أخيرة

الوحش 3

النظرية الفلكية العلمية تتحدث عن أكثر الظواهر توحشاً في الكون، وهي ظاهرة الثقوب السوداء، يطرأ فقط في نجوم أكبر من حجم الشمس بمرتين ونصف المرة تقريباً… ويتأتى الانهيار الجذبي للمادة The Collapse of the matter  حينما، ولسبب أو لآخر، تتغلّب القوة الجاذبة المركزية على القوة الطاردة المركزية في ذرات النجم فيتحطم إلى الداخل، ويترتب على ذلك المادة المطلقة… حيث تتحدث النظرية فتقول: لو قيّض للأرض على سبيل المثال ان تتحوّل الى مادة مطلقة في حالة انهيارها نظرياً… فإنّ حجمها لن يتجاوز حجم كرة القدم من المادة المطلقة، شيء مرعب…

شخصيّاً، أعتقد انّ هذا الانهيار الجذبي للمادة قد يحدث في كتل أصغر بكثير من ضعفي ونصف كتلة الشمس… قد يحدث في جسم بحجم جسم الإنسان. الفرق أنه في حالة النجوم العظمى يحدث انهيار مدوٍّ عنيف ساحق، ولكنه في حالة الإنسان صامت وئيد بلا جلبة، فقط حينما يصبح الإنسان مفرطاً في أنانيته، ومفرطاً في رغبته في المراكمة والاستحواذ، ومفرطاً في ذاتيته، إعلم انّ هذا الشخص قد انتصرت قوة الجذب المركزي فيه على قوة الانبعاث بعيداً عن المركز… التي تعبّر عن ذاتها، إيثاراً وعطاءً وتضحيةً. ذروة هذا الانهيار الصامت تتمثل في حتى منهجة وفلسفة هذا الانهيار… وفي حالة إنساننا ظهور نظريات، ومعظمها، انْ لم نقل كلها، صاغها وابتدعها الإنسان الأبيض، من مثل… البقاء للأفضل، الغاية تبرر الوسيلة، نظريات “آدم سميث” في الاقتصاد، وغير ذلك كثير… أوردت بعضها للتمثيل لا للحصر.

حينما يصبح ذلك العضو الذي أريدَ له ان يشدّ الذات الإنسانية بعيداً عن التحوصل نحو المركز، والاندفاع نحو الرغبات والجنوح الأناني، وترويض القوة الجاذبة المركزية لتصبح أقل وحشية وحدة وأقل رغبة في الاستحواذ على حساب الاندفاعة بعيداً، او الانتصار للأنا المثالية… حينما يصبح هذا العضو مجرد أداة للفلسفة والتبرير لظاهرة توحش الإنسان وأنانيته على حساب الآخرين… إعلم انّ هذا الإنسان قد انهار انهياراً جذبياً للمادة، وما هو إلّا ثقب أسود يسير على قدمين.

سميح التايه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى