أولى

الانتخابات المبكرة… أحسنت دولة الرئيس

سبق ودعونا من هذه الزاوية الى التفكير جدياً بالانتخابات النيابية المبكّرة أمام الاستعصاء الذي يظهر في أداء المجلس النيابي في إنجاز الاستحقاق الدستوريّ الأهم، هو انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وكلام نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب من منبر رئيس مجلس النواب نبيه بري بهذا الاتجاه، تعبير عن حقيقة مفادها، أن كلّ من يفكر بخلفية غير فئوية في كيفية الخروج من هذا الاستعصاء بوسائل ديمقراطية لن يجد طريقاً آخر في التقاليد الديمقراطيّة غير الدعوة للانتخابات النيابية المبكّرة، وهي فرصة لإجراء الانتخابات البلدية المتعثرة.
المجلس النيابي منقسم بطريقة تجعل من شبه المستحيل إنتاج أغلبية كافية لانتخاب رئيس للجمهورية في ظل التوازنات الحالية التي ترسم المشهد النيابي، ولعل أبرز دليل هو ما جرى في جلسة 14 حزيران، التي شهدت أضخم عمليّة فك وتركيب للتحالفات، ورسمت تموضعاً جديداً سُمّي بالتقاطع حول انتخاب المرشح جهاد أزعور، فاجتمع تحت عباءة هذا التقاطع حشد استثنائيّ غير مسبوق في تاريخ المجلس، بعودة الحزب التقدمي الاشتراكي الى تحالف 14 آذار الذي غادره ثم انضمام ثلاثة أرباع نواب التغيير إليهم، رغم أنهم جاؤوا تحت شعار «كلن يعني كلن». والمقصود كان رفض كل من فريقي 8 و14 آذار، وأضيف الى هذا التحالف العريض الخصم التاريخيّ للقوة المركزيّة فيه، الذي يمثله التيار الوطني الحر بعدائه التاريخي مع القوات اللبنانية، وعداء التغييريين معه وجعله عنوان شعاراتهم في ثورة 17 تشرين، ورغم كل ذلك تكون النتيجة عجز هذا التحالف الواسع عن بلوغ الـ 60 صوتاً، بينما كانت 14 آذار وحدها تؤمن الـ 71 صوتاً بقيادة الرئيس سعد الحريري في انتخابات مجلس 2009، وعلى الضفة المقابلة ورغم التحالف العريض الجديد الذي جرّد قوى 8 آذار من حليفها التقليدي التيار الوطني الحر، تنجح 8 آذار بتجميع رقم مشابه لكل المتحالفين ضدها فتحصد 51 صوتاً، بدون التيار الوطني الحر.
هذا يقول إن المجلس فعل أقصى ما يستطيعه أطرافه لإنتاج أغلبية كافية للخروج من الاستعصاء الرئاسي وفشل فشلاً ذريعاً. فالتقاطع الذي رشح أزعور بمعزل عن مضمون خياره وتقييم هذا الموقف، حاول بالمعنى الديمقراطي تجنيب المجلس النيابي الإفلاس الديمقراطي، مشكوراً، لكنه فشل وباتت ضرورية مواجهة ساعة الحقيقة، وجوهرها، أن المجلس عاجز عن إنتاج رئيس، وأنه لا بدّ من العودة إلى انتخابات نيابية مبكرة، ربما تحفز شخصية مثل الرئيس سعد الحريري على العودة إلى الساحة، وربما تعيد إنتاج مشهد جديد بإرادة الناخبين في محاسبة نوابهم على خياراتهم الرئاسية التي تسبّبت بالاستعصاء. وبكل الأحوال فإن النيابة أمانة مشروطة، والفشل في أداء موجباتها يستدعي بالحد الأدنى وبمعزل عن السؤال حول الجدوى والنتائج، إعادة الأمانة إلى أصحابها وهم الناخبون ليقرروا ما يفعلون؟
الانتخابات النيابية المبكّرة مخرج ديمقراطيّ إصلاحيّ وسياديّ، فما هو رأي الديمقراطيين والإصلاحيين والسياديين؟

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى