أولى

عود على بدء: كوسوفو

– شكلت حرب كوسوفو الإشارة الأهم لمرحلة إعادة صياغة المشهد الأوروبي في مرحلة ما بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، عبر رسم خرائط جديدة تفكّكت عبرها دول ولدت من رحمها دول جديدة، ولم يكن خافياً أن حلف الأطلسي لعب دوراً عسكرياً محورياً في هذه الحرب، رغم احتمائه بقرارات صادرة عن مجلس الأمن في زمن الانكفاء الروسي والصيني عن خوض أي مواجهة ورغم مزاعم الدفاع عن حقوق الإنسان والأقليات، والظهور بمظهر المدافع عن أقليات مسلمة بوجه اضطهاد جماعات مسيحية متطرفة.
– الجوهري كان إشعال نزاع أهلي على أسس عرقية دينية، تم حسمه قسراً عبر القوة العسكرية الخارجية على خلفية الانتقام من كل ما يمتّ بصلة لروسيا ولو على الصعيد العرقي والديني. وما يجري اليوم من عودة لمؤشرات العنف المتصاعد بين كوسوفو وصربيا ليس إلا أول الغيث في مرحلة جديدة عنوانها عودة الروح الى حضور روسيا ومن يمتّ إليها بصلة، ولن تتأخر المؤشرات اللاحقة عن الظهور.
– هذه المرة لن تفلح القوة العسكرية للأطلسي بمنع هذا المشهد الأوروبي من الظهور مجدداً، والشعور الأوروبي العام هو الخوف والقلق من تداعيات حرب أوكرانيا بما هو أبعد من المال والاقتصاد، وصولاً إلى الخوف من التورط بحرب سبق وخاضها الأوروبيون بحماس.
– أوروبا التي ولدت على أنقاض تفكك الاتحاد السوفياتي تدخل عملية فك وتركيب جديدة لن تستطيع خلالها الحفاظ على هذه الوحدة، والانسحاب البريطاني الاستباقي إيذانا بنهاية مهمة تشكيل الاتحاد، مع فشله بفرض الحصار على روسيا، هو أيضاً أول إشارة قانونية لانسحابات لن تتأخر عندما يبدأ سعر اليورو بالتدهور، ومؤشرات التفكك الاقتصاديّ حاضرة في المقاربات المصلحية المتناقضة لملف الغاز والطاقة والعلاقة مع روسيا.
– طالما قرر القادة الأوروبيون أنهم مجرد ذيل تابع للسياسات الأميركية فإن الأحلام التي بنيت بأكلاف مرتفعة سوف تنهار بأكلاف مرتفعة أيضاً.
التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى