أولى

ثورة 25 يناير في عيدها الثالث عشر… والقضية الفلسطينية

‬ د. جمال زهران*

إنّ ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011م، هي ثورة خالدة، وستظلّ تعبيراً حقيقياً عن إرادة الشعب المصري، وتجسيداً لمطالبه وطموحاته، ولذلك ستظلّ مرجعية للتغيير الحقيقي، للحاضر والمستقبل. وفي عيدها – وليست ذكراها – الثالث عشر، نتذكر بعض المواقف ذات الصلة بينها وبين القضية الفلسطينية، والكيان الصهيوني، وسفارته في القاهرة.
فقد حملت الثورة شعارات من قلب الشارع المصري، بتلقائية. حيث كانت المطالبات محدودة في يوم 25 يناير 2011م، وقد انحصرت في: إلغاء انتخابات مجلس الشعب، التي أجريت في نوفمبر 2010م، والتي تمّ تزويرها بالكامل، والإسقاط الجماعي لكلّ قوى ورموز المعارضة، وتمكين الحزب «الوطني الديموقراطي»، من الحصول على نسبة 98.5%، وتمرير أشخاص محسوبين على المعارضة، وما هم كذلك، بل تحت السيطرة! وذلك تمهيداً للتوريث بنقل السلطة من مبارك الأب إلى مبارك الابن المسمّى بـ «جمال مبارك»! وقد تحدّد لذلك موعد في إبريل/ نيسان 2011م، حيث يتمّ عقد جلسة برلمانية، تعلن فيها استقالة مبارك الأب – أو إقالته والحجر عليه – وإعلان تنصيب وترشيح مبارك الابن، في ظل هيمنة من الحزب الحاكم على البرلمان بنسبة 98.5%! وقد كانت جماعة أحمد عز ـ أمين تنظيم الحزب الوطني، ومهندس عملية نقل السلطة، بعد أن كان هو مهندس عملية التزوير الفاجرة في انتخابات مجلس الشعب، قد أعدّت العدّة لذلك، بعد انتهاء المؤتمر العام للحزب، في ديسمبر/ كانون الأول 2010م، بعد انتهاء عملية تزوير الانتخابات. وفي الجلسة الأولى للبرلمان، حيث خطب مبارك الأب، ناعتاً المعارضة السياسية، «خليهم يتسلوا»!! رداً على تكوين «البرلمان الموازي» – وقد كنت صاحب فكرته مع الصديق النائب علاء عبد المنعم – ولم يكن يدرك قادة المرحلة على ما يجري ويعتمل في نفوس الشعب من الغضب الشديد إزاء ما يحدث من مؤامرة كبرى على الشعب، استهدفت اغتصاب السلطة، عبر تزوير الانتخابات في البرلمان، لتكوين برلمان وهمي، يضفي مشروعية على السلطة الجديدة! وقد كانت عملية تزوير الانتخابات البرلمانية، هي القشة التي قصمت ظهر النظام، وأحد أهمّ أسباب تحريك الشعب واندلاع ثورة يناير، بالإضافة إلى أسباب أخرى، ذكرناها في تحليلات سياسية أخرى.
وكان من بين أهمّ شعارات هذه الثورة إزاء الأوضاع الداخلية: «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية.. كرامة إنسانية..». وتطور الأمر من تعديل الدستور إلى إسقاطه، وإقالة رئيس الدولة ومحاكمة، وحلّ الحزب الوطني الحاكم، وإسقاط الحكومة، وعزل رموز حكم مبارك إلخ… إلا أنّ اللافت للنظر، إضافة شعارات للخارج ومنها: الاستقلال الوطني – والتحرر من التبعية لأميركا – ورفعت شعارات وحملة المليون توقيع لرفض المعونة الأميركية وكتبت مقالات في الأهرام بهذا المعنى، ودعم القضية الفلسطينية وإلغاء كامب ديفيد وإلغاء العلاقات مع الكيان الصهيوني، وطرد السفير الصهيوني وغلق السفارة. وكلّ ذلك شاهد عليه، وشريك فيه.
وبعد أن تمّ عزل مبارك، ودوران عملية التغيير في الداخل، بدأ شباب الثورة في التحرّك لطرد السفير الصهيوني، وغلق السفارة. حيث وصلوا إلى كوبري الجامعة، وكانت قد تسرّبت لنا معلومات بشأن السور الإسمنتي الموجود على كوبري الجامعة في مواجهة السفارة الصهيونية، أنه غير ثابت، ويمكن إسقاطه بسهولة. وتجمّع الشباب حول السفارة، وكان السفير قد هرب ومعه موظفوه، وصعد أحد شباب الثورة واسمه أحمد شعبان – من محافظة الشرقيّة، على سطح العمارة من الخارج، وأسقط علم الكيان الصهيوني، ورفع علم مصر.. وأغلقت السفارة في هذه العمارة، والتي أصبحت «قسماً داخل السفارة الأميركية بغاردن سيتي، حسب معلوماتي المتاحة!! وقد أحسن المجلس العسكري، الذي كان يقود البلاد آنذاك، بعد عزل مبارك، أن أصدر قراراً بغلق السفارة الصهيونية، وتجميد العلاقات المصرية/ الصهيونية، خاصة بعد اندلاع الهجمات على خطوط الغاز المصدّر من مصر، للكيان، عبر سيناء.
وقد كان هذا التصرف من شباب الثورة، تجسيداً لإرادة الشعب المصري، الرافض للتطبيع مع الكيان الصهيوني منذ توقيع اتفاقيات كامب ديفيد، والمعاهدة المصرية الصهيونية في مارس/ آذار 1978م، وحتى الآن. الأمر الذي يؤكد على هوية هذه الثورة وعروبتها، وجعل القضية الفلسطينية هي القضية المركزية، وإصرار الشعب على عدم التبعية لأميركا، رمز الاستعمار الجديد ووريثة الاستعمار الجديد، وذلك من خلال إعلان رفض المعونة الأميركية، وهو ما أشرت إليه (حملة المليون توقيع لإلغاء المعونة ورفضها).
وختاماً: تحية لثورة 25 يناير/ كانون الثاني وشعب مصر، في العيد الثالث عشر، وتحية لشهداء الثورة ومصابيها، من أجل الحرية والعدالة والكرامة والاستقلال.

*أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية،
جامعة قناة السويس، جمهورية مصر العربية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى