نقاط على الحروف

مرتضى وحردان وسناء محيدلي

ناصر قنديل
– يشترك غداً الساعة الرابعة بعد الظهر في قاعة المكتبة الوطنية في وزارة الثقافة، وزير الثقافة محمد وسام مرتضى، مع رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي أسعد حردان، في إطلاق كتاب «الأيقونة» الاستشهادية سناء محيدلي، فيكسر وزير الثقافة عرفاً كرّسه في الوزارة باستبعاد المناسبات الحزبية عن منابرها تأكيداً لحيادها بين الأحزاب، لا بين الخيارات؛ ويأتي حردان الى حدث ثقافي أراده من منبر وزارة الثقافة، لإحياء سيرة الاستشهادية سناء محيدلي التي رعى تجربتها القومية التي توّجتها عروساً للمقاومة، من موقعه قائداً مؤسساً في مسيرة المقاومة، كما رعى إنتاج الكتاب الذي يروي سيرتها ويختزن بين دفتيه ما قيل فيها وعنها وهو كثير ولافت، وجدير بالاستعادة لتنشيط ما ضمر في الذاكرة، من العبر والمعاني والأبعاد، فما هي الرسالة التي يريد هذا اللقاء إيصالها؟
– الوزير الذي اختار أن يكون حارساً للحدود السيادية للهوية الثقافية اللبنانية، والتي يقع في صلبها رفع منسوب الوعي لخطورة المشروع الصهيوني على لبنان، وحيوية ثقافة المقاومة في مواجهته وحماية لبنان من أخطاره، وجد في إنتاج ذاكرة ثقافية، يمثل الكتاب إحدى أدواتها، مهمة راهنة يجب أن يتصدّرها الذين كتبت بدمائهم السطور الذهبية من التاريخ اللبناني الحديث، وسناء نموذج فريد من هؤلاء، فهي رمز لجيل من الشباب الذين قرّروا ردم الفجوة في موازين القوى بين بلدهم الضعيف وعدوّهم القويّ، بتفجير أجسادهم، وكان النهر المتدفق منهم، صواريخ دقيقة تصيب الاحتلال في كبده، من أحمد قصير يفجّر جسده الشاب في مقر الحاكم العسكري في صور، إلى بلال فحص ينسف رتلاً مدرعاً في الزهراني، حتى تكفل هؤلاء الذين تزيّنهم سناء على حاجز باتر، برسم خريطة المواجهة مع الاحتلال، ويقع بينها في بلدات وقرى ودساكر أكثر من برق ورعد، في سيمفونية موسيقية ضوئية مبهرة، تفرض معادلة جديدة، قالت إن بقاء الاحتلال في المناطق التي احتلها بات مستحيلاً، وإن العزم الذي يبديه هؤلاء الاستشهاديون، يقول إن هذا الشعب لن يتوقف عن إرسال شبابه وبناته، الذين حققت سناء المساواة بينهم دون ضجيج وعجيج، في الميادين وبالدم، قالت تساوينا تحت سقف الوطن. هذه الثقافة التي لا تقبل نظرية قوة لبنان في ضعفه، وتتمسّك بأن قوة الحق تهزم حق القوة، وأن لا قوة في الأرض تستطيع أن تمنع الشعوب التي تبذل التضحيات لنيل استقلالها وتحرير أرضها، من بلوغ أهدافها، وجدها الوزير أمامه في كتاب، والكتاب اختصاص الوزارة، وعنوانه الأيقونة سناء، التي ملأت الكلمات عنها أكثر من أربعمئة صفحة عبرت ألسنة القادة في لبنان والبلاد العربية واجتمعت على مائدة مجدها الذي وهبته للوطن، كلمة عابرة للطوائف اللبنانية، وبكل هؤلاء جالت العالم، فكانت التجسيد الحي لمفهوم «المقاومة توحّدنا، والاحتلال يفرقنا».
– رئيس الحزب القومي أسعد حردان المثقف العقائديّ الآتي من ساحات المقاومة، يستشعر أن المقاومة التي نجحت بأبطالها وشهدائها أن تلحق الهزيمة بالاحتلال، تواجه ساحة حرب جديدة معقّدة، ميدانها الثقافة، وأدواتها الكلمات، وساحتها الذاكرة، فاستحضر السلاح الأفعل، النموذج الحيّ للشباب الذي تجسّد في مثال سناء، العروس التي قال فيها الرئيس نبيه بري يوم استشهادها، نام طفل العمر على يديك وأبيتِ النوم إلّا على كتف التاريخ، لعمري إنه عشق الشهداء! رسموا لك العريس رجلاً واخترته رسم إله. ينثر الورد في الأعراس ونثرت العروس في الأرجاء، فكانت سناء، جواباً ثقافياً يستعين به حردان ومعه حزب سناء، لمخاطبة الجيل الذي يريدون تدمير بنيته الثقافية ومنظومة القيم التي تبنى عليها هويته، وأخذه إلى العدم والتيه والضياع والشذوذ، فاستعار كلمات سناء في وصيتها، لتحفر لنفسها مكاناً بين أهل الثقافة، وتكتب هي الخبر فتكون عروس الإعلاميّات، ويكون استشهادها حدثاً ثقافياً وإعلامياً بامتياز، حيث تناقش سناء كل فلسفة الحياة والوجود والقيم، وتقول: أنا لم أمُت بل حيّة بينكم أتنقل، أقبّل أياديكم فرداً فرداً لا تبكوني، لا تحزنوا عليّ، لو تعرفون إلى أيّ حد وصلت سعادتي، أني ذاهبة إلى أكبر مستقبل، لحمي الذي تناثر في الأرض سيلتحم في السماء، أنا لم أذهب لأتزوّج ولا لكي أعيش مع أي شخص، بل ذهبتُ للشهادة الشريفة الباسلة السعيدة.
– إعادة بناء الذاكرة عمليّة ترافق نهوض الأمم، وإبعاد الشعوذة عن عقول الشباب وقلوبهم يحتاج إلى أيقونة، يرون فيها القدوة والمثال، لسلم قيم يمثل الوطن فيه بيضة القبان، وتشكل الحياة فيه مسرحاً للحضور النقيّ والبهيّ، ويكتب فيه التاريخ بفرح العطاء حتى الاستشهاد، البداية هي بالحياة وقفة عز فقط والختام إلى سناء در، شعار المرحلة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى