أخيرة

دبوس

سقط القناع عن القناع

سيسجّل التاريخ وهو يُكتب، والمؤرّخون وهم يخطّون صفحات التاريخ، أنّ غزة العزّة هي التي أسقطت الأقنعة بالجملة، وبضربة واحدة، وفي ليلة ما فيها ضو، وأنّ بعض هذه الأقنعة التي تناثرت ذات اليمين وذات الشمال، كانت تغطّي وجوهاً لعقود وعقود من الزمان، وتخفي خلف تلك الرقيقة المصطنعة الناعمة الجاذبة، وجوهاً بشعة قميئة مفعمة بالشرور، يعتريها ملامح وعلامات تنضح كذباً وخيانةً ورغبة في سفك الدم والنهب وارتكاب كلّ الموبقات والخبائث، وجوه كانت تتباكى على العروبة وتتشدّق بانتمائها الدافق الى هذه الأمة، ولكنها في الخفاء تنخرط حتى النخاع في ضرب مشروع المقاومة، وتشارك في المحاصرة والتجويع، وتغدق العطايا والعون للقاتل والمجرم والذي يحيل الأطفال والنساء إلى أشلاء وأجزاء في الشوارع والمستشفيات والبيوت، سقط قناع آخر عن وجه الرأسمالية الأوليغارشية والتي لطالما كانت تذرف دموع التماسيح على حقوق الانسان والمرأة والطفل وحرية التعبير وحرية الدين والعبادة، ثم تبدّى ذلك الوجه المقيت في ليلة السابع من اكتوبر، فلم نر سوى كراهية ومقتاً وازدراءً لكلّ الحريات، إلّا حرية التمييز والعنصرية والإلغائية والإقصائية والفاشية، سقط قناع الإعلام الكاذب الذي صدّع رؤوسنا على مدى العقود عن حرية التعبير وحرية الرأي، فتدفّقت الأكاذيب والإفتراءات والتزييف بلا رديف من إثبات أو دليل أو بيّنة، سقط القناع عن وجه الكيان الشيطاني أمام شعوب الأرض من أقصاها لأقصاها، فتناثرت تلك الصورة الزائفة عن واحة الديموقراطية والقيم العليا وسردية الحمل الوديع المحاط بمجاميع الإرهاب والإرهابيين المتربّصين بهذا الشعب الطيّب المسالم، يتحيّنون الفرص لإلقائه في البحر بلا رحمة، سقط قناع أنظمة الخيانة المستتبعة المنبطحة سقوطاً مدوّياً، وضبطت متلبّسة وهي تنصر القاتل الظالم الذابح لأطفالنا ونسائنا وتعينه على ارتكاب مزيد من الجرائم، وتمدّه بكلّ أنواع المدد بينما تبيعنا أكاذيب الإنزالات والعواطف الزائفة، وأخيراً وليس آخراً سقط قناع أولئك المتّكئين على الأرائك والكنبات، يصلّون في الليل وفي النهار، ويطلقون اللحى ويبسملون ويحوقلون والمسابح والمساويك لا تفارق أيديهم، ويصدّعون رؤوسنا عن منافع الايمان، وحينما تستدعيهم لحظة الحقيقة، والأطفال والنساء تتبعثر أشلاءهم في حارات وشوارع غزة، يؤثرون الإنبطاح على الأرائك والتمتمة بعبارات مبهمة لعناً للكفار والدعاء عليهم، وأئمة في مساجد الطاعة المطلقة لولي الأمر كان عنوان خطبهم يوم الجمعة عن مبطلات الوضوء، وتوخّي الحذر من ألاعيب الجنّ.

سميح التايه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى