أخيرة

إرهاب الدولة

عمر عبد القادر غندور*
نشرت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية أمس في «واشنطن» تقريراً عن دوائر القرار يطالب بغداد بدفع الأموال مقابل انسحاب القوات الأميركية من العراق، وانّ الولايات المتحدة متمسكة ببقاء قواتها في العراق (وهذا صحيح) لفترة أطول. ولوّحت واشنطن بعقوبات ستفرضها على بغداد في حال استمرار ساستها في طرح مبادرات ترمي إلى خروج القوات الأميركية من العراق، مهدّدة بتجميد عائدات النفط العراقية لدى البنك الفيدرالي (البنك الأميركي) ما يؤدّي إلى ضياع المليارات وانهيار النظام المصرفي العراقي وشلّ الاقتصاد المالي، على غرار ما جرى ويجري في لبنان الذي يمثل صفراً مكعّباً مقابل العائدات العراقية
في هذا السياق العراقي، أميركا تكذب عندما تريد مالاً ثمناً لخروج قواتها من العراق، لأنّ الساحة العراقية بالإضافة الى ثرواتها الضخمة في باطن الأرض فهي الساحة المثلى للاستنزاف والخط اأامامي للدفاع عن «إسرائيل» و»عرب إسرائيل»، وخروجها سيشكل انكشافاً لسياستها الخارجية، ولا بدّ للرئيس الأميركي بطل «الأكشن» أن يدرك حماقة ما أقدم عليه عندما اغتال الشهيدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، ما سيجرّ موجات من الأحداث العاصفة فوق مساحة جغرافية مترامية الأطراف وحيث يكون قدم لجندي أميركي.
ربما لم يكن ترامب يدرك مدى فداحة هذا الخطأ الذي كان يريد منه توجيه رسالة الى الداخل الأميركي في عام الانتخابات، كما هي حاجة نتنياهو الأكثر ارتباطاً وحميمية مع ترامب لجدوى انتخابية في الكيان الغاصب، وهو ما كان يفعله مع قطاع غزة كلما أراد أن يصرف «الإسرائيليين» إلى خطر خارجي!
ربما نحن في لبنان سنكون من ضمن هذه الجغرافيا من المتوسط إلى بحر الصين، والحرب الأميركية علينا بدأت منذ الإعلان عن وضع «بنك الجمّال» على لائحة العقوبات الأميركية وستكون المصارف اللبنانية تحت عين مراقبة الأصول الخارجية المعروفة باسم «افاك» بالتنسيق مع البنك المركزي اللبناني والمؤسسات اللبنانية الأخرى، وما أدراك ما هذه «المؤسسات الأخرى»!
المهمّ أننا في عين العاصفة ولا نرى حلولاً سحرية للانهيار اللبناني على كلّ صعيد في المدى المنظور في مواجهة الصلف والجبروت والهيمنة الأميركية تحت طائلة التهديد بإرهاب الدولة القوية الذي تمارسه الولايات المتحدة على جميع شعوب العالم.
*رئيس اللقاء الاسلامي الوحدوي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى