أولى

سلامة… لا السياسة ولا القضاء بخير

لا يمكن الفصل في تقييم مواقف الحكومة والقضاء في ملف حاكم المصرف المركزي عن بعضها البعض، ولا عن سياقها التراكمي، فيمكن للحكومة أن تقول إنها لم ترد التدخل في ملف قضائي فتركته للقضاء، لكن علينا أن نسألها عن موقفها عندما كان سلامة موضوع ملاحقة قضائية وتدخلت الحكومة لحمايته وأسماه رئيسها بضابط أركان في حالة حرب لا يمكن تغييره، ورفض التغيير سابق للمطالبة الراهنة بإقالته.
لا تستطيع الحكومة، ولا يستطيع رئيسها ادعاء الحياد المهنيّ في قضية رياض سلامة، لأن تاريخ علاقتها بالملف مليء بالمواقف التي تؤكد أنها تقف مع سلامة في خندق واحد، وأنها تغطي سلامة في تجاوز حدود صلاحياته ووضع يده على صلاحيات من اختصاص الحكومة، مثل تقرير تقديم الدعم لسلع معينة وقيمة هذا الدعم، وفرض أكلاف إضافية على سلع أخرى وقيمة هذه الأكلاف، أو إجراء حسم على رواتب شرائح وظيفية وتقديم إضافات وعلاوات على رواتب شرائح أخرى، تحت مسمّى تقرير سعر الصرف المعتمد في احتساب الدولار، فرئيس الحكومة يستسهل التخلص من متاعب ومصاعب مناقشات الحكومة وتوازناتها، من خلال نقل صلاحية الحكومة في كل ما يتصل بالشأن المالي إلى حاكم المصرف، كما يفعل الحاكم بنقل صلاحيات المجلس المركزي الى التشاور بينه وبين رئيس الحكومة، فيقرران معاً، ما ليس من اختصاصهما بموجب القانون، وما يحتاج على ضفة رئيس الحكومة إلى الحكومة، وعلى ضفة الحاكم الى المجلس المركزي.
أما القضاء الذي تشارك مع الحكومة في طبخة فصل القاضية غادة عون دفاعاً عن سلامة، كما تشارك معها في حماية القاضي طارق بيطار الذي تمادى في التطاول على المستوى السياسي والمستوى القضائي، بما لم تبلغه القاضية عون، وتجاوز حدود سلطاته وصلاحياته بما لم تقاربه غادة عون، بحيث صارت قضية الحكومة والقضاء المشتركة ضد غادة عون هي الدفاع عن سلامة، والقضاء هو القضاء نفسه الذي قال إنه لم يجد سلامة ليبلغه مذكرة الاستدعاء أمام القضاء الفرنسي، بل استقبل سلامة ليحجب عنه ملاحقته من القضاء الفرنسي، فهل نصدق أن الأمور تجري بما يستحق منا التصفيق السيادي لسلطة القضاء؟
رياض سلامة ترقى من رتبة حاكم مصرف إلى رتبة حاكم بلد، وهذه هي الحقيقة المخفية التي ظهرت الى العلن، وحتى انتهاء ولايته على الأقل، لن يتجرأ أحد على الاقتراب منه؛ والله أعلم!

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى