ليس فقط لشخص الحلبوسي بل للجميع، وفي نفس الاتجاه عبّرت عن قوة وتماسك السلطة القضائية وعدم تأثرها بالواقع السياسي.
السلطة التي أعطيت للحلبوسي في زمن رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، وبصورة قوية، جعلت منه غير مرغوب فيه في البيئة الاجتماعية الغربية، وأدّى هذا التوطيد السريع لسلطته الى تنفير السنة والشيعة منه، إذ أنّ القضية التي أدّت الى إقالته هي واحدة من عدة قضايا متزامنة مع هذه الإقالة وسط عدد من المطالبات والمظالم التي رفعها عدد من شيوخ العشائر وسياسيين ونشطاء، والتي رأت انّ الحلبوسي وخلال الفترة الماضية سعى الى بناء امبراطورية سياسية واقتصادية كبيرة من خلال عمليات التعدّي على المال العام واستخدام النفوذ السياسي في تصفية منافسيه وملاحقتهم وإصدار أوامر اعتقال بحقهم.
الملفات التي تلاحق الحلبوسي ومعاونيه كثيرة، ولكن أهمّها احتكار العقود الحكومية، وتوجيه هذه العقود الى الشركات المملوكة للأقارب والموالين مقابل رشاوى تمنح لهم، بالإضافة الى تحويل الأموال المخصصة للمستفيدين من برنامج الضمان الاجتماعي إليهم وبيع الأراضي المملوكة للدولة بشكل غير قانوني لمستثمرين من القطاع الخاص، واستغلال الأموال المخصصة لإعادة إعمار المناطق المتضرّرة من العمليات الإرهابية والتي بلغت قيمتها أكثر من 800 مليون دولار .
مجلة «فورين بوليسي» التي سلطت الأضواء على هذه التعاملات المشبوهة، وقامت بمراجعة الوثائق التي تظهر تخصيص مبلغ 4.6 ملايين دولار لتوفير المركبات لأجهزة الأمن والمخابرات المحلية في الانبار، بما في ذلك 3.1 ملايين دولار لفرع الأنبار من جهاز الأمن الوطني على الرغم من انّ أموال صندوق إعادة الاعمار مخصّصة لإعادة إعمار المنازل والجسور والمدارس في الأنبار، وهذا ما انعكس بالفعل من خلال سيطرة ونفوذ الحلبوسي على مقاليد السيطرة والحكم فيها وبدون منازع.
حكومة السيد السوداني أخذت باستعادة الصلاحيات التنفيذية التي استحوذ عليها الحلبوسي من خلال ملاحقة الموالين له وممن اتهموا بملفات فساد كبيرة في المحافظة، بعد ان أطلق مصطفى الكاظمي يد الحلبوسي بعد تشكيل التحالف الثلاثي والذي لم يستطع تشكيل الحكومة بعد انتخابات عام 2021 .
بعد قرار المحكمة الاتحادية العليا في إلغاء عضوية الحلبوسي بات على الحكومة الاتحادية ملاحقة جميع التصريحات والتلميحات الإعلامية الداعية الى رفض قرار المحكمة الاتحادية، وتطبيق القانون على كلّ من يهدّد السلم الأهلي والاستقرار الداخلي للبلاد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى