ثقافة وفنون

أعمال مصطفى شخيص… امتدادٌ للفينيقيين الأوائل في البحر والحب والحياة

} بلال أحمد

من بيئة اللاذقية البحرية وما تحتويه من رموز حضارية متوارثة يستلهم النحّات مصطفى شخيص تجربته الفنّية ليعتبر نفسه امتداداً للفينيقيين الأوائل يتابع رسالة أجداده في البحر والحب والحياة.

النحّات شخيص أوضح أن البحر عنصر أساسي في الطبيعة وهو موجود منذ الأزل ولا حياة على الأرض من دونه لذا يرصده ويجسّد جماليّاته، ولأنه إبن اللاذقية فمن الطبيعي أن يظهر في أعماله النحتية كرمز له دلالاته.

وبيّن شخيص أن مكانة البحر في أعماله أيضاً من كونه يمسّ بحياة الصيادين الشاقة وصراعهم من أجل الوجود كما يوثق نحتياً تناقض حالاته في المد والجزر والسكينة والعاصفة والعطاء والمنع.

شخيص الذي يعمل على تجربة دمج فنّ النحت بالخطّ العربي من خلال إظهار تقنيات الأخير في منحوتاته بيّن أن فنّ النحت كباقي الفنون ناشط ومتفاعل مع تنوعها وتعددها، كما أن ارتباطه بها ضرورة حتمية لإغناء العمل النحتي.

ويجد شخيص أن الإيحاء الرمزي بالنسبة لفنّ النحت بقي عبر التاريخ العنصر الأهم للنجاح من خلال التبسيط والابتعاد عن المغالاة والمباشرة عند إظهار عناصر الأمومة والحب والخصب والعطاء وتكثيف الدلالة وتعظيم الفكرة، كما في حالات الشهادة وحب الوطن وغيرها، بحيث يأخذ العمل النحتي كفايته من شحنة الإيحاء التي يحتاج.

وأشار شخيص إلى العلاقة الوثيقة بين فنّ النحت وفنون ما بعد الحداثة، حيث أخذ النحت جرعة كبيرة من الحرية والتي زادت بتأثير ظواهر مثل العولمة وسيادة منطق الانفتاح على الآخر.

وعن رأيه باستخدام التقانة والتكنولوجيا في النحت يرى شخيص أن دخول النحت إلى عالم الحاسوب أتاح استثمار مقدرته على زيادة الإبداع عبر الدخول إلى برامج فنية نحتية تُعنى بالاستخدام الأمثل لتشريح الجسد مثلاً وإمكانية إدخال الخط العربي والأجنبي وإظهار الحالات والانفعالات الإنسانية المصوّرة عبر ما يُسمّى البعد الثالث «ثري دي»، بالإضافة إلى ظهور ما يسمّى بتقنية «سي ان سي» الآلية التي تنوب عن النحات بإنجاز عشرات النسخ عن العمل  بوقت واحد وتعطي دقّة عالية وبزمن وجهد أقل.

وعن حضور المرأة في أعماله يبين أنه تجلّى برمزيات الأنثى من الأم والحبيبة والخصب والعطاء والوطن الأول، معتبراً أن جسد المرأة عنصر دهشة على الدوام ومادة رئيسة للإلهام والإبداع، ولكن مع ضرورة التعاطي مع هذا المكوّن البشري بحنكة وصبر لاستيعاب آراء الرافضين للتجسيد المبالغ للمرأة.

شخيص الذي يميل لاستخدام خامة الخشب يؤكد ضرورة أن لا تفرض هذه الخامة على النحات فكرته، لأن فكرة الفنان متأصلة بثقافته وتكون مرسومة بخياله شكلاً ومضموناً وإخراجا فهو يبدع بتشذيب وتقريب شكل جذع الخشب الطبيعي إلى الشكل الأجمل في حين أن الطبيعة أوجدته بمحض الصدفة العفوية.

يذكر أن الفنان مصطفى شخيص من مواليد اللاذقية. وهو مهندس مدني متقاعد ورسام ونحات وشاعر متفرّغ لفن النحت التشكيلي، عضو في اتحاد الفنانين التشكيليين السوريين فرع اللاذقية وهو متخصص بالنحت الخشبي والحجري وقد درس الفن ذاتياً وشارك نحتياً بمعظم المعارض الفنية الوطنية والاتحادية وصالات العرض الخاصة فردياً وجماعياً منذ 35 عاماً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى