احتفالات النصرة تشمل لبنان… وتعلن فك الحصار ومحاصرة الأحياء الغربية الجيش السوري وحلفاؤه: الحصار قائم وطرق غرب حلب سالكة والهجوم آتٍ
كتب المحرّر السياسي
أخلى الجيش السوري وحلفاؤه مواقعهم في الكليات العسكرية وشارع الراموسة، رغم أهميتها وحساسيتها، وطابعها المعنوي، أمام هجمات مكثفة ومتواصلة لجبهة النصرة، التي تقود جيش الفتح بعدما تجمّعت فيه كلّ الجماعات المسلحة، حيث أكدت مصادر عسكرية متابعة للوضع في حلب، أنّ حشد الآلاف من المسلحين المزوّدين بأسلحة حديثة ذات طاقة وكفاءة نارية عالية، جعل خيار الانسحاب والتموضع وراء خطوط دفاعية جديدة، الخيار العسكري الأسلم، تفادياً لاستنزاف الجسم المدافع وحماية للمقدّرات، والاكتفاء بقتال يوقع العدد الأكبر من الخسائر في صفوف المهاجمين، ومنع الالتحام الذي يفيد المهاجمين بتعطيل التفوّق الناري الذي يملكه الجيش السوري عليهم، وخصوصاً قطع الطريق على سلاح الجو من المشاركة في المعركة. وقالت المصادر إنّ إعادة ترتيب الصفوف وحشد القوات الإضافية وتعزيزها بالأسلحة المناسبة، قد تمّ فوراً ومعه تمّ تحديد إحداثيات الأسلحة النارية التي فتحت حممها على الجماعات المهاجمة قبل أن يتسنّى لها التمركز والتوضع بصورة مستقرة في مواقعها، مؤكدة أنّ الهجوم المعاكس بدأ أو يكاد، بينما نفت ما سبق أن أعلنته جبهة النصرة وحلفاؤها عن فك الحصار عن الأحياء الشرقية، وأكدت في المقابل أنّ الطرق إلى الأحياء الغربية لا تزال سالكة وآمنة، من جهة الكاستيلو بني زيد. بينما كانت الفصائل التابعة لجيش الفتح الذي تقوده النصرة ومَن معها سياسياً وإعلامياً يحتفلون بما وصفوه بالنصر التاريخي، ووصل صدى احتفالاتهم إلى شمال لبنان، حيث قامت مجموعة يتقدّمها الشيخ سالم الرافعي بتوزيع الحلوى على المارّة ليل أمس الأول.
في لبنان تسجل اليوم جلسة مشابهة لأخواتها من جلسات المجلس النيابي المخصّصة لانتخاب رئيس للجمهورية، فيتواصل الفراغ مفتتحاً شهر الإجازة المستمرّة حتى انعقاد جلسة الحوار المقبلة مطلع الشهر المقبل، فيما المراوحة تحكم الرئاسة والحكومة والحوار وقانون الانتخاب.
الجلسة 43 ولا نصاب
طغى الاسترخاء والترقّب على مفاصل المشهد السياسي في عطلة نهاية الأسبوع بعد سيل من النقاشات والطروحات على صعيد إصلاح النظام السياسي شهدتها الخلوة الحوارية في عين التينة، لكن عدم وصول المتحاورين إلى خواتيم سعيدة في الملف الرئاسي حسم نتيجة جلسة اليوم لانتخاب رئيس للجمهورية، أي عدم توفر النصاب المطلوب لانعقاد الجلسة وإرجائها إلى موعد آخر وبالتالي لا رئيس.
وإلى موعد تشكيل اللجنة التقنية التي ستدرس اقتراحات خلوة آب حيال تطبيق اتفاق الطائف وإصلاحات النظام السياسي لا سيما انتخاب مجلس شيوخ ومجلس نيابي لاطائفي. وبانتظار مطلع أيلول موعد انعقاد طاولة الحوار مجدداً، تطرح تساؤلات عديدة حول ما ينتظر لبنان في المرحلة المقبلة في ظل تطورات المنطقة وما هو مصير الحكومة بعد تحولها ساحة لتبادل الاتهامات بين مكوّناتها؟ وماذا عن الملفات والاستحقاقات الداهمة، البيئية منها والاقتصادية والمالية والأمنية، كتلوث الليطاني والقرعون وأزمة النفايات ومراسيم النفط وإقرار الموازنة والفساد في قطاع الاتصالات والإنترنت وخطر الإرهاب على الحدود؟
نسخة «طبق الأصل»…
وتوقعت مصادر في كتلة التنمية والتحرير أن تكون «جلسة اليوم نسخة طبق الأصل عن الجلسة السابقة»، وأشارت في حديث لـ «البناء» إلى أن «ظروف انتخاب الرئيس لم تنضج بعد لا داخلياً ولا إقليمياً والجميع يدرك ذلك. وبالتالي الجلسات باتت تكراراً للجلسات السابقة وهباءً منثوراً والمرشحين أنفسهم والقبول والإحجام على حاله»، ومؤكدة أن «رئيس المجلس النيابي نبيه بري لن يوفر أي فرصة للتوصل الى حلول للأزمة، ولولا المبادرات التي يقوم بها لجمع اللبنانيين لا سيما الحوارين الثنائي والوطني ولولاهما لكانت الأزمة السياسية أشد والوضع الأمني أكثر خطورة».
بري سيدفع باتجاه تفعيل الحكومة
وتتحدث المصادر عن تعطيل كيدي للمؤسسات وحالة من عدم الثقة تسود أطراف طاولة الحوار. وهذا ما دفع بري للقول بأن نجاح طاولة الحوار بين الصفر والمئة في المئة، مضيفة: «بعض السياسيين على الطاولة كانوا يعلنون شيئاً ويتصرفون شيئاً آخر وعطلوا السلة المتكاملة وتلطوا وراء فزاعات منها مؤتمر تأسيسي ونسف الطائف وحرّضوا مذهبياً وطائفياً». ولفتت المصادر الى جدية بري في الوصول إلى حلول «لكن المبادرات تتعرّض للتصويب ونجاح أي مبادرة بات مرهوناً بأحداث المنطقة وتطوراتها لرهان البعض على تغييرات في الإدارة الأميركية وتطورات المشهدين السوري والعراقي أملاً بتعديل الموازين الداخلية».
وترى المصادر أن «الفساد في المؤسسات بات وباءً تصعب مكافحته»، لكنها شدّدت على أن «بري سيدفع بالتعاون مع رئيس الحكومة تمام سلام إلى تفعيل عمل الحكومة كحل أخير لتخفيف وطأة الازمة في المرحلة الحالية»، مضيفة أن «الحكومة أصبحت أشبه بمتاريس سياسية، لذلك قال رئيسها إنها أسوأ الحكومات».
الجميل وفرنجيه: انسجام سياسي؟
وعشية الجلسة الـ43 لانتخاب الرئيس برزت زيارة رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل الى رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجيه السبت الماضي.
وإذ رفضت مصادر كتائبية التعليق على الزيارة، قالت مصادر في تيار المرده لـ «البناء» إن «الزيارة تأتي في إطار الزيارات واللقاءات والاتصالات الدائمة بين الجميل وفرنجيه لا سيما أن العلاقة الشخصية بين الطرفين جيدة، لكن لم يخرج موقف رسمي بتأييد الجميل لفرنجيه للرئاسة، بيد أن الصداقات الشخصية الجيدة تجعل الانسجام السياسي أفضل وأي إعلان عن التأييد لفرنجيه يخرج بموقف رسمي من الكتائب وليس من المرده».
حظوظ فرنجيه مرتفعة
وترى المصادر أن «أسهم فرنجيه مازالت مرتفعة رغم أن توصيف الوضع في لبنان هو لا رئاسة وليس لا رئيس، فالطبّاخ موجود لكن لا يوجد مطبخ، وهذا ما ظهر على طاولة الحوار، حيث لم تخرج باتفاق على الرئاسة، رغم أن الحوار بحدّ ذاته أفضل من عدمه لا سيما في أنه ينعكس ارتياحاً على المواطن وعلى الوضع الأمني والاقتصادي».
وتعتبر المصادر أن «المسيحيين منقسمون في ما خصّ الرئاسة، فكل قطب من الأقطاب الأربعة يريد أن يكون هو الرئيس ويرفض الآخر». وتعتبر أن «حظوظ فرنجيه مسيحياً كحظوظ غيره من المرشحين، فلا أحد يعارض وصوله إلا مَن يريد أن يكون هو الرئيس». وتستبعد «الاتفاق على رئيس وسطي ولا حتى على رئيس من الأقطاب في الوقت الراهن لغياب الاهتمام الخارجي بالرئاسة». وتبدي المصادر استغرابها لعدم تطرق السفراء خلال لقاءاتهم مع المسؤولين بجدية الى الملف الرئاسي بانتظار المبادرات الخارجية المفقودة حالياً». وتوضح المصادر أنه «في حال تعذّر انتخاب رئيس من الأقطاب الأربعة ورأى الخارج ضرورة حصول انتخابات رئاسية وبات التوافق الداخلي على رئيس وسطي واجباً، حينها يبحث فرنجيه إمكان سحب ترشيحه، لكن في الفترة الماضية لم يطلب أحد من حلفائه ذلك».
العلاقة مع حزب الله جيدة
وتلفت إلى أن «فرنجيه لن ينزل إلى المجلس النيابي في الجلسة المقبلة، فهو ملتزم بكلامه منذ فترة بأنه يربط مشاركته بأي جلسة بفريق 8 آذار وليس بحزب الله فقط»، وتهزأ المصادر من «كلام البعض عن قطيعة أو خلاف أو طلاق بين حزب الله وفرنجيه»، مؤكدة أن «العلاقة جيدة مع قيادة الحزب ومع الامين العام السيد حسن نصرالله لا سيما وأن الخط السياسي واحد والتواصل مستمر بينهما، لكن هناك بعض التباين في القناعات في ملف الرئاسة، وهذا لا يؤثر على العلاقة الإستراتيجية بين الحليفين».
الحريري متمسّك بترشيح فرنجيه
وتشدّد المصادر على أن «العلاقة بين فرنجيه والرئيس سعد الحريري جيدة والتواصل بينهما مستمر والحريري يجدّد تمسكه بترشيح فرنجيه في كل لقاءاته وتواصله معه والحديث عن أن الحريري يفكر بالسير بالعماد ميشال عون تحت ضغوط خارجية غير صحيح»، متسائلة: «كيف يحصل ذلك ولا رئاسة أصلاً في المدى المنظور؟». وعن العلاقة بين الرابية وبنشعي أجابت المصادر: «التواصل موجود، لكنه بارد».
الراعي من المختارة: انتخاب الرئيس هو الباب إلى الدولة
وحضر الملف الرئاسي في كلمة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي زار المختارة أول من أمس، حيث استقبله رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط في الذكرى الـ15 للمصالحة التاريخية في الجبل.
وأشار الراعي إلى أننا «نتطلّع الى المصالحة بين 8 و14 آذار والوسطيين، فكما أعادت مصالحة الجبل الحياة إلى المجتمع ففي المصالحة السياسية إحياء للدولة ومؤسساتها بدءاً من انتخاب رئيس للجمهورية وهذا الباب إلى الدولة، فعبثاً نحاول التسلّق الى الدولة من مكان آخر». متسائلاً: «ما الجدوى من طرح المواضيع قبل انتخاب رئيس وهو وحده الكفيل بطرحها والنظر فيها عبر البرلمان وبسلطة للتشاور والتداول؟ وبأي حق يُعطَّل انتخاب رئيس ويعطل المجلس النيابي وتعثر الحكومة، وتتوقف التعيينات وتستسهل عادة التمديد وينطبق خناق الفقر على المواطنين وتتناقص فرص العمل ونخسر المئات من قوانا الحيّة بسبب الهجرة ويغرق البلد بالنازحين الذين أصبحوا نصف سكانه؟». داعياً لـ «الذهاب إلى مصالحة وطنية تضع يدها على الجرح الحقيقي في الحوار وتحمي الدولة من الانهيار».
وتمنى جنبلاط «مع تدشين الكنيسة انتخاب رئيس لنحفظ جميعاً لبنان من الرياح العاتية»، راجياً «أن تدرّ علينا الأيام المقبلة حلولاً لمشكلاتنا فتستعيد المؤسسات المعطلة دورها وتعود عجلة الدولة إلى الدوران بانتظام».
باب بكركي مفتوح للجميع
وقالت مصادر بكركي لــ «البناء» المطران صياح إن «الزيارة ضرورية لتجديد المصالحة بين أبناء الجبل»، ونقلت عن الراعي انزعاجه من عدم توصل السياسيين الى حلول جدية على طاولة الحوار أو في المؤسسات الدستورية لا سيما في انتخاب رئيس، رغم تقديره لأهمية الحوار بين اللبنانيين وهو سيواصل دعوته للسياسيين للاتفاق انطلاقاً من مسؤوليته التاريخية والوطنية، خصوصاً عندما تمر البلاد بأزمات ويعتبر أن انتخاب الرئيس هو مفتاح الحل في البلد، وهو يريد رئيس يخدم كل لبنان ويحظى بحيثية مسيحية ووطنية، لأنه رئيس لكل اللبنانيين وليس للمسيحيين فقط».
وعما إذا كان لدى الراعي أي مبادرة جديدة، أجابت المصادر: «الراعي قدّم كل ما عنده من مبادرات لجمع الأقطاب وحثهم على الاتفاق على انتخاب رئيس وباب بكركي مفتوح لمن لديه أي شيء ليقوله أو ليقدم اقتراحات وعلاقة البطريرك مع الأقطاب الأربعة جيدة، ولا مشكلة مع أحد».