أخيرة

الوحش

الإنسانية لا تشكو من محدودية اليابسة مقارنة بالنموّ السكاني، الإنسانية مشكلتها هي الوحش الذي تجلّى عليها وأمسك بزمام الأمور، وطفق يفعل ما يريد. مشكلتها في هذا المخلوق الذهبي، الذي يتدفّق نعومةً وجمالاً وانسيابيةً في الشكل… ويقبع في جوفه وحش قاتل لا يحمل أية قيمة أخلاقية او إنسانية، لأنه لا ينتمي الى هذه الإنسانية من أصله. هذه هي المشكلة التي تستوجب المعالجة.

المشكلة انّ هذا المخلوق يحمل في ذاته بطبيعته المفطور عليها موقف معاداةٍ وكراهية ورغبة جامحة في قتل الآخر والاستحواذ على ما لديه، هكذا… بطبيعته المفرطة في أنانيتها، فـ الأنا القابضة في داخله متضخّمة جداً، لا ترعوي، ولا تشعر بالاكتفاء والإشباع أبداً. كلما استحوذت وتكدّست صرخت، هل من مزيد…؟

مشكلتنا مع هذا الوحش الذي طلع وتجلّى على الإنسانية في غفلة وفي إغفاءة من الزمن، وفي غيبة من كلّ قوى الخير التي أرسلها الله على هيئة رسالات جامعة تستشرف مطلع الوحش، وتضع الحلول لمجابهته، ولكن المتلقّي آثر أن يغفو إغفاءةً عميقةً طويلةً هيّأت السبيل لمطلع الوحش، فطفق يدمّر ويقتل ويستولي على كلّ شيءٍ… لا يردعه رادع ولا يوقفه أحد، بالأرقام… لمن لا يقنعه سوى الأرقام… 6 % من سكان هذه الأرض المبتلاة، وهم الجنس الأبيض، يستحوذون على 30 % من اليابسة، وهذا استحواذٌ مباشر، أمّا عن الاستحواذ الغير مباشر، فحدّث ولا حرج… هم يضعون أعينهم وفي كثير من الأحيان أيديهم على كلّ خيرات وثروات الأرض… ولا يعدمون وسيلة للمغنمة، وعلى رأس كلّ تلك الوسائل… شيء ما أُطلق عليه تكنولوجيا القتل، وللحديث بقية…

سميح التايه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى