مقالات وآراء

هل نحتاج إلى انتصار جديد؟

‭}‬ ريم عبيد
قبل استشهاده، وبعد حرب تموز 2006 مباشرة، انتشر مقطع مصوّر للحاج عماد مغنية، ذكر فيه كلمة الروح ما يزيد على عشر مرات، وكان يصرّ على أنّ الروحية هي من تصنع الانتصارات… ولكن لا بدّ من عمل عسكري يعين على إحياء هذه الروحية عبر ترجمة حية وعملية.
وبالحديث عن معادلة قوى الدولة الإجمالية، والتي هي عبارة عن جمع الجغرافيا مع القوة العسكرية والقوة السياسية والقوة الاقتصادية والقوة الاجتماعية وغيرها من أنواع القوة وأخيراً ضرب الروح المعنوية، حاصل هذه المعادلة يساوي صفراً، ما يعني أنّ كلّ هذه القوة لا تعني شيئاً بلا روح معنوية.
وعليه يحاول الغرب الآن من خلال سياسته المتبعة في الدول العربية وخاصة في الخليج، عبر اتفاقيات التطبيع المذلة أن يضرب الروح المعنوية عند عموم الشعوب العربية، بداعي أنّ تمدّده هذا يضعف قوى المقاومة، ويوسّع دائرة تأييده، ومساحته الجغرافية، وبالتالي يحاول إيهام الشعوب العربية بأنه بذلك ومع هذه الإمكانيات التي وفرتها له الدول العربية المطبعة أصبح أقوى، وبأنه أصبح عصياً على الهزيمة، وبأنه عاد الى ترسيخ معادلة أنه «الجيش الذي لا يُقهر»، يُضاف الى كلّ ذلك الإمكانيات العسكرية التي يملكها والتي يحاول بين فينة وأخرى الإعلان عن تحديثات، وإنتاج تقنيات متطورة، تفوق قدرة المقاومة، فضلاً عن أجهزة الاستخبارات وأجهزة التجسّس البالغة الدقة، ويضع كلّ هذه المعطيات في حملات إعلامية تخضع لمؤثرات بصرية، وإنتاجات فنية خاصة، يهدف من خلالها الى ضرب الروح المعنوية .
وصحيح أنّ القوة الإعلامية التي يملكها محور المقاومة، بدأت تتمظهر بشكل مختلف عما سبق، وبشكل أقوى، إلا أنها لا تزال حتى اللحظة مقصّرة، إنْ لم نقل عاجزة، عن خلق حالة من التوازن مع ما يملك العدو من قدرات في هذا المجال.
وصحيح أنّ استثمار الأحداث العالمية ومنها على سبيل المثال مونديال قطر 2022، لتعميم فكرة أنّ من يؤيد العدو «الإسرائيلي» هي فقط الأنظمة بينما لا تزال الشعوب حتى هذه اللحظة رافضة، وما جرى في هذا الحدث مهمّ فعلاً ويُبنى عليه.
يُضاف الى هذا الضخ الإعلامي أيضاً، الجناح الإعلامي التابع لعرين الأسود، الذي يوثق باللحظة كلّ العمليات البطولية، التي لولاه لكان الكيان «الإسرائيلي» استطاع أن يخفيها ويحول دون انتشارها في كلّ انحاء العالم، أو حتى أن تصل إلى عموم الشعب الفلسطيني، بهدف قتل الروح المعنوية، او خلق حالة من الإحباط في صفوف المقاومين، الهدف منها إظهاره أنه هو الذي يحقق الإنجازات فحسب.
ولا يمكن أن ننسى الحرب الإعلامية التي مارستها قوى المقاومة إبان حرب تموز، والتي كانت ترفع المعنويات بصورة لا متناهية، سواء على مستوى الإعلان عن العمليات وعن تحقيق ضربات في قلب العدو، او عن الخطابات الثورية الصادقة التي كلن يطلقها أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله.
ولكن اليوم وفي أجواء ذكرى استشهاد القادة، تعيش الشعوب حالة الأمل بأن تعود الروح المعنوية التي شعر بها كلّ مواطن في أيام تموز، رغم الألم والدماء والشهداء الذين ارتقوا، ورغم التهجير من الأراضي، ولا تتحقق عودة هذه الروح المعنوية، إلا بعمل عسكري ضخم، تكون نتيجته التأكيد أنّ المقاومة حاضرة بعتادها وعدتها وعديدها وقوّتها وسطوتها، وإمكانياتها، وثباتها، وقدرتها على ضرب الكيان ضربات موجعة، تنسف كلّ جهوده في بث الوهم بأنه يتمدّد مجدّداً وبأنه يستعيد قدرته على الأرض.
ولا يكفي أن تكون جبهة واحدة فقط هي التي تتحرك، فالوضع الحالي، مضافاً اليه الضغط الاقتصادي والحصار المفروض، يدفع باتجاه أن يكون هناك تحرك وازن على الأرض.
فهل تتحضّر قوى المقاومة لما يعيد للشعوب العربية روحية تشبه تلك التي كانت تحملها قبل سنوات في مرحلة ذروة الصراع مع الكيان «الإسرائيلي» وتحقيق الانتصارات المتتالية عليه…؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى