أخيرة

دبوس

ما قبل جلبوع ليس كما بعده

الإرادة والذكاء والروحية، هي العوامل الثلاثة التي انبثق عنها واحد من أعظم معجزات الهروب من السجون في التاريخ، لقد كان عنصرا الإرادة والروحية، قبل نفق جلبوع، حكراً على زنود وأفئدة أسودنا في البعدين العربي والإسلامي، مقارنة مع القصور الفادح لمقاتلي الصهاينة في هذه المنطقة، وكان عنصر الذكاء محلّ تساؤل بالنسبة لنا، نتيجة لإخفاقات مضنية خلال عقود من الصراع مع هذا العدو، كان للخيانة ولقياداتٍ لا تتسم بالموهبة، وضعت علينا قسراً، ولم نملك، بأيّ حال من الأحوال خيار وصولها الى سدّة القيادة، السبب الجوهري في ما أصابنا، ولكن الحقيقة الراسخة التي كنا نعرفها بدون مواربة هي انّ العدو اعتبر نفسه، وبدون مجادلة صاحب اليد العليا في ما يتعلّق بالذكاء وبالنبوغ الفكري، لتأتي حادثة نفق جلبوع، فتثبت لهذا العدو، أنه حتى في هذه الحيثية، فإنّ ما يدّعيه من تفوّق موهوم هو محلّ الكثير من الجدل والشك واللايقين…
لقد وجّهت ضربة قاضية فنية في هروب الجلبوع، قامت بها ثلّة من الأسرى، الى ذلك الغرور والصلف الذي اتسمت به عنجهية متجذرة في عقل هذا العدو، فارتطمت بنيته النفسية الصدئة بحقيقة صارمة، تفيد بأنّ كلّ هذا الصرح الذي شيّده لذاته هو محض أوهام، وفي الصميم من ذلك، تفوّق عرقيّ مُدّعى، لا يمكن تأسيسه على أيّ أساس راسخ، والدليل على ذلك، هذا الهروب العظيم، من أيقونة السجون الاسرائيلية، والذي زوّد بأحدث وأرقى وسائط المراقبة والتحسّس والاستشعار، وما زاد الطين بلة، انّ هذا حدث بإمكانيات لا تكاد تذكر، ولكن خلف هذه الإمكانيات المتواضعة، كانت هنالك إرادة فولاذية وروحية شامخة وذكاءٌ منقطع النظير، وقفت إزاءه القدرات الصهيونية وهي تضرب أخماساً بأسداس…
معضلة هذا العدو، أننا ومنذ أخذت القوى التحتانية الشعبية زمام أمورها بيدها، أيّ منذ نشوء حزب الله، والمقاومة الفلسطينية المنبثقة من القاعدة الشعبية، والحشد الشعبي، وأنصار الله، ونحن، وبإمكانيات متواضعة، نكيل للعدو، أكان الصهيوني أو الأوليغارشي الأنجلوساكسوني لطمات متلاحقة، تؤشر بالضرورة الى هزيمته المطلقة في ايّ نزال مقبل، خاصة أننا نراكم الإمكانيات والخبرات بطريقة متسارعة، ونغلق شيئاً فشيئاً ذلك البون الذي كان شاسعاً بين إمكانياتنا وإمكانياته.
سميح التايه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى