الوطن

دعا لإعطاء الحكومة فرصة معقولة لتمنع الانهيار والسقوط نصرالله: لا خيار لشعوب المنطقة أمام العدوان الأميركيّ سوى المقاومة الشاملة والشعبيّة بكل أبعادها

خطة ترامب تطال لبنان عبر التوطين وترسيم الحدود مقاطعة بضائع أميركا وملاحقة مسؤوليها في المحاكم الدولية جزء من المعركة  ندعم الحكومة ونريدها أن تنجح وفشلها يؤذي البلد

 

أوضح الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله  أن «ما سُمي صفقة القرن ليس صفقة بل خطة إسرائيلية لإنهاء القضية الفلسطينية تبنّاها الرئيس الأميركي دونالد ترامب»، مؤكداً  أن «ليس أمام شعوب المنطقة أمام هذا العدوان الأميركي المتعدّد والمتنوّع إلاّ خيار المقاومة الشاملة والشعبية في كل أبعادها».

وأشار إلى أن «مسؤولية الجميع مساعدة الحكومة أو السماح لها بالعمل في الحد الأدنى وعدم التحريض عليها في الدول العربية والعالم»، وشدّد على ضرورة إعطاء  الحكومة  فرصة معقولة ومنطقية لتمنع الإنهيار والسقوط، منبهاً إلى أن فشلها يؤذي البلد.

مواقف السيد نصرالله جاءت في كلمة له عبر الشاشة خلال الإحتفال الذي أقامه حزب الله أمس في «ذكرى القادة الشهداء وذكرى أربعين شهداء محور المقاومة».

صمود إيران

وبارك السيد نصر الله للشعب الإيراني وقادته بالذكرى الـ41 لانتصار الثورة الإسلامية في إيران «هذه الثورة التي صمدت رغم كل الحروب والحصار والعقوبات وذلك بفضل الحضور المبارك لشعبها في كل الميادين، الذي عبّر عن ذلك في مناسبة التشييع التاريخي للشهيدينقاسم سليمانيوأبو مهدي المهندس، وفي تظاهرات ذكرى انتصار الثورة في 11 شباط، وهذه رسالة قوية جداً للعدو والصديق».

وأوضح أنها «رسالة للعدو الذي كان يراهن على انهيار نظام الجمهورية الإسلامية من الداخل وسقوط الثورة بالإحتفال برأس السنة الملادية في طهران، وكي يعرف كل الأصدقاء في منطقتنا وفي كل العالم أنهم يستندون إلى كل قلعة صلبة وقوية وشامخة، وكلما زادت التحديات ازدادت قوة وصموداً وشموخاً».

وبارك  للشعبالبحريني المظلوم ذكرى انطلاقة الانتفاضة الشعبية، لافتاً إلى أن «هذا الشعب المظلوم خرج ليطالب بحقوقه الطبيعية ودفع في سبيل ذلك تضحيات جساماً من شهداء وجرحى وسجناء ومعتقلين، وهو يناضل اليوم إضافة إلى ذلك من أجل إعادة البحرين إلى موقعها الطبيعي في الأمة، بعد أن حوّلها حكامها إلى قاعدة للتطبيع والتآمر على القضية الفلسطينية».

جريمتان أميركيتان

وشدّد على أن»المقاومة ليست خطابات منفصمة عن الواقع، والشهداء جسّدوا كل القيم الإنسانية والدينية والاخلاقية والجهادية وشكلوا لنا مدرسة حية نابضة يسهل الإقتداء بها».

وإذ أشار إلى أن»محور المقاومة اليوم أمام تحد جديد عند هذا التطور الكبير في منطقتنا»، لفت إلى أن «إدارة  ترامب خلال الأسابيع القليلة الماضية، إضافة إلى جرائمها الكبيرة إرتكبت جريمتين عظيمتين: الأولى عندما أقدمت على اغتيال اللواء قاسم سليماني وأوبو مهدي المهندس في بغداد في عملية اغتيال علنية ومكشوفة وواضحة، أمّا الجريمة الثانية فهي إعلان ترامب عن صفقة القرن، والجريمة الأولى في خدمة الجريمة الثانية، وفي خدمة مشاريع النهب الإسرائيلي لبلادنا ومقدساتنا، وشهادة سليماني والمهندس أدخلت المقاومة والمنطقة بمرحلة حساسة ومصيرية جداً».

واكد  أن «ما سُمي صفقة القرن ليس صفقة بل خطة إسرائيلية لإنهاء القضية الفلسطينية تبنّاها ترامب»، لافتاً إلى أن «نجاح خطة ترامب مرهون بالمواقف التي تُتخذ والثبات على المواقف، مشدداً على أن «أميركا ليست قدراً مكتوباً وهي فشلت سابقاً عندما قررت الشعوب الرفض والمقاومة»، ورأى أن «الأهم من خطة ترامب موقف الفلسطينيين أنفسهم فهو الحجر الأساس في مواجهة خطة ترامب والشعب الفلسطيني بالإجماع عبّر عن موقف حاسم ورافض وهذا متوقع وطبيعي».

 وتابع «لم نجد موقفاً مؤيداً لخطة ترامب فقط هو ورئيس وزراء العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو  موافقان على هذه الخطة وهذا يمكن البناء عليه».

خطة ترامب تطال لبنان

وأشاد بالإجماع اللبناني على رفض خطة ترامب، ورأى أن «الموقف اللبناني سببه إدراك اللبنانيين مخاطر هذه الخطة على المنطقة ولبنان»، لافتاً «إلى أن «خطة ترامب تطال لبنان لأنها أعطت مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر للكيان الصهيوني وكذلك التوطين»، وأوضح أن «روح هذه الخطة ستكون حاكمة على مسألة ترسيم الحدود البرية والبحرية مع فلسطين المحتلة وتأثير ذلك على الثروة النفطية»، مشيراً إلى أنه «بالنسبة إلى التوطين ما يطمئن هو الإجماع اللبناني والفلسطيني ومقدمة الدستور»، وقال «إذا كان هناك في لبنان من يتحدث عن هواجس ومخاوف فيجب أن نحترم هذا الخوف وهذه الخشية وألاّ نعضب منها»، وتابع «المواقف في لبنان اليوم هكذا لكن ما هي الضمانة أن تبقى هذه المواقف كما هي في المستقبل، فقد يأتي من يتحدث عن قبول المساعدة المالية بسبب الأوضاع الإقتصادية والمالية».

وقال «الموقف العربي من خطة ترامب ممتاز لكن البعض يعتبر أنها قابلة للدرس أو أن هذا هو المتاح وهكذا يبدأ الإستسلام وهناك خشية من أن يذهب الموقف العربي لا سيما الخليجي بالمفرّق». وتابع «قد يصحّ القول أن الخطة ولدت ميتة لكن قد يصح القول أن هناك خطة يرفضها العالم لكن صاحبها مصرّ على تنفيذها وتطبيقها»، لافتاً إلى «أن أميركا هي من تقوم بمواجهة مع كل شعوب وحكّام المنطقة الذين يرفضون الاستسلام وليس نحن».

واعتبر «أننا أمام مواجهة جديدة لا مفرّ منها لأن الطرف الآخر يهاجم ويبادر ويقتل ويشن الحروب» مشدداً على أن «المرحلة الجديدة تفرض على شعوبنا في المنطقة الذهاب إلى المواجهة الأساسية». ولفت إلى أن «الإدارة الأميركية تُعتبر أعلى مصداق للشيطنة وللإرهاب وللتوحش والعدوانية والتكبّر والإستعلاء والإفساد في الأرض وشعوبنا مدعوة إلى الذهاب للمواجهة»، معتبراً «أننا ما زلنا في مرحلة رد الفعل ورد الفعل البطيء والمتأخر أيضاً»، وأكد أن «ليس أمام شعوب المنطقة أمام هذا العدوان الأميركي المتعدّد والمتنوّع إلاّ خيار المقاومة الشاملة والشعبية في كل أبعادها الثقافية والإقتصادية والسياسية والقضائية».

لعدم الخوف من أميركا

وشدّد السيد نصر الله على أنه «في هذه المعركة نحتاج أولاً إلى الوعي وأن ندعو إلى الحقيقة الواضحة وإلى عدم الخوف من أميركا وإلى الثقة بالله وبقدرتنا وقدرة أمتنا. نحتاج إلى أمل بالمستقبل وبأن أميركا وإسرائيل ليست قدراً محتوماً»، واضاف «أميركا تتحمل مسؤولية كل جرائم كيان الإحتلال في المنطقة لأنها الداعم الحقيقي له، أميركا تدعم الحرب الدائرة اليوم ضد الشعب اليمني لتستفيد إقتصادياً ببيع أسلحتها لدول تحالف العدوان». ولفت إلى أن «أميركا هي المسؤولة عن فظائع داعش التي ارتكبت المجازر المهولة في العراق وهددت مصير العراق وفعلت الأفاعيل في سورية»، موضحاً أن «أميركا من أجل فرض مشاريعها تلجأ إلى كل الوسائل لديها»، وقال «أميركا عندما تحتاج إلى حرب عسكرية تقوم بذلك وعندما تحتاج إلى حرب بالوكالة تقوم بذلك، وكذلك الأمر عندما تحتاج إلى اغتيال أو ضغوط مالية واقتصادية أو فتح ملفات قضائية»، وتابع «نحن يجب أن نواجه بالوسائل نفسها ونحن بحاجة للمقاومة الشاملة وعلى امتداد العالم  العربي والإسلامي».

واعتبر أن مقاطعة البضائع الأميركية جزء من المعركة، مشدداً على أن «كل شعوب المنطقة ستحمل البندقية في مواجهة الإستكبار وأميركا بنفسها لم تترك خياراً سوى ذلك»، وتابع «يجب إعداد ملفات قانونية توثّق جرائم الولايات المتحدة ومسؤوليها وأدواتها وتقديمها للمحاكم الدولية»، داعياً «النخب والمؤسسات والحكومات إلى الدخول في جبهة المقاومة المتعددة والشاملة لمواجهة أميركا». وقال «بحال كنا لا نريد مقاطعة كل البضائع فنختار بعض الشركات وهذا شكل من أشكال المواجهة»، ولفت إلى أن «الإسرائيلي يخاف من الموت بينما نقطة ضعف الأميركي الأمن والاقتصاد»، وتابع «نحن أمة حيّة وقوية لكننا نحتاج للقرار والإرادة والتصميم على المواجهة في المجالات المختلفة».

الرد على اغتيال سليماني والمهندس

وأكد السيد نصر الله أن المسؤولية الأولى للرد على جريمة اغتيال القائدين الشهيدين سليماني والمهندس ورفاقهما تقع على العراقيين». وذكّر بأن المهندس من الشخصيات المركزية وقادة الإنتصار على «داعش»، لافتاً إلى أن «الوفاء لدماء الشهيدين المهندس وسليماني يكون بحفاظ العراقيين على الحشد الشعبي»، وأشار إلى أن «الوفاء لدماء الشهداء يكون بمواصلة تحقيق هدف إخراج القوات الأميركية بالوسائل التي تختارونها»، وشدّد على أن «المطلوب أيضاً السعي من أجل عراق قوي ومقتدر وعزيز وحر حاضر بقوة في قضايا المنطقة وليس معزولاً عن هموم الأمة».

إفشال الحكومة يؤذي البلد

وفي الشأن الداخلي اللبناني، قال السيد نصر الله إن «الاستحقاق الذي يهيمن على عقول الجميع بالدرجة الأولى ويشغل بال الناس هو الوضع الإقتصادي والإجتماعي والنقدي» لافتاً إلى أن «اليوم الحديث الدائم هو عن مصير الودائع وعن غلاء الأسعار وسعر الليرة والدولار وارتفاع نسبة البطالة وفقدان فرص العمل وجمود الحركة التجارية والإقتصادية».

وتابع «هناك قلق عند الناس من إنعكاس هذه الأوضاع على الوضع الأمني، وهناك قلق حول وضع خدمات الدولة للمواطنين. عندما تذهب إلى التقشف كل الخدمات ستتأثر سلباً»، وشدّد على أن «الوضع في لبنان يحتاج إلى معالجة وكلنا مسؤولون ومعنيون»، وذكّر بأنه «منذ بداية الأحداث الأخيرة في 17 تشرين الأول قلنا أن المعالجة يجب أن تكون بطريقة مختلفة وليس بالأسقف العالية التي طرحها البعض».

ورأى أن «الدولة في لبنان كانت قادرة على القيام بالكثير من الأشياء لكن حصل ما حصل»، وتابع «من اليوم الأول أنا قلت أننا لسنا قلقين على المقاومة وميزانتيها بل على المواطنين والبلد»، مؤكداً أن «كل مواقفنا منطلقها الخوف على البلد والحذر مما وصلنا إليه بنسبة كبيرة، نحن لم نهرب من المسؤولية ونحن كحزب الله لا نفكر بطريقة حزبية ولا نفكر بأنفسنا، نحن مع الناس ولا نعترف باقتصاد المنطقة أو الطائفة أو المدينة».

 وقال «نحن نتحمل ومستعدون أن نتحمل كامل المسؤولية وأن نتشارك بالمسؤولية لمعالجة الأوضاع القائمة ولسنا هاربين من شيء»، مؤكداً «أننا  دفعنا ثمن المواقف التي أخذناها من 17 تشرين الأول حتى اليوم البعض شتمنا لكن المهم أن نتحمل مسؤولياتنا ونؤدي واجبنا».

وقدّر لرئيس الحكومة والوزراء شجاعة تحمل المسؤولية بسبب الوضع الحساس، آملاً للحكومة النجاح. وأضاف «أعطينا الحكومة الثقة وندعمها ولن نتخلى عنها وسنقف إلى جانبها وندعمها لأن المسألة تتعلق بمصيرالبلد».

وإذ نبّه إلى أن الوضع الإقتصادي الومالي والنقدي «صعب جداً جداً جداً وهذا لا نقاش فيه، دعا إلى لفصل معالجة الملف الإقتصادي والمالي عن الصراع السياسي»، وتابع «إذا أردنا المعالجة بعد الإتفاق السياسي لن نعالج شيئاً بسبب الإختلاف في الكثير من الأمور»، وشدّد على «ضرورة أن نضع التراشق بالإتهامات جانباً ونعطي الحكومة الحالية فرصة معقولة ومنطقية لتمنع الإنهيار والسقوط». وأكد وجوب «تقديم المساعدة من قبل أي جهة أو حزب أو فئة لأن هذا واجب وطني لأن فشل الحكومة الحالية لا نعرف ما إذا كان سيبقى بلد ليأتي أحد ليشكل حكومة جديدة»، لافتاً إلى أن «نتائج الفشل ليس على القوى السياسية المشاركة في الحكومة بل على البلد».

وأشار إلى أن «مسؤولية الجميع مساعدة الحكومة أو السماح لها بالعمل في الحد الأدنى وعدم التحريض عليها في الدول العربية والعالم»، مضيفاً «هناك أمل بينما هناك من يريد أن يقول للبنانيين عليكم الإستسلام للخارج وبيع دولتكم للخارج أو لغير الخارج. أنا أقول لمن يدعو إلى اليأس هو يرتكب خيانة وطنية والمسألة تحتاج إلى الوعي والشجاعة والتضحية والتخلي عن الحسابات الخاطئة».

ودعا السيد نصرالله «الحكومة إلى المبادرة إلى الكتل السياسية فردياً أو ثنائياً أو تشكل لجنة من المعارضة والموالاة لأن الوضع الإقتصادي والنقدي في حالة خطرة»، مشدّداً على أن «الأولوية هي للعمل على الإنقاذ»، وتابع  «أقول لبعض اللبنانيين المصرين على التحريض في الخارج عبر تسمية هذه الحكومة بأنها حكومة حزب الله، إن هذا يؤدي لبنان . حزب الله يدعم الحكومة ويريد أن تنجح لكن الجميع يعرف شخصيتها وشخصية الوزراء لكن القول أن هذه حكومة حزب الله كذب ويؤذي البلد».

 وتابع «عندما تقول بعض القوى السياسية أنها تريد إعطاء الحكومة فرصة عليها وقف التحريض عليها وتركها تعمل»، لافتاً إلى أنه «إذا نجحت هذه الحكومة  في وقف الانهيار والإنحدار وتهدئة النفوس، تقدّم خدمة كبيرة لكل اللبنانيين ولكل المقيميين على الأراضي اللبنانية».

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى