حديث الجمعة

قانون قيصر …لن نرحل

فوجئتُ اليوم صباحاً باتصال من الكاهن الأب الياس زحلاوي (أبي الروحي)… سألني من أول كلمة آلو:

ـ ريم أنتي شو كاتبة؟؟؟

وقع قلبي من الرعبة… وقلتُ لنفسي: أكيد وصل للأب زحلاوي شي منشور مثير للجدل من منشوراتي المشاغبة…

ـ ليش أبونا؟؟؟ شو في؟؟؟ والله أنا مظلومة…

ـ مظلومة شو يا ريم؟؟؟ في إلك مقال على موقع إعلامي ثقافي فرنسي كبير مترجم للفرنسيّة وقد أحدث ضجة في فرنسا… المقال بعنوان (ردّ امرأة سورية على قانون سيزر)… ماذا فعلتِ يا ريم؟؟؟ لقد أبكيتِ الناس… أنا نفسي رغم أني قرأته بالفرنسية لم أتمالك نفسي عن البكاء…

تصوّري أن المترجمة بدأت مقالك بجملتك : بسم الله وسورية والمقاومة…

وكتبت بالتعريف بكِ:

( د. ريم عرنوق هي كنز مكتشف حديثاً, كلماتها تضع بلسماً على الجروح, لذلك فأنا أشاركها مع كل من يحتاج الشفاء…. )

بصراحة ابتسمت في قلبي الذي وقع قبل قليل, وسألت أبانا:

ـ يعني مانك زعلان مني؟؟؟؟

ـ بالعكس يا ريم… فرحان كتير فيكي…

هذا نص منشوري بالعربية بتاريخ 7 حزيران:

كلمتين هيك صغار قبل ما روح على الشغل….

هاتان الكلمتان موجهتان للسوريين المغتربين, ليس جميعهم كي لا تقوم القيامة على رأسي, فبعض مغتربينا السوريين أكثر وفاء وإخلاصاً من العديد جداً من السوريين الفاسدين الخونة…

هاتان الكلمتان موجهتان فقط للسوريين براً الذين قرأت البارحة منشورات حمدهم وشكرهم لله تعالى كونهم لا يعيشون معنا في سورية, وقد وصل الأمر ببعضهم أن قال : كل مين بدو يحكي عن الحنين والاشتياق للوطن سأبصق في وجهه…

تمام لهون؟؟؟

وهما أيضاً موجهتان للسوريين جوا الذين كتبوا يعبرون عن رغبة عارمة لديهم بالهجرة, ساخرين بأنه في حال فتحت الدول أبوابها لهم سيزدحم مطار دمشق بالهاربين من جحيم الغلاء والفساد ووو…

لهؤلاء فقط, ومليون خط تحت فقط, أوجّه كلامي وأقول:

حبيباتي السعداء في دول برا الحامدين ربكم على عدم وجودكم معنا في سورية…

الله يهنيكم ويفتح بوجوهكم ويعطيكم ليرضيكم, يعطيكم لينسيكم إيانا…

أجل أجل… ينسيكم إيانا…. نسونا يا أخي… نسونا واتركونا…

نحنا هون بسورية مرتاحين هيك, مبسوطين يا أخي… متضايقين من الفساد والغلاء والدولار الحقير والتجار الوسخين والمسؤولين الحراميّة وو و… بس مبسوطين ومرتاحين, رغم كل شيء, رغم نق الفيس والشعور العام بالقهر والدوار بسبب الدولار…

نحن كالسمك لا نستطيع أن نعيش خارج ماء سورية, نحن كالشجر نموت إذا انتزعت جذورنا من تراب سورية…

نحنا هيك يا أخي…. متعلقين بهالأرض, بهالتراب, ما فينا بلا بحرنا, بلا جبالنا, بلا زيتونّا, بلا مية الشام وخير السويدا, بلا صابون حلب وحلاوة حمص…

ما فينا ما فينا… ما فينا نعيش بلا ريحة هالأرض… أنا شخصياً ممكن موت نظامي إذا بنام 3 أيام برا سورية…..

نحن عندما نتحدث عن الوضع الاقتصادي نتحدث من قهرنا, من وجعنا, من غضبنا, ولكننا رغم كل الزفت الذي في وضعنا الاقتصادي مستعدون أن نأكل التراب ولا نرحل…

أقسم بذات الله في حلب 2014 شربنا ماء المطر الذي جمعناه من الصواني على الشرفات عندما قطع عنا الإرهابيون ماء فراتنا, ولم نرحل, ولم نترك حلب…

أليس هذا الماء ماء سمائنا السورية؟؟؟ أليس هذا التراب تراب أرضنا السورية؟؟؟

يا سيدي أحلى على قلوبنا من العسل…

أنتو تصطفلوا, عم تحمدوا الله أنكم لست في سورية… تصطفلوا… إذا كان لديكم ذرة احتمال للعودة إلى سورية فقد ماتت الذرة… تصطفلوا…

ونحنا كمان نصطفل…

نصطفل في عشقنا لأمنا سورية, سورية أمنا التي ولدتنا بالألم وربتنا بالسهر وشالت من فمها وأطعمتنا, واليوم جار عليها الزمان وأنذال الزمان…. هل نتركها؟؟؟ هل ننفر منها؟؟؟ هل ينفر الإنسان من أمه الفقيرة المتعبة؟؟؟ أم يقبّل قدميها ويقول: سامحيني يا يوم إذا لحظة وحدة تذمرت منك؟؟؟!!

عندما كنتُ صغيرة كان تعلقي شديداً بالكنيسة والمسيح والعذراء, كان إيماني بالله قوياً ومتجذراً داخل روحي…

اليوم الله في عيوني هو سورية, والمسيح هو كل جندي في الجيش, كل شهيد وكل جريح, والعذراء كل أم سورية أنجبت أبطالاً يحمون وطنهم…

هذا هو إيماني اليوم, وأنا متمسكة به حتى آخر رمق… كنتُ متمسكة فيه بحلب عندما كان بيني وبين سكين جبهة النصرة شارع واحد, ولا زلت متمسكة به في دمشق وبين ليرتي والدولار 2000 ضعف…

أنام وأصحو وأنا أقول: بسم الله وسورية والمقاومة…

الله يهنيكم حيثما كنتم, فقط لو كنتم عاشقين مثلنا لفهمتم كلامنا…

حبة من ترابك بكنوز الدني…

د. ريم عرنوق

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى